البضائع في خطر.. تزايد حدة الصراع في البحر الأحمر يرفع تكاليف الشحن

توقعات بتراجع حركة التجارة بين الشرق الأقصي وأوربا بسبب الصراع في البحر الأحمر

مصطفى خلف الله
سفن نقل البضائع

تزايدت اضطرابات حركة ملاحة سفن الحاويات في البحر الأحمر، ما دفع شركة “ميرسك” الدنماركية، أكبر شركة شحن حاويات بالعالم، لتوقع خفض طاقة الشحن بين الشرق الأقصى وأوروبا بما يتراوح بين 15% و20% في الربع الثاني من 2024.

وذكرت الشركة في بيان، أن نطاق الخطر بالبحر الأحمر توسع مع امتداد نطاق الهجمات البحرية، وهذا يجبر السفن التابعة للمجموعة على إطالة مسارات رحلاتها، ما يؤدي إلى ارتفاع التكاليف، وزيادة المدة اللازمة لإيصال البضائع إلى وجهاتها.

اضطرابات حركة الشحن في البحر الأحمر

توقعت المجموعة الدنماركية، التي ينظر إليها كمؤشر لاتجاهات التجارة العالمية، استمرار اضطرابات حركة الشحن في البحر الأحمر حتى نهاية العام على أقل تقدير.

وأشارت “ميرسك” إلى أنها تبذل ما في وسعها لزيادة اعتماديتها، بما في ذلك من زيادة لطاقتها الاستيعابية، وسرعة الإبحار، مضيفة أنها استأجرت أكثر من 125 ألف حاوية إضافية.

المخاطر الجيو سياسية

وقالت وكالة ستاندرد اند بورز جلوبال في تقرير، إذا كانت هناك اضطرابات ممتدة، فإن قطاع السلع الاستهلاكية سيواجه التأثير الأكبر.

وأوضح خبراء النقل البحري أن المخاطر الجيو سياسية ستؤثر على تكلفة نقل البضائع بشكل كبير ، مع البحث عن بدائل تسمح بوصول البضائع الى وجهتها لتلبية الطلب المحلي وتجنب خسائر اقتصادية كبيرة لدول المنشأ.

سلاسل توريد الشحن

سفن حاويات

سفينة حاويات

وفي الوقت نفسه، يسعى المصدرون لإيجاد سبل لتوصيل السلع الاستهلاكية الرئيسية للمشترين بما في ذلك عن طريق الجو، إذ تسببت سلسلة من الهجمات في البحر الأحمر في تفاقم مشاكل سلاسل توريد الشحن البحري في أماكن أخرى.

ويري أحمد سلطان الخبير الدولي للنقل البحري واللوجستيات، أن حركة نقل البضائع في البحر الأحمر ستواجه العديد من الصعوبات بسبب الأحداث السياسية والعسكرية لكنها لا يمكن أن تتوقف أبدا.

تكاليف إضافية

وقال في تصريح خاص لـ “شبكة رؤية الإخبارية”، إن الأسواق ستكون متعطشة لمزيد من البضائع وبالتالي تخلق طلبًا كبيرًا سيترجم إلى دفع الدول المنتجة لتلبية جميع الاجتياجات حتي في ظل ارتفاع درجة المخاطر، لكن الأمر سيكون له تكاليف إضافية خاصة مع صعوبة تسليم هذه البضائع بشكل أمن.

وأوضح أن صعوبة نقل البضائع ستتمثل في ارتفاع تكلفة الشحن وربما زيادة الوقت المحدد لنقل هذه البضائع ما بين دول الشرق الأقصى وأوروبا، وبالتالي سيكون الأثر الكبير متعلق بتكلفة الحصول على السلعة وليس فقدانها.

الخسائر المفاجأة

وأشار أحمد سلطان الخبير الدولي للنقل البحري واللوجستيات، إلى أن شركات الشحن تقوم بالتغلب على الصعوبات التي تواجهها أثناء عمليات النقل بالتأمين الكلي على البضائع لجنب الخسائر المفاجأة، كما أنها ستبحث عن مسارات بديلة أكثرا أمانًا حتي وإن كانت طويلة، لكن سيكون هدفها الأساسي إيصال البضائع إلى وجهتها المحددة لتلبية الطلب.

جان كلاين لاستويس، الرئيس التنفيذي للعمليات للشحن الجوي لدى شركة الشحن الألمانية هيلمان وورلد وايد لوجيستيكس، قال في تصريحات صحفية، إن الشركات تحاول التحول إلى ما يسمى بالنقل متعدد الوسائط للحفاظ على سلاسل التوريد العالمية، والتي تتضمن طريقا بحريا وجويا مشتركا.

طرق بديلة

أضاف أن ذلك يعني نقل البضائع أولا بحرا إلى ميناء في دبي، ومن هناك يتم نقلها عن طريق الشحن الجوي، وقال كلاين لاستويس، إن هذا الطريق البديل يسمح للعملاء بتجنب منطقة الخطر في البحر الأحمر والرحلة الطويلة حول الطرف الجنوبي لإفريقيا.

سفن نقل البضائع

نقل البضائع

وأضاف أن العديد من تجار التجزئة، وخاصة في صناعة الأزياء، غيروا في السابق خططهم الخاصة بالاستيراد، وتحولوا إلى الشحن البحري باعتباره وسيلة النقل السائدة.

مناطق جديدة للصراع

وتابع :”أن هيلمان شهدت زيادة في الطلب على الطريق الجوي والبحري المشترك للسلع الاستهلاكية مثل الملابس وكذلك الإلكترونيات والمواد التقنية”.

قالت شركة “هاباج لويد” الألمانية لشحن الحاويات، إنها تواصل تجنب البحر الأحمر وخليج عدن، وأن منطقة الخطر المرتبطة بالهجمات المحتملة لم تمتد إلى البحر المتوسط.

وأضافت الشركة في تعليقات عبر البريد الإلكتروني لرويترز قائلة: “ما نراه هو أن نطاق الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن يتسع أكثر فأكثر، ولهذا السبب نتجنب هذه المنطقة تمامًا”.

وذكرت شركة تيلويند شيبينج لاينز، وهي شركة تابعة لسلسلة متاجر ليدل الألمانية منخفضة الأسعار، والتي تنقل السلع غير الغذائية لشركة ليدل بالإضافة إلى البضائع لزبائن من أطراف ثالثة، إنها تقوم بشحن البضائع حول رأس الرجاء الصالح في الوقت الحالي قائلا: “هدفنا هو أن نبقى قريبين من جدولنا الزمني قدر الإمكان”.

الشحن الجوي

وقال بول براشير، وهو نائب رئيس قطاع بمجموعة سلسلة التوريد آي.تي.إس لوجيستيكس إن بعض الشركات قد تختار استخدام الشحن الجوي للسلع العاجلة أو الحرجة بشكل خاص، لكن التكلفة تعني أنها ليست حلا شاملا.

وقال جيب كلولو، الشريك في مجموعة صناعة النقل التابعة لشركة المحاماة ريد سميث “هذا لا يتطلب وقتا ونفقات إضافية فحسب، بل يؤدي أيضا إلى تفاقم التأثير البيئي من خلال زيادة استهلاك الوقود”.

وأضاف كلولو أن توقيت هذه القضايا الأمنية يزيد من الصعوبات التي يواجهها المشغلون حيث توجد بالفعل اضطرابات عبر قناة بنما بسبب الجفاف.

الأثر الاقتصادي

قال كوري رانسلم، الرئيس التنفيذي لشركة درياد جلوبال البريطانية لاستشارات المخاطر البحرية والأمن، إن نحو 35 ألف سفينة تبحر عبر منطقة البحر الأحمر سنويا وتنقل البضائع بين أوروبا والشرق الأوسط وآسيا، وهو ما يمثل حوالي 10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وقال “في ظل تهديد ممتد ستشهد أسعار الوقود والبضائع المتجهة إلى أوروبا ارتفاعا كبيرا بسبب زيادة تكاليف التحويل حول أفريقيا وهو ما يمكن أن يضيف نحو 30 يوما إلى العبور اعتمادا على ميناء الوصول”.

ربما يعجبك أيضا