“البروتوكول الإضافي”.. هل يفتح الطريق للحوار بين طهران وواشنطن؟

يوسف بنده

رؤية

في العام 2015، بعد جولات من التفاوض وبضغط أمريكي، وافقت طهران على “البروتوكول الإضافي”، الذي يسمح بالتفتيش “التطفلي والمفاجئ”، وإعطاء التصاريح اللازمة لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والسماح للمفتشين بالبقاء في أراضيها لمدة طويلة من الزمن، ويتيح للمفتشين الدخول إلى أي موقع يثير شكوكهم في أي مكان بالبلاد.

ويزيد البروتوكول الإضافي الموقع في عام 1993، من قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على التحقق من سلمية المنشآت النووية عبر عمليات للتفتيش ووسائل أخرى.

وبموجب الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران في 2015 مع ست قوى عالمية وانسحب منه ترامب العام الماضي، يجب على طهران أيضا السعي للتصديق على البروتوكول الإضافي بعد ثمانية أعوام من توقيع الاتفاق النووي في نفس الوقت الذي تلتزم فيه الولايات المتحدة بإلغاء نهائي للكثير من العقوبات المفروضة على طهران.

وبعدما انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية، في 8 مايو 2018، من خطة العمل الشاملة المشتركة (تطبيق الاتفاق النووي)، وأعقبه بعد ذلك، عودة العقوبات الأمريكية على إيران، في ظل رغبة الرئيس الأمريكي الجمهوري، دونالد ترامب، في تعديل الاتفاق النووي. ومحاولات ترامب جر إيران إلى طاولة المفاوضات من خلال ممارسة سياسة “أقصى ضغط”، أو من خلال استخدام سياسة ناعمة، منها التصريحات التي تدعو إلى الحوار غير المشروط. بدأت إيران استخدام سياسة مماثلة في إطار الرد بالمثل.

الضغط الاستراتيجي

يقول المساعد الخاص السابق للرئيس أوباما، دينيس روس -في تقرير نشره معهد واشنطن- إن إيران ترد الآن على سياسة “أقصى ضغط” التي تنتهجها إدارة ترامب من خلال ممارسة ضغوط قصوى على دونالد ترامب نفسه.

ويُعتبر تقليص الوقت للوصول إلى قدرة اختراق العتبة النووية -والتشديد على عدم قدرة إدارة ترامب على منعها- إحدى الوسائل المتبعة من قبل إيران لزيادة الضغوط. كما ترفع طهران عتبة أعمالها التهديدية في المنطقة. إذ يتم استهداف المطارات المدنية وخطوط أنابيب النفط ومحطات ضخ النفط السعودية كل بضعة أيام من قبل الحوثيين انطلاقاً من اليمن بواسطة طائرات بدون طيار وصواريخ مزوّدة من إيران؛ وقد تمّ تخريب ست سفن في حادثتين مختلفتين بواسطة ألغام مغناطيسية جنوب مضيق هرمز؛ كما تمّ ضرب قواعد في العراق تتواجد فيها قوات أمريكية بصواريخ أطلقتها ميليشيات شيعية مسلحة ومدربة من قبل الإيرانيين.

وفي الوقت الحالي، يبدو أن إيران تفضّل تصعيد الضغوط التي تمارسها على الولايات المتحدة. وطالما لا يخشى المرشد الأعلى من أن تتخذ الولايات المتحدة خطوات عسكرية أو أن تؤدي الضغوط الاقتصادية إلى تعريض السلام المحلي للخطر، فمن غير المرجح أن يقبل بأي اتفاق في أي وقت قريب.

التفاوض المشروط

من الواضح أنه بعد يأس طهران من رحيل الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، تريد إيران الوصول إلى نموذج كوريا الشمالية الذي رصدت محادثاته مع واشنطن، حيث تم الوصول إلى مفاوضات معلنة مع إيقاف العقوبات والتوترات، دون الوصول إلى نتائج نهائية في أسرع وقت، ورهن النتائج بتحركات ومواقف دول الجوار.

ولذلك، تصر طهران على حصر عملية التفاوض في إطار اتفاق “5 1″، وعدم الخروج عن المسألة النووية.

وكذلك تشترط لبدء عملية التفاوض؛ رفع العقوبات كشرط أساسي للدخول في أي عملية حوار. وهو ما أكد عليه الرئيس الإيراني، حسن روحاني، في 14 يوليو الماضي، بأن بلاده مستعدة للتفاوض مع أمريكا، إذا تم رفع العقوبات.

والتفاوض المشروط، الهدف منه؛ هو رمي الكرة في ملعب الأمريكان. وتحاول إيران أيضًا ألا يخرج حوارها مع واشنطن عن المظلة الدولية، فالحوار في إطار الاتفاق النووي، يعني في إطار الأمم المتحدة التي صدقت على هذا الاتفاق.

والإصرار على الإنطلاق من الاتفاق النووي للتفاوض، وتقديم الضمانات الكافية من جانب طهران؛ يعني أن إيران تصر على طمأنة المجتمع الدولي وليس واشنطن وحدها؛ حتى تضع الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة المجتمع الدولي.

اللعب بورقة “البروتوكول الإضافي”

يبدو أن طهران تحاول بكل قوة الوصول لنقطة رفع أو تجميد العقوبات الأمريكية، من أجل استعادة النظام توازنه واستقراره الداخلي، ومن ثم يستطيع أن يبرر عملية التفاوض مع واشنطن في إطار الاتفاق النووي.

فقد صرح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، بأن بلاده قد تصدق على الفور على “البروتوكول الإضافي” الذي يعطي مفتشي الأمم المتحدة المزيد من السبل للتحقق من سلمية برنامجها النووي إذا تخلت واشنطن أيضا عن العقوبات المفروضة على طهران.

لكن طهران ملزمة بحسب الاتفاق الموقع في العام 2015 بتطبيق البروتوكول وبالتالي لم يتضح ما هو التنازل الذي يقدمه ظريف في هذا المقترح الذي يبدو مناورة جديدة للالتفاف على الالتزامات النووية.

ووفقا لتقرير صحيفة الجارديان البريطانية قال ظريف “إذا أراد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المزيد مقابل المزيد بوسعنا أن نصدق على البروتوكول الإضافي، ويمكنه أن يرفع العقوبات التي فرضها”.

وربما يقصد ظريف هنا بالمزيد، هو الإسراع في التطبيق العملي، للبروتوكول الإضافي، والسماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالحصول على ما يؤكد لها أن إيران لن تنتج القنبلة الذرية.

وكذلك، من الممكن أن يكون عرض ظريف بداية لتعديلات محتملة في بنود الاتفاق النووي، ومنها مسألة مدة الاتفاق التي يعترض عليها الرئيس ترامب. فيقول “دينيس روس” إنه قد توافق إيران على تمديد أحكام “النفاذ الموقوت” لمدة تتراوح بين 10 و15 عاماً، وكذلك على الحدّ من استخدام القذائف والصواريخ والبنية التحتية العسكرية في سوريا ولبنان، مقلّصةً بذلك من احتمال اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقاً بين إسرائيل وإيران. وفي المقابل، قد ترفع الولايات المتحدة العقوبات النووية وتستحدث آلية ذات أغراض محددة تسمح للشركات الأمريكية والدولية بممارسة أعمال تجارية في إيران طالما تلتزم طهران بمجموعة صارمة من القواعد. صحيح أن هذه الآلية لن تمنح كل جانب جلّ ما يرغب به، لكن نتائجها للجانبين ستكون أفضل من المأزق الحالي.

ردود أفعال

وقد عبر مسؤول أمريكي عن تشككه في الأمر، وقال: إن إيران تسعى للحصول على تخفيف للعقوبات دون تقديم شيء يذكر في المقابل.

وحسب وكالة رويترز، قال المسؤول -الذي طلب عدم ذكر اسمه- “مناورتهم بأكملها هي مجرد محاولة للحصول على أي تخفيف ممكن للعقوبات فيما يحتفظون بقدرتهم على امتلاك سلاح نووي في المستقبل”.

واعتبر أن إيران “تحاول أن تظهر خطوة صغيرة” على أنها تنازل كبير، مشيرا إلى أن المقترح الإيراني لن يوقف تخصيب اليورانيوم ولن يفعل أي شيء حيال دعم إيران لوكلائها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان.

ومن جانب آخر، فقد علقت الصين على اقتراح طهران،  بانه “إشارة إيجابية”.

وتتخذ الصين دائمًا موقفًا مؤداه أن الامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، وكذلك التنفيذ الكامل والفعال لخطة العمل الشاملة المشتركة، هو السبيل الفعال الوحيد لحل المشكلة النووية الإيرانية. وفي ظل الظروف الحالية، يتعين على الطرفين ممارسة ضبط النفس والحفاظ على الهدوء والحوار في إطار هذه الخطة.

ربما يعجبك أيضا