الترحيل القسري… سياسة الوجه الجديد الى ألمانيا الجديدة تجاه اللاجئين

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد
 
منذ تشكيل الائتلاف السياسي الحاكم وتسلم البافاري هورست زيهوفر منصب وزارة الداخلية خلال شهر سبتمبر 2018، وألمانيا تشهد بشكل متواصل سياسات وإجراءات جديدة ليست بصالح اللاجئين بهدف تقليص عدد اللاجئين في ألمانيا، وهذا ما أعلنه وزير الداخلية في برنامج عمله قبل استلام مسؤوليته.
 
أعلنت ألمانيا يوم 22 يناير 2019 تعليق مشاركتها في مهمة صوفيا التابعة للاتحاد الأوروبي لمكافحة تهريب البشر في البحر المتوسط وفقا لتقرير (د.ب.أ)، وأن البحرية الألمانية لن ترسل أي سفن أخرى قبالة السواحل الليبية، والتي تنتهي فترة تمديدها مطلع شهر مارس 2019.

وكانت المهمة قد بدأت في عام 2015 إبان أزمة اللاجئين، وتضمّنت المهمة حاليا تدريب قوات خفر السواحل الليبية، وتهدف المهمة أيضا إلى منع تهريب الأسلحة إلى ليبيا.
 
ومنذ بداية العملية الأوروبية أنقذت الوحدات التابعة للبحرية الألمانية وحدها 9455 لاجئا، وتم إنقاذ 22641 شخصا على يد وحدات أخرى تابعة للعملية الأوروبية التي شاركت فيها 25 دولة منذ شهر يونيو 2015، وبعد انتشال اللاجئين تم إغراق 351 قارب تهريب.
 
استراتيجية الترحيل السريع
 
أعلن الحزب المسيحي الاجتماعي بولاية بافاريا الألمانية مطلع شهر يناير 2019 أن أطراف الائتلاف الحاكم تعتزم إزالة أي عوائق ممكنة أمام ترحيل طالبي لجوء جنائيين، وذلك بعد هجوم الضرب الذي نفذه أربعة لاجئين في مدينة أمبيرغ، جنوبي البلاد. وقال رئيس الحزب البافاري ورئيس حكومة الولاية ماركوس زودر -يوم 03 يناير 2019، على هامش اجتماع مغلق للحزب- “تواصلتُ مع (رئيسة الحزب المسيحي الديمقراطي) أنجرت كرامب-كارنباور و(رئيسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي) أندريا نالس بخصوص هذا الأمر… يرون جميعا أننا بحاجة لحل لمثل هذه الحالات”.
 
وكشف وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر -يوم الأربعاء 23 يناير 2019 في برلين- أن عدد اللاجئين الذين دخلوا ألمانيا وسجلوا كلاجئين بلغ في عام 2018 حوالي 165 ألفًا. والرقم أقل من الحد الأدنى الذي نصت عليه معاهدة الائتلاف بين الاتحاد المسيحي برئاسة المستشارة أنغيلا ميركل والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وهو بين 180 و220 ألف لاجئ سنويًّا. ويذكر أنه في عام 2017 كان عدد اللاجئين المسجلين رسميًّا حوالي 198 ألفًا، وفي عام 2016 ما يقارب 280 ألفًا، وفي عام 2015 حوالي 890 ألفًا.
 
كتبت صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” -في عددها الصادر يوم 21 يناير 2019- أن عدد طالبي اللجوء الذين سلّمتهم ألمانيا لدول أوروبية أخرى بلغ عددًا قياسيًا. وقالت الصحيفة -في تقرير لها- إن عدد طالبي اللجوء الذين تم تسليمهم إلى دول أوروبية أخرى -من بداية 2018 وحتى نهاية شهر نوفمبر 2018- بلغ 8658 شخصًا، في حين كان 7102 شخصًا في عام 2017. واستندت الصحيفة في تقريرها على إحصائيات وزارة الداخلية الألمانية والتي جاءت في جواب على طلب إحاطة من حزب اليسار.
 
دول شمال أفريقيا هي المستهدفة
 
وتصاعدت سياسة الترحيل القسري في ألمانيا، خاصة إلى دول شمال أفريقيا، حيث رحلت ألمانيا أكثر من 1500 مهاجر ينحدرون من البلدان المغاربية خلال الـ11 شهرا الأولى من عام 2018. ويصنف هؤلاء المرحلون ضمن المهاجرين المخالفين للوائح الإقامة، بحسب وكالة الأنباء الألمانية د.ب.أ”.
 
وذكرت وكالة الأنباء الألمانية “د ب أ”، يوم 15 يناير 2019 في تقرير لها نقلا عن وزارة الداخلية الألمانية، أن 534 جزائريا و665 مغربيا و318 تونسيا جرى ترحيلهم من ألمانيا حتى شهر نوفمبر خلال عام 2018. وتعتبر هذه الأعداد أعلى من عدد المرحلين في كامل عام 2017 والذي بلغ 1389 مهاجرا من بينهم 504 جزائريين و634 مغاربة و251 تونسيا.
 
كما كشفت البيانات، حسب وكالة الأنباء الألمانية، أن 386 مهاجرا من تلك الدول اختاروا العودة إلى أوطانهم طوعا على امتداد عام 2018، من بينهم 266 جزائريا و53 مغربيا و67 تونسيا. وتسمح العودة طوعا للمهاجرين غير الشرعيين بالاستفادة من برامج تمويل من الحكومة الألمانية من أجل البدء بمشروعات خاصة بهم في دولهم الأصلية.
 
ومنذ استلام البافاري هورست زيهوفر، المحسوب على اليمين الوسط، منصب وزارة الداخلية مع تشكيل الائتلاف الحاكم في ألمانيا سبتمبر 2018، وألمانيا تعتمد سياسة تسريع الترحيل القسري إلى اللاجئين المرفوضة طلباتهم، خاصة من دول شمال أفريقيا وكذلك أفغانستان.
 
تقليص عدد اللاجئين هي استراتيجية اعتمدها هورست زيهوفر وأعلن عنها قبل استلامه وزارة الداخلية، باعتباره رئيس الحزب البافاري. واتخذ إجراءات عدة منها مسك الحدود مع النمسا وتشكيل مراكز “إرساء” ربما يتراوح عددها أربعة مراكز في عموم ألمانيا، تهدف إلى عزل المهاجرين الذين لا توجد لهم حظوظ جيدة باللجوء. واعتبرتها وزارة الداخلية “مراكز ترانزيت” على غرار المطارات، على ألا يبقى فيها الأشخاص أكثر من ثلاثة أيام فقط، يتم ترحيلهم فيما بعد إلى مراكز لجوء، تحت رقابة صارمة من أجل فحص الأوراق الثبوتية وترحيلهم بشكل أسرع.
 
وكانت حجة وزارة الداخلية، بأن غالبية العناصر التي تورطت بتنفيذ عمليات إرهابية، مثل الطعن بالسكين خلال عام 2017 و2018، هم من المرفوضة طلباتهم. وفي هذا السياق كشف عالم الإجرام الألماني كريستيان بفايفر -في دراسة جديدة، أخذت ولاية ساكسونيا السفلى كنموذج لها- أن طالبي اللجوء، الذين ليست لهم أي حظوظ للحصول على حق البقاء في ألمانيا هم الأكثر ميلًا لارتكاب أعمال إجرامية.
وكانت دول شمال أفريقيا تحتل الصدارة، وهذا ما دفع الحكومة الألمانية عقد اتفاقات ثنائية مع دول شمال أفريقيا من أجل تعهدها باستلام المرحلين والتعاون مع ألمانيا بإجراء التحقيقات حول أوراق ومستمسكات الثبوتية للمرحلين قسريا. هذه السياسة، تضع حد إلى سياسة ميركل السابقة والتي عرفت بحت اسم “الأبواب المفتوحة”.
 
وتركزت القرارات الجديدة الإسراع بترحيل من ليست لديهم فرصة للبقاء في ألمانيا وإنشاء مراكز استقبال خاصة، كما تتعامل بشكل محدد مع طلبات الساعين للجوء الذين لا تتوفر لديهم فرص جيدة لقبول طلباتهم.
 

يبدو أن الهدف من التشريعات الجديدة هو الترحيل السريع للاجئين المرفوضة طلباتهم، خاصة الوافدين من الجزائر والمغرب وتونس وأفغانستان ودول البلقان بعد أن صنفتها تحت باب “الدول الآمنة”.

ربما يعجبك أيضا