التنافسية الاقتصادية في العالم العربي.. ريادة إماراتية وانتعاشة مصرية

حسام عيد – محلل اقتصادي

تقرير جديد أطلقته مؤسسة التمويل الدولية، عضو مجموعة البنك الدولي، حول التنافسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي والبنك الدولي.

يأتي ضمن سلسلة من الدراسات التي تتناول التنافسية في مختلف المناطق، بهدف دعم رواد الأعمال في العالم العربي وتعزيز تنمية القطاع الخاص.

التقرير أوضح أن دول الخليج دعمت تمويل الشركات الناشئة خلال الفترة الماضية، منوهاً إلى أن دولة الإمارات لا تزال تحافظ على المركز الأول عربياً في التنافسية الاقتصادية.

وأشاد بالانتعاشة التي تشهدها اليوم قطاعات الاقتصاد المصري، بدعم من جهود الإصلاح التي تنفذها الحكومة.

تعزيز التنافسية في العالم العربي

أكد مؤيد مخلوف، مدير مؤسسة التمويل الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال إطلاق التقرير، أن المشاركين في التقرير، الذي يستند لـ 12 قضية مختلفة، يأملون أن يحفز من المناقشات حول التنافسية في العالم العربي، الأمر الذي من شأنه تعزيز الإصلاحات الحكومية في المنطقة والتي يمكنها فتح المجال أمام رواد الأعمال في المنطقة والشباب.

ومن جانبه قال ميريك دوسيك، نائب رئيس الأعمال الجيوسياسية والإقليمية بالمنتدى الاقتصادي العالمي إن العالم يتكيف مع التغيرات التكنولوجية غير المسبوقة والتحولات في أحجام الدخول والحاجة إلى مسارات أكثر استدامة للنمو الاقتصادي، مشددا على أهمية التنوع الاقتصادي وريادة الأعمال لخلق فرص عمل للشباب، ضاربا المثل بالإصلاحات في مصر التي تفتح المجال أمام القطاع الخاص وتدعم من توفير فرص عمل للشباب، ما عزز من النمو الاقتصادي، الذي يشهد “زخما مثيرا للاهتمام” على حد تعبيره.

وفي تعليقه على التقرير، أوضح ناجي بن حسين، مدير إدارة التمويل والتنافسية والابتكار في مجموعة البنك الدولي في واشنطن، أن التقرير يشير إلى تحقيق تحسن خلال العشر أعوام الماضية في مجالات مثل تطوير البنية التحتية والتكنولوجيا، فيما تواجه عدة دول مشكلات في تنويع اقتصادها وبناء قطاع خاص يتمتع بالحيوية والتنافسية ويمكنه من تعزيز الابتكار وخلق فرص عمل، مشيرا إلى أن المنطقة ستحتاج لتوفير 58 مليون وظيفة بحلول عام 2040 للحفاظ على معدلات البطالة عند مستوياتها الحالية.

وأشاد بن حسين بجهود الدول التي تستثمر حاليا في تأسيس اقتصاد ذو نمو أكثر استدامة ومتنوع، وفي الوقت ذاته العمل على زيادة فرص العمل، وأن هذه الدول تسير في الاتجاه الصحيح نحو الانفتاح والتنافسية، وأن التوقعات الاقتصادية المستقبلية القوية لبعض الدول ما هي إلا نتاج الاستثمار في العنصر البشري والإصلاحات.

جهود الخليج لدعم الابتكار

في السنوات الأخيرة، بذلت بلدان مجلس التعاون الخليجي (GCC) جهدًا متضافرًا لدعم الابتكار وتوفير التمويل الأساسي الحاسم للمؤسسات الناشئة.

وأوضح التقرير أن السعودية دشنت صندوق للاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة برأس مال مليار دولار، وفي البحرين، أطلق صندوقا برأس مال 100 مليون دولار، وأطلقت سلطنة عمان برأس مال بنحو 200 مليون دولار صندوق لدعم الشركات الناشئة.

الإمارات الأولى في الشرق الأوسط

حافظت الإمارات على مركزها الأول في مجال التنافسية الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، واحتلت المرتبة 17 في قائمة أكثر دول العالم تنافسية.

ويستند التصنيف إلى 12 عاملاً، تشمل التعليم، وصولاً إلى البنية التحتية، وتحظى جميعها بأهمية بالغة بالنسبة للإنتاجية والنمو الاقتصادي.

وأشاد تقرير البنك الدولي بشكل خاص بالنمو الذي تشهده الدولة على صعيد الاستثمار في شركات التقنيات الناشئة، مشيراً إلى أن هذا الاستثمار قفز من مستوى 100 مليون دولار إلى 1.7 مليار دولار خلال العامين الماضيين.

ووفقاً للتقرير “تشهد شبكات صناديق الاستثمار الخاصة نمواً في بعض الدول في العالم العربي، خاصة في الإمارات” مضيفاً أن “الأهمية البالغة لتلك الشبكات تكمن في أنها توفر التمويل وفرص التدريب لرواد الأعمال، كما تتيح لهم العلاقات اللازمة لدخول الأسواق”.

فيما كشف التقرير أن الاقتصاد السعودي من أكثر الاقتصادات تنافسيةً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث احتل المركز الثلاثين عالميًّا.

صعود لافت للمؤشرات المصرية

البنك الدولي شدد على ضرورة تسريع التقدم نحو بناء نموذج اقتصادي قائم على الابتكار يوفر الوظائف والفرص على نطاقات واسعة، مشيدا ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة المصرية وأنه لولا الإرادة السياسية للتغيير ما كان باستطاعة مؤسسة التمويل الدولية دعم القطاع الخاص بالقدر الذي وفرته خلال الفترة الماضية، خاصة وأن المؤسسة اختتمت العام المالي الماضي بالوصول لرقم قياسي جديد في حجم التمويلات حيث وصلت إلى نحو 1.2 مليار دولار، ولفت إلى أنه لو قامت حكومات أخرى بالإصلاحات ذاتها لكان هناك نتائج اقتصادية مختلفة للمنطقة.

بدوره، أكد الدكتور حافظ غانم  نائب رئيس البنك الدولى لشؤون افريقيا أن مصر شهدت تحسنا ملحوظا في مؤشراتها الاقتصادية مثل زيادة نسبة النمو وزيادة الاحتياطي النقدي، موضحا أن هذا التحسن يؤهل السوق المصري لاستيعاب المزيد من الاستثمارات.

ويشجع البنك المركزي المصري البنوك العاملة في مصر على رفع تمويلها للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لتصل إلى 20% من إجمالي المحفظة الائتمانية بحلول 2019.

وقال غانم إن البنك خصص 18 مليار دولار تمويلات للقارة الأفريقية خلال عام 2018 الجاري، موضحا أن حصة مصر من هذه التمويلات ستزيد خلال الفترة المقبلة.

وأوضح أن البنك يدعم قارة أفريقيا لتحقيق التنمية والقضاء على الفقر، مشيرا إلى أن افريقيا لديها قدرات كبيرة خاصة أن 70% من القارة عمرهم اقل من 30 عاما.

وقال إن البنك يدعم المشروعات الكبرى التي تربط بين دول القارة الأفريقية مثل مشروع طريق الأسكندرية – كيب تاون ومشروعات الربط الكهربائي وعمل شبكات كهربائية تربط بين الدول الأفريقية وبعضها البعض.

 

ربما يعجبك أيضا