الجن على قائمة أعداء رأس النظام في إيران

يوسف بنده

رؤية

في كل عام، يلقي المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي خطاباً بمناسبة اليوم الأول من العام الفارسي الجديد. وعادةً ما تُلقى كلمة النوروز أمام جماهير المصلين في مدينة مشهد المقدسة، حتى أصبحت اختباراً قاطعاً لآراء المرشد الأعلى حول سياسة إيران الخارجية وشؤونها الداخلية على حد سواء.

وحسب تقرير معهد واشنطن، كان الخطاب هذا العام متجهماً إلى حد ما أكثر منه احتفالياً بسبب وباء كورونا المتفشي في البلاد. وعوضاً عن مخاطبة حشد غفير في مقام الإمام الرضا، بُثَّت كلمة خامنئي عبر شاشات التلفزيون، في غرفة منعزلة لم يكن فيها أي تواجد (من المفترض أنها أُلقيت من طهران، حيث يتواجد مكتبه ومحل إقامته). وتم أيضاً إلقاء الخطاب في 22 آذار/ مارس، بعد يوم واحد من المعتاد، كما تم تأطيره على أنه يوم المبعث النبوي الشريف، فيما بدا أنه محاولة أخرى من النظام الإيراني للتقليل من شأن عيد النوروز الذي لا يعتبر من الأعياد الإسلامية.

والأهم من ذلك، وبخلاف الخطابات السابقة -التي شددت على مشاكل إيران مع الغرب، ومجّدت تقدمها الاقتصادي رغم العقوبات الأمريكية، وما إلى ذلك- ركّز خطاب هذا العام على الوباء العالمي، دون الإشارة إلى قضايا السياسة الخارجية مثل البرنامج النووي، أو التطورات في العراق وسوريا، أو “المقاومة” ضد إسرائيل. وفي محاولته رفع معنويات الشعب وثنيه عن قبول المساعدة الأمريكية المتكررة، كان خامنئي واضحاً: إن الخلاص الوحيد هو في الاتكال على الله وتعزيز الاكتفاء الذاتي للبلاد.

توريط الجن

لكن علي خامنئي، في خطاب العام الإيراني الجديد (1399)، ربط السياسة والعلاقات الدولية بالجن؛ حيث قال: “لدينا كثير من الأعداء، منهم أعداء من الجن وأعداء من الإنس، وهؤلاء يساعد بعضهم بعضًا، بحيث إن الأجهزة الاستخباراتية لكثير من الدول يتعاون بعضها مع بعض علينا”.

إنَّ اعتقاد خامنئي بأن أجهزة الاستخبارات في الدول المعادية تعمل معًا ضد النظام اﻹيراني ليس أمرًا مغايرًا للواقع وليس مدهشًا. لكن اعتقاده بأن النظام اﻹيراني لديه أعداء من الجن، وأن العدو الجني يساعد العدو الإنسي، هو أمر مدهش.

لقد أثارت تصريحات خامنئي، جدلا واسعا في الشارع الإيراني؛ حتى راجت شائعات كثيرة في البلاد حول استحداث قسم لمكافحة الجن، ما أحرج وزارة الاستخبارات، على ما يبدو، ودفعها إلى نفي صحة هذا الخبر.

فقد نقلت وكالة “إيسنا” للطلبة الإيرانيين شبه الرسمية، الأربعاء الماضي، عن مصدر بالوزارة قوله: إن “الخبر المتداول حول تأسيس قسم بوزارة الاستخبارات من أجل مكافحة أنشطة الجن مفبرك وغير واقعي، وأن وزير الاستخبارات لم يجر أي مقابلة بهذا الخصوص”.

الخوف من العدو

ويفسر المحلل السياسي الإيراني، حسين علي زاده، تصريحات خامنئي، بمعتقداته التي تسيطر على عقله وتفكيره، فإن عقلية علي خامنئي هي “عقلية توهُّم العدو”. وهذا لا يعني أن النظام الإيراني ليس له أعداء، ربما لا يمكن إيجاد دولة في العالم من دون عدو. فلو أن هناك دولةٌ لا تخشى عدوًا، فلن تنفق مبالغ ضخمة على الجيش والتجسس ومكافحة التجسس.

حقيقة أن النظام الإيراني مثل أي نظام سياسي آخر لديه أعداء، شيء، ونسبة جميع الأحداث إلى العدو شيء آخر، إن اتهام العدو في أي حادث هو إما لـ”التضليل”، وإما ناتج عن “وهْم العدو”. وهناك أمثلة كثيرة على كليهما من حديث المرشد نفسه.

ويستطرد حسن علي زاده -في تحليله على قناة إيران إنترنشنال- إننا إذا بحثنا عن كلمة “العدو” على الموقع الرسمي لخامنئي، فسنجد أن هذه الكلمة ومشتقاتها قد تكررت آلاف المرات. في معظم الحالات، كانت إشارته إلى عدو له وجود خارجي، وهذا العدو هو الولايات المتحدة، وأحيانًا إسرائيل، أو الأوروبيون، أو العرب، أو المثقفون، أو مثيرو الشغب، وما إلى ذلك.

ولكن خلال هذه السنوات الطويلة، نادرًا ما نجد خامنئي يصف عدو النظام الإيراني على أنه عدو “غير مجسَّد” مثل الجن؛ فالجن لا يمكن رؤيته ولا سماعه، كما لا يمكن حبسه.

بتعبير آخر، في خطابه الأخير، وسّع خامنئي بوضوح من دائرة أعداء النظام الإيراني لتشمل كائنات خارقة للطبيعة.

ربما يعجبك أيضا