التحدث إلى الأطفال يحسن كفاءة أدمغتهم

بسام عباس
أم تتحدث إلى طفلها

كشف بحث جديد عن أن التحدث إلى الأطفال في سنوات عمرهم الأولى يمكن أن يساعد في تشكيل بنية أدمغتهم النامية.


وجدت دراسة قادها باحثون في جامعة إيست أنجليا البريطانية أن استماع الأطفال الصغار للأحاديث بانتظام يمنحهم خلايا عصبية أكثر كفاءة.

وأظهرت فحوصات أن مناطق معالجة اللغة في أدمغة الأطفال والرضع بها تركيز أعلى من مادة الميالين، وهي الغلاف العازل الذي يحيط بالخلايا العصبية، ويسمح لها بإرسال الرسائل على نحو أسرع وأكثر كفاءة، وفق ما نقله موقع كونفرزيشن.

تطور الدماغ

ركز البحث الجديد في فحوصات الدماغ على مادة الميالين، وما إذا كان المزيد منها يؤثر فعليًا في القدرات اللغوية لطفل يبلغ عامين ونصف العام، وهو ما لم يكن معروفًا، لكن الباحثين اكتشفوا أن له فوائد مهمة، وفق ما جاء في تقرير نشر أمس الثلاثاء 16 مايو 2023.

وأضاف أن التفاف مادة الميالين حول خلية عصبية يشبه إلى حد ما وضع شريط لاصق على أنبوب به ثقوب، ويساعد الخلية العصبية في الحصول على المزيد من إشاراتها من النقطة (أ) إلى النقطة (ب)، ما يعزز اتصالها بالخلايا العصبية الأخرى.

وقال عالم النفس المعرفي بجامعة إيست أنجليا، جون سبنسر، إن الرسالة الموجهة إلى مقدمي الرعاية واضحة، وهي ضرورة التحدث إلى الأطفال الرضع، فهم لا يستمعون فقط، لكن مدخلات لغتك تشكل أدمغتهم حرفيًّا، ورغم أن هذه الرسالة بسيطة، لكنها تقدم بعض النتائج المعقدة.

إجراءات الدراسة

أجريت الدراسة، التي نشرتها مجلة “علم الأعصاب”، على أكثر من 140 طفلًا ورضيعًا ارتدوا أجهزة تسجيل صوتي صغير في سترات مصنوعة خصيصًا لمدة تصل إلى 3 أيام، وسجل الباحثون أكثر من 6200 ساعة من الأحاديث، ووجدوا أن الأطفال الذين تحدث إليهم البالغون باستمرار أنتجوا أصواتاً أكثر مقارنة بغيرهم.

وأخذ الفريق نحو 84 من الأطفال المشاركين في الدراسة إلى المستشفى، حيث ناموا في غرفة هادئة خاصة، واستخدم الباحثون فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي لقياس كمية الميالين في أدمغتهم. ووجدوا أن التحدث للأطفال فوق عمر 30 شهرًا ارتبط بزيادة الميالين في المسارات المتعلقة باللغة في الدماغ.

 أهمية التحدث إلى الطفل

أوضح سبنسر أن نمو دماغ الطفل يمر بنحو طبيعيّ عبر مراحل، فدماغ الطفل ينشغل ببناء خلايا جديدة، وفي بعض الأحيان ينشغل بتنقية الخلايا التي بناها، لافتًا إلى أن تطور الدماغ يأتي في السنة الأولى، وبحلول السنة الثانية، يكتسب الطفل بالفعل 80% من حجم دماغ الشخص البالغ.

وأضاف أن هذه التجربة تشير إلى أهمية التحدث إلى الطفل في 6 أشهر، مثل أهميته في سن 30 شهرًا، ولكنه يؤثر في الدماغ على نحو مختلف، لأن الدماغ تكون في “حالة “مختلفة في ذلك العمر، وفي عمر 6 أشهر يؤدي سماع المزيد من اللغة إلى تأخير تكوّن النخاع وتسهيل نمو الدماغ.

أهمية التحدث إلى الطفل في الـ 6 أشهر الأولى

أهمية التحدث إلى الطفل في الـ 6 أشهر الأولى

مزيد من البحث

في تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية، أوضحت أستاذة علم الأعصاب الإدراكي التنموي بجامعة لندن، سالوني كريشنان، أن يوجد حاجة إلى مزيد من البحث لفهم دور مادة الميالين في التعلم، لافتة إلى أنه لم يثبت بعد أن تكاثر النخاع في هذه المناطق مفيد للغة المستقبلية أو التطور المعرفي.

وأشارت إلى أن دراسات كثيرة كشفت عن أن التعرض للغة أمر مهم لتطور لغة الطفل ومفرداته، والقواعد التي يتعلمها، بالإضافة إلى التفكير اللفظي. إلا أن كيفية ترجمة هذه المهارات إلى عمليات في الدماغ لم تعرف بعد.

وأوضحت الدراسة أن أدمغة الأطفال، بعد ساعات قليلة من ولادتهم، تظهر عليها علامات تدل على أنها بالفعل تتعلم أصوات اللغة، وأن التحدث إلى الأطفال يرتبط بالمهارات اللغوية المحسنة على المدى الطويل.

طرق جيدة للتحدث

ذكر موقع كونفرزيشن أن الدراسات السابقة وجدت أن الأطفال في سن الرابعة إلى السادسة، ممن أجروا محادثات أكثر مع البالغين لديهم تركيز عالٍ من مادة الميالين في مناطق الدماغ المرتبطة باللغة، لافتًا إلى أهمية إجراء المزيد من البحوث لفهم كيفية ترجمة هذه التغييرات الهيكلية إلى تعلم اللغة.

وكشف سبنسر عن طرق مختلفة يمكن التحدث بها إلى الرضع والأطفال الصغار، مثل القراءة والغناء والتحدث إلى البالغين الآخرين في حضورهم، مشيرًا إلى أن الأبحاث وجدت أن الأطفال الذين نشأوا في بيئات غنية باللغات لهم تطور لغوي مبكر.

تحدث مع طفلك والعب معه

تحدث مع طفلك والعب معه

وأضاف أن إحدى سبل التحدث إلى الأطفال هي ملاحظة ما يلعبون به والانضمام إليهم في اللعب. وانطق أسماء الأشياء التي يلعبون بها، واذكر ألوانها وأشكالها، واصنع أصواتًا مضحكة. لافتًا إلى أن كل هذا سيساعد في الحفاظ على انتباههم ومساعدتهم على ربط الكلمات بالأشياء.

اقرأ أيضًا: دراسة تكشف عن تأثير خطير لتنفس الهواء الرديء في الأطفال

اقرأ أيضًا: كيف تؤثر التغيرات المناخية على صحة الأطفال؟

ربما يعجبك أيضا