خبراء يشرحون لـ«رؤية».. كيف تهدد التغيرات المناخية باختفاء القهوة؟

ياسمين سعد
محصول البن

أثرت التغيرات المناخية على محصول القهوة، وفي ظل الانخفاض الحالي نسأل، هل نتوقع اختفاء القهوة في المستقبل القريب؟ خبراء يجيبون.


هل تخيلت أن تذهب إلى أحد الكافيهات ولا تجد القهوة أو مشتقاتها ضمن قائمة المشروبات؟ هذا ليس ضربًا من الخيال، فمن الممكن أن يحدث ذلك في المستقبل بسبب التغيرات المناخية.

تتوقع مجلة “ناشيونال جيوجرافيك” انخفاضً كبيرًا في محصول القهوة بحلول عام 2050، مشيرة إلى أن زراعة القهوة لن تكون مناسبة في المناطق المعتادة، وهي بلاد البرازيل وفيتنام وكولومبيا وإندونيسيا وإثيوبيا.. فما الذي سيحدث لقهوتنا مستقبلًا حسب متخصصي التجارة والمناخ؟

تضرر الدول المنتجة للقهوة

شهدت البرازيل انخفاضًا غير مسبوق في درجات الحرارة، في حين أن البن يحتاج إلى أن ينمو في درجة حرارة تتراوح بين 13 و26 درجة مئوية، ما نتج عنه انخفاض محصول عام 2022 من حبوب القهوة.

وفي نفس الوقت يعاني البلد الثاني في إنتاج القهوة، كولومبيا، من الأمطار الغزيرة التي أدت إلى تعفن جذور القهوة. وتواجه حبوب القهوة في إثيوبيا خطر الاختفاء بسبب اتجاه المزارعين لزراعة نبات القات بدلًا من القهوة.

لماذا تغير مذاق القهوة؟

جميع هذه البلدان تصدر إلى العالم بن الأربيكا وهو أفضل أنواع البن في العالم، ومذاقه مختلف عن مذاق بن الروبيستا ضعيف النكهة، والذي من المتوقع أن يزداد انتشاره في الأسواق خلال السنوات القادمة، لندرة بن الأربيكا الشهي.

تواصلت شبكة “رؤية” الإخبارية مع رئيس شعبة البن بالغرف التجارية المصرية، حسن فوزي، الذي أشار إلى انخفاض محصول القهوة في البرازيل 25% بسبب عدم استقرار درجات الحرارة عما كانت عليه في السابق، منوهًا بوجود أزمة حقيقية في نقص البن.

محصول حبوب القهوة

محصول حبوب القهوة

هل ستختفي القهوة تمامًا؟

عن جودة البن الموجود في الأسواق حاليًّا، يقول فوزي: “كلما نقصت الكمية المطلوبة من البن في الأسواق، ارتفع سعرها، وتغيرت جودتها، فنحن نعتمد في مصر على بن الأربيكا الذي نحصل عليه من أمريكا الجنوبية، لأنه ذو المذاق الأفضل، وهو يغطي نسبة الثلثين من احتياجاتنا من البن، مقابل الثلث من بن الروبيستا الأقل جودة الذي نحصل عليه من دول جنوب شرق آسيا”.

وأضاف: “ما زال حاليًّا النقص في احتياجاتنا من البن طفيفًا، ولكنني أتوقع انخفاض المحصول في الفترات المقبلة أكثر وأكثر بسبب سوء الأحوال المناخية، ولذلك قد نلجأ إلى استخدام بن الروبيستا بقدر أكبر في المستقبل لسد هذا النقص، خاصًة وأن مصر لا تزرع حبوب القهوة، بل نستوردها 100%”.

سر ارتفاع أسعار القهوة ومشتقاتها

أشار فوزي إلى ارتفاع أسعار البن البرازيلي بسبب انخفاض المحصول من 38 و40 جنيهًا إلى 80 جنيهًا، موضحًا أن سعر طن بن الأربيكا يتراوح بين 4 آلاف و7 آلاف جنيه. أما البن الوارد إلى مصر من الهند وإندونيسيا وفيتنام والفلبين من نوع الروبوستا فيتراوح سعره من ألفين و700 إلى 4 آلاف جنيه للطن.

ووفقًا لإحصاءات عام 2021، وصل معدل استهلاك البن في مصر إلى 70 ألف طن سنويًّا. وذكر فوزي أن الطلب يزيد على شراء البن في فصل الشتاء أكثر من فصل الصيف، بسبب رغبة الناس في تناول المشروبات الساخنة.

محصول حبوب القهوة

محصول حبوب القهوة

تغير مذاق القهوة

مستشار برنامج المناخ العالمي، والأمين العام لاتحاد خبراء البيئة العرب، الدكتور مجدي علام، قال لشبكة “رؤية” الإخبارية، إن التغيرات المناخية أثرت في الزراعة بعديد من المناطق في أنحاء العالم، سواء عن طريق موجات الحر الشديد، أو موجات البرد الشديد، ما يفسد العديد من المحاصيل.

وعلق علام على تأثر زراعة حبوب القهوة بالتغيرات المناخية قائلًا: “بالطبع تأثر محصول القهوة بسبب التغيرات المناخية، وفي العموم تصدر البلاد إلى العالم البن ممزوجًا ببعض المواد الغذائية الأخرى التي تعطيه نكهة معينة، فحاويات القهوة لا تصل إلينا وهي تحمل بُنًّا صافيًا، وإنما نسبة معينة من البن بجانب المواد الغذائية”.

الزراعة الذكية

قال مستشار برنامج المناخ العالمي إن مذاق القهوة سيتأثر في المستقبل، لأنه “كلما انخفض محصول حبوب القهوة، تقل نسبة البن الصافي، وبالتالي تزيد المواد المضافة إليه، دون الحصول على المذاق الطيب الذي اعتدنا عليه”.

وأشار علام إلى أن الحل الآن يكمن في الزراعة الذكية في الصوب الزراعية التي تتحكم في المناخ، وقال: “الزراعة الذكية هي الحل لمشكلة التغيرات المناخية، لأن المزارع إذا أراد الزراعة في مناخ شتوي، سيضبط الصوب على المناخ الشتوي، والعكس بالعكس للمحاصيل الصيفية، وأعتقد أن المكسيك قد تلجأ إلى هذا الحل لتعويض نقص الفلفل الأحمر، كما تلجأ إليه بالفعل دول عدة منها مصر”.

ربما يعجبك أيضا