التصعيد بين حزب الله وإسرائيل.. هل تدق طبول الحرب؟

بعد فيديو «مسيرة الهدهد».. مخاوف من حرب شاملة بالمنطقة

محمد النحاس
مقاتلون من جماعة حزب الله اللبنانية

رغم المخاطر، إلا أنّ إسرائيل تبدي العديد من الإشارات على رغبتها في شن حرب ضد الجماعة اللبنانية المسلحة، لكن يعقد ذلك إدراك تل أبيب على إلحاق أضرار كبيرة بإسرائيل من خلال ترسانته الصاروخية المتطورة، فضلاً عن الجبهة الحالية المفتوحة في غزة منذ أكثر من 8 أشهر.


في اختراق خطير للدفاعات الإسرائيلية، نشر حزب الله مقطعًا مرئيًا مدته نحو 10 دقائق صورته مسيرة، دون أن يرصدها الاحتلال.

وأظهرت المسيرة “الهدهد” مشاهدة لمواقع حساسة بما في ذلك موانئ بحرية ومطارات لمدينة حيفا الواقعة على بعد 27 كيلومترًا من الحدود اللبنانية، ناهيك عن ميناء حيفا، ومواقع عسكرية استراتيجية في شمال إسرائيل، وأنظمة الدفاع الجوي ومواقع للقبة الحديدية ومقلاع داود، ومناطق سكنية.

رسالة لإسرائيل

يعد المقطع المرئي المنشور في الثلاثاء 18 يونيو 2024،والذي جرى بثه بعنوان: “هذا ما رجع به الهدهد”، بمثابة رسالة تحذيرية، مفادها أنّ ما تصل إليه إمكانات الرصد، قد تطوله إمكانات الاستهداف، وذلك في وقتٍ تتصاعد فيه تهديدات إسرائيل لشن عملية جنوب لبنان بهدف إبعاد حزب الله إلى وراء نهر الليطاني.

في غضون ذلك، قال الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء إنه وافق على خطط لهجوم داخل لبنان في حال اندلاع صراع كبير مع حزب الله، مضيفًا أن العملية تحتاج إلى موافقة الحكومة الإسرائيلية.

منذ 7 أكتوبر، تبادل إسرائيل وحزب الله إطلاق النار بعدما دعمت الميليشيا المرتبطة بإيران هجمات قامت بها حركة حماس الفلسطينية، والتي أشعلت حربًا في غزة. رغم تردد الطرفين في تحويل الأعمال العدائية إلى صراع أكبر، فإنهما يرسلان إشارات متزايدة بنيتهما توسيع القتال.

تصاعد التوترات

تبادلت القوات الإسرائيلية وحزب الله إطلاق النار والصواريخ بشكل متزايد على مدار الأسابيع الماضية، وعلى مدار أمس الثلاثاء، شنت الطائرات الإسرائيلية ضربات ضد فرق من وحدة الطائرات المسيرة التابعة لحزب الله التي “كانت ترسل طائرات مسيرات إلى إسرائيل”، وفقًا  لمزاعم الجيش الإسرائيلي.

من جانبه، أعلن حزب الله يوم الأربعاء عن مقتل 3 من مقاتليه، قائلا، إنه أطلق عشرات الصواريخ والقذائف على القوات الإسرائيلية ردًا على ذلك.

وفي غضون ذلك، دوّت صفارات الإنذار في شمال إسرائيل وقال جيش الاحتلال إن نحو 15 قذيفة دخلت أراضيه. وقال المسؤول السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، يوسي كوبرفاسر، إن موافقة الجيش الإسرائيلي على الخطط العملياتية لشن هجوم في لبنان هي “جزء من الجهود لإرسال رسالة إلى حزب الله لتقليص هجماته”.

مساعٍ أمريكية

كان المبعوث الأمريكي الخاص عاموس هوكستين في الشرق الأوسط هذا الأسبوع يسعى لمنع صراع أوسع من شأنه تعقيد محاولة إعادة انتخاب الرئيس بايدن بحلول نوفمبر القادم.

وزار هوكستين إسرائيل يوم الاثنين للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبل السفر إلى لبنان يوم الثلاثاء للقاء مسؤولين كبار.

وقال هوكستين في تصريحات صحفية الثلاثاء: “الوضع خطير.. لقد شهدنا تصعيدًا خلال الأسابيع القليلة الماضية، وما يريده الرئيس بايدن هو تجنب تصعيد أكبر إلى حرب واسعة النطاق”.

قدرات كبيرة

تأتي الجهود الدبلوماسية الأمريكية بعد ضربة إسرائيلية الأسبوع الماضي في جنوب لبنان أسفرت عن مقتل أحد كبار أعضاء حزب الله.

وردت الجماعة المسلحة بإطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل على مدى ثلاثة أيام.

تقدر إسرائيل أن حزب الله يمتلك أكثر من 150,000 صاروخ وقذيفة يمكن أن تقف الدفاعات الإسرائيلية  المضادة أمامها عاجزة إلى حد كبير، ما يجعل القتال ضد حزب الله مهمة صعبة للغاية.

خسائر الجانبين

وفقًا لجيش الاحتلال فقد أطلق حزب الله أكثر من 5000 صاروخ وصواريخ مضادة للدبابات وطائرات مسيرة متفجرة على إسرائيل منذ بدء الصراع، وفقد حزب الله ما لا يقل عن 338 مقاتلًا، حسب بيانات الحزب.

قُتل حوالي 95 مدنيًا لبنانيًا وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية والمسؤولين اللبنانيين. وفي شمال إسرائيل، قُتل ما لا يقل عن 17 جنديًّا وتسعة مدنيين، وفقًا لمركز ألما البحثي الإسرائيلي المعني بدراسة التهديدات على الجبهة الشمالية.

وأدى النزاع منخفض الوتيرة أكثر من 60,000 إسرائيلي نازحين عن منازلهم. وعلى الرغم من استمرار الهجمات المتبادلة لا زال الجانبان يمارسان درجة عالية من ضبط النفس، ويعد المستوى الحالي من الصراع منخفض مقارنةً بإمكانات إسرائيل وحزب الله. ويقول حزب الله إن هجماته تأتي دعمًا للفلسطينيين ولن تتوقف حتى توقف إسرائيل حربها في غزة.

تداعيات الحرب على إسرائيل

رغم المخاطر، إلا أنّ إسرائيل تبدي العديد من الإشارات على رغبتها في شن حرب ضد الجماعة اللبنانية المسلحة، لكن يعقد ذلك إدراك تل أبيب على إلحاق أضرار كبيرة بإسرائيل من خلال ترسانته الصاروخية المتطورة، فضلاً عن الجبهة الحالية المفتوحة في غزة منذ أكثر من 8 أشهر.

ويدرك العديد من القادة الإسرائيليين أن قوّة حزب الله تتجاوز بشكل كبير للغاية، قدرات حماس، فضلاً عن احتمالية إنخراط مجموعات أخرى من سوريا والعراق واليمن ضمن المحوّر الإيراني، في الحرب بشكل مباشر حال فتح جبهة حرب شاملة مع الحزب.

سياسة حافة الهاوية

أما حزب الله يسلك من جانبه سياسة حافة الهاوية، والتي يدرك بموجبها خطورة الوضع، ويدفعه لمداه الأقصى معولاً على أنّ المخاطر والتكلفة الباهظة ستردع الخصم عن الإقدام على شن حرب شاملة.

ويقول حزب الله إن هجماته التي بدأت في الـ 8 من أكتوبر، أي بعد يوم واحد من هجوم “طوفان الأقصى”، تأتي دعمًا للفلسطينيين ولن تتوقف حتى توقف إسرائيل حربها في غزة.

من جانبها، ترى كبيرة الباحثين بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، حنين غدار، بحسب تصريحات سابقة، أن إسرائيل لا تستطيع الدخول في حرب واسعة النطاق مع حزب الله دون دعم عسكري أمريكي، وهو أمر غير مرجح قبل الانتخابات الأمريكية في نوفمبر، وبالتالي فإن الهدف هو تحقيق الردع وتقليص هجمات حزب الله.

ربما يعجبك أيضا