التنقيب في السواحل الليبية يفجر أزمة برعاية تركية

ضياء غنيم
التنقيب في السواحل الليبية يثير مخاوف الداخل وحفيظة الخارج

توقيع حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا مذكرة تفاهم مع تركيا للتعاون في مجال التنقيب في السواحل الليبية أثار استياءً داخليًّا وإقليميًّا ودوليًّا


أثارت مذكرة التفاهم بشأن التنقيب في السواحل الليبية بين تركيا وحكومة الوحدة الوطنية، التي سحب البرلمان الثقة منها، ردود فعل واسعة، أعادت للأذهان أزمة مذكرة ترسيم الحدود البحرية 2019.

وألقت المذكرةالتي تمنح تركيا حق التنقيب عن النفط والغاز في الساحل الغربي الليبي، بالبلاد في أتون أزمة إقليمية متصاعدة، مع تخلي أنقرة نهائيًّا عن موقف الوسيط بين الحكومتين اللتين تتنازعان الشرعية في البلاد، وأرسلت إشارات سلبية لقوى عربية وإقليمية تسعى لإعادة تطبيع العلاقات مع حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان.

التنقيب في السواحل الليبية

أثار توقيع حكومة الوحدة الوطنية، يوم الاثنين الماضي 3 أكتوبر 2022، مذكرة تفاهم مع الحكومة التركية، للتعاون في مجال التنقيب في السواحل الليبية، واستخراج الموارد الهيدروكربونية (النفط والغاز)، ردود فعل غاضبة في الداخل، بعدما شمل الاتفاق التنقيب وتأسيس شركات مشتركة بين المؤسسة الوطنية للنفط الليبية ونظيرتها التركية، حسب ما ذكر موقع “بوابة الوسط” الليبي.

وردًا على تلك الخطوة، ذكر بيان للمجلس الرئاسي الليبي، يوم أمس الثلاثاء، أن إبرام المعاهدات والاتفاقيات الدولية مع الدول الصديقة والشقيقة يتطلب التشاور مع المجلس، “ولتدخل الاتفاقات حيز التنفيذ، يتطلب اعتمادها من المجالس التشريعية”.

«النواب» و«الدولة» يعترضان

فيما عُد الاتفاق أحد مساعي رئيس حكومة الوحدة، عبدالحميد الدبيبة، لتأمين بقائه في السلطة، مقابل مصالح تركية دائمة في ليبيا وشرق البحر المتوسط، هاجم 73 عضوًا بالمجلس الأعلى للدولة في طرابلس ما وصفوه بـ”الانتهازية السياسية من الأشقاء الأتراك”، وانتقدوا “الاتفاق الغامض” في بنوده وأهدافه وتوقيته، حسب ما نقلت صحيفة “الشرق الأوسط“.

وفي شرق البلاد، وصف 90 نائبًا بمجلس النواب “الاتفاق الغامض” بأنه اعتداء على ثروات الشعب الليبي، ولا يترتب عليه أي مسؤولية حاليًّا أو مستقبلًا، لأنه يمثل حكومة “منتهية الولاية” تتجاوز الصلاحيات المنصوص عليها في الاتفاق السياسي.

باشاغا يتشاور مع الشركاء

وجه رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح، اليوم الأربعاء، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، تفيد ببطلان أي مذكرات تفاهم تبرمها “حكومة عبدالحميد الدبيبة منتهية الولاية”.

وفي حين أعلنت رفضها للاتفاقيات بين تركيا وحكومة الوحدة، قالت الحكومة المكلفة من البرلمان، برئاسة فتحي باشاغا، إنها تدرس الرد لمناسب على تلك الخطوة، بعد التشاور المباشر مع الشركاء الوطنيين والإقليميين والدوليين، وذكرت في بيان، اليوم، أن رئيس الحكومة كلف نائبه، علي القطراني، بمهامه لحين عودة من السفر، دون تحديد وجهة باشاغا، حسب موقع  “ليبيا المستقبل“.

المواقف الإقليمية

تمخض عن محادثة هاتفية جمعة وزيري الخارجية، المصري سامح شكري، واليوناني نيكوس دندياس، يوم الاثنين، تمسك البلدين بأن حكومة الوحدة المنتهية ولايتها “لا تملك صلاحية إبرام أي اتفاقيات دولية أو مذكرات تفاهم”، حسب ما ذكر بيان لوزارة الخارجية المصرية، الذي نقل عن الوزير دندياس أنه ينوي زيارة القاهرة للتشاور في هذا الشأن، يوم الأحد المقبل.

وهاجم المتحدث باسم الحكومة اليونانية، جيانيس أويكونومو، الثلاثاء، الاتفاق وما وصفه بـ”مساعي تركيا لتزييف الحقائق”، بناءً على اتفاق سابق بين أنقرة وحكومة الوفاق الليبية السابقة في نوفمبر 2019، الذي ألغاه عمليًّا الاتفاق المصري اليوناني 2020 بشأن تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة لكلا البلدين، مشددًا على أن بلاده ستدافع عن حقوقها السيادية وفق القانون الدولي، حسب صحيفة “كاثميريني” اليونانية.

واشنطن وبروكسل ترفضان

في ذات السياق، انتقد الاتحاد الأوروبي الخطوة التركية المبنية على مذكرة ترسيم الحدود البحرية 2019، كونها لا تمتثل لقانون البحار 1982، وتنتهك الحقوقة السيادية لدول ثالثة، ودعا للامتناع عن أي أعمال تقوض الاستقرار الإقليمي، حسب ما أورده موقع “سكاي نيوز عربية”.

وكذلك، انتقدت وزارة الخارجية الأمريكية موقف حكومة الوحدة، برشاسة الدبيبة، كونها ملزمة بموجب الاتفاق السياسي، بعدم النظر في اتفاقات جديدة تضر بعلاقات ليبيا الخارجية، أو تفرض عليها التزامات طويلة الأمد، حسب ما نقل موقع “عين ليبيا” المحلي.

ربما يعجبك أيضا