الجفاف يهدد الأمن الغذائي وإمدادات المياه في تونس

شيرين صبحي

جفت السدود وأصبحت الخزانات فارغة في أسوأ جفاف تشهده تونس على الإطلاق. وبدأ المواطنون يدفعون الثمن، مع دخول قرار قطع المياه لمدة سبع ساعات في الليل حيز التنفيذ.

أدخلت وزارة الزراعة التونسية في البلاد نظام حصص لمياه الشرب في مارس الماضي وحظرت استخدامها في الزراعة حتى 30 سبتمبر، مع استمرار الجفاف الذي دخل عامه الرابع الآن.

معاناة بسبب غياب الماء

تستخدم سميرة عثمان البالغة من العمر 54 عاماً، وهي أم لأربعة أطفال، نفس المياه التي تستخدمها في الشرب للطهي والتنظيف.

تقول “نحن في معاناة بسبب غياب الماء، في الكثير من الوقت لا نقوم بغسل ثيابنا. تبقى متسخة لمدة شهر. يوجد جيران قريبون منا لديهم الماء في الكثير من الأوقات نأخذ قواريرنا ونذهب لهم ليقوموا بتعبئتها لنا لنرجع ونقوم باستعمالها”.

وفي حي دار فضال الشعبي، على بعد كيلومترات قليلة من مطار تونس قرطاج الدولي، يفتح شفيق اليعقوبي صنبور الماء، لكن لا شيء يخرج منه، ويعتمد على جيرانه بدلًا من ذلك. يقول اليعقوبي “هذا هو الوعاء الذي نستعمله لنأتي بالماء وهذه الحنفية ليس بها ماء، نقوم بتعبئته من الجيران لنستعمله”.

الغرامة والسجن للمخالفين

حظرت وزارة الفلاحة التونسية استخدام المياه الصالحة للشرب في غسيل السيارات وري المساحات الخضراء وتنظيف الشوارع والأماكن العامة. ويواجه المخالفون خطر الغرامة والسجن لمدد تتراوح بين 6 أيام و6 أشهر.

وقال سكان إن السلطات التونسية قطعت مياه الشرب ليلًا في بعض مناطق العاصمة ومدن أخرى خلال الأسبوعين الماضيين في محاولة لخفض الاستهلاك، وفي خطوة أثارت غضبًا عارمًا.

تأجيج التوتر الاجتماعي

يهدد القرار الجديد بتأجيج التوتر الاجتماعي في بلد يعاني من ضعف الخدمات العامة وارتفاع معدلات التضخم وضعف الاقتصاد.

وقال الخبير في الموارد المائية بالمرصد التونسي للمياه علاء مرزوقي إن “تسارع وتيرة التغيرات المناخية وتطرفها خاصة من خلال الظواهر الطبيعية المتطرفة من جفاف، موجات برد، فيضانات ومن رياح عاتية، هذا كله أصبح واضحا، أي المواطن البسيط يستطيع ملاحظتها، لذا يجب علينا أن نتجهز جيدًا ولا نترك أنفسنا لآخر ثانية لمواجهة هذه الظواهر الطبيعية المتطرفة”.

تواصل انقطاع المياه

أضاف مرزوقي “انقطاعات المياه متواصلة منذ سنوات على عديد المناطق والتي تصل لأشهر وفي بعض المناطق هناك عائلات قطع الماء عليهم لسنوات وليس فقط أشهر، وهذا التقسيط ليس بالجديد عليهم، التقسيط اليوم هي محاولة لتخفيض استعمالات المياه ويتركنا لندخل هذا الصيف بأقل حدة، لأننا إذا قمنا بتخفيظ 20 أو 30 % من استعمالات المياه في شهري مارس وأبريل نستطيع أن ندخل بمخزون أحسن”.

وأظهرت بيانات رسمية أن منسوب سد سيدي سالم في شمال البلاد، المزود الرئيسي لمياه الشرب لعدة مناطق، انخفض إلى 16 % فقط من طاقته القصوى البالغة 580 مليون متر مكعب.

التغيرات المناخية

من جهته، قال أنيس خرباشي مساعد رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري “اليوم عديد المناطق السقوية مغلقة، واليوم التغيرات المناخية لها تأثيرات كبيرة على القطاع الفلاحي وبالأخص موسم الحبوب، قمنا بالدعوة داخل الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري إلى إعلان حالة الطوارئ المائية وإعلان حالة الجفاف وتكون مصحوبة بالعديد من الإجراءات لنقف بجانب الفلاحين والبحارة”.

وأضاف: “اليوم موسم الحبوب لن يتعدى 2.5 مليون قنطار مقابل السنة الماضية والتي كانت 11 مليون قنطار، اليوم نحن مهددون حتى لتوفير البذور التي سنزعها السنة القادمة ونحن نعرف أن تونس تستحق كل سنة 2 مليون قنطار بذور”.

ربما يعجبك أيضا