الحديث عن انفراجة بالعلاقات التركية المصرية.. بين شروط «القاهرة» وألاعيب أردوغان

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

تنوعت رسائل المغازلة التركية للدولة المصرية في الآونة الأخيرة مما يعطي مؤشرات باحتمالية حدوث تقارب مصري تركي حال قرر النظام التركي الانتقال من مستوى التصريحات إلى الأفعال بما يتوافق مع رؤية مصر ويصب في صالح المنطقة، وخاصة أن أسباب الأزمة لا تزال قائمة ولم يتم اتخاذ خطوات جادة لحلها حتى الآن.

المتابع لمسار العلاقات المصرية التركية يكتشف أن العلاقات لم تصل لمستوى التحالف المتين منذ عقود، وبعد عدة إشارات من مسؤولين أتراك كبار حول احتمال وجود تقارب مع مصر، تحدث وزير الخارجية المصري، سامح شكري، عن شروط إقامة “علاقات طبيعية” مع تركيا.

شروط مصرية

القاهرة لديها شروط وتطلب ضمانات حقيقية للتقارب مع النظام التركي الذي خرق كل القواعد والبرتوكولات على مدار السنوات الماضية، وهناك عدد لا بأس به من مجالات الخلاف؛ فالدولة التركية ناصبت مصر العداء لسنوات طويلة عبر احتضانها قيادات جماعة الإخوان الإرهابية كما خصصت لهم منصات إلكترونية ممولة ومنابر إعلامية كبيرة كقنوات الشرق ومكملين وأنفقت على فعاليات بسخاء في محاولة منهم لتشوية صورة مصر أمام المجتمع الدولي ومحاولة تأليب الشعب المصري على بلده والنظام الحاكم معتمدين على بث الشائعات ونشر الأكاذيب.

في سياق متصل، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمس الأحد، وجود اتصالات دبلوماسية مع تركيا، بيد أنه استدرك، وأضاف أن “الأقوال وحدها لا تكفي” لاستعادة كامل العلاقات بين البلدين.

وقال -خلال اجتماع لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب- إنه “لا توجد علاقات خارج القنوات الدبلوماسية الطبيعية. وأكد شكري حرص مصر على استمرار العلاقة الوثيقة بين الشعبين المصري والتركي، مشيرًا إلى أن المواقف السياسية التي وصفها بـ”السلبية من الساسة الأتراك لا تعكس العلاقة بين الشعبين”.

ونقلت صحيفة “أخبار اليوم” عن شكري قوله: “لو وجدنا أن هناك تغيرًا في السياسة والمنهج والأهداف التركية لتتوافق مع السياسات المصرية ومع ما يعيد العلاقات الطبيعية لمصلحة المنطقة، من الممكن أن تكون هذه أرضية لاستعادة الأوضاع الطبيعية”.

نظام الصفقات

ويرى الكاتب الصحفي بالأهرام والمتخصص في شؤون الجماعات والإرهاب، هشام النجار أنه من الصعب على أردوغان وحزبه ونظام حكمه التضحية بالإخوان -أقله بالشكل الذي يتوقعه البعض من خلال تسليم كامل وحرق لورقتهم بالكامل- لأن النظام التركي الحالي مشروعه مؤسس على جماعة الإخوان فكرًا وأيديولوجيًا وحركيًا، وخبرتنا بنظام أردوغان وأساليبه تنبئنا بأنه حتى لو مضى في اتجاه عقد صفقة على حساب تحالفاته مع فصيل من فصائل التكفيريين والإسلاميين فهو لا يقطع صلته بالتنظيم تمامًا ويتخذ إجراء جزئي ويفاوض بشأنه مع الطرف الذي يعقد معه الصفقة، وهذا حدث عندما عقد أردوغان صفقة مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تقضي بتعاون أردوغان مع الأمريكان في القبض على زعيم داعش السابق أبي بكر البغدادي أو قتله مقابل إطلاق الأميركان ليد أردوغان ضد أكراد سوريا، وما حدث بالفعل أن أردوغان اكتفى فقط بالتعاون الاستخباري في عملية قتل البغدادي وأعطى لترامب ما يرده في هذا الملف فقط ونجحت العملية الأمريكية ونال أردوغان ما أراده ضد الأكراد بضوء أخضر أميركي.

وأضاف هشام النجار في تصريحات خاصة لـ”رؤية”: في المقابل أبقى أردوغان علاقته بداعش، كما هي لأن مصلحته معه ضد الأكراد، ولذلك إذا اضطر أردوغان لإظهار حسن نية تجاه مصر من أجل مصلحته الحالية في العديد من الملفات بالنظر إلى أزماته المستعصية فلن يقدم على خطوة شاملة ضد جماعة الإخوان وقد يكتفي ببعض الإجراءات الاستعراضية الشكلية دون التضحية الكاملة بعلاقته بالتنظيم لأن مصلحته مع الجماعة ولأن مشروعه العام وهدفه البعيد لا تحققه علاقة تعاونية مخلصة شفافة مع مصر نظرًا لأنه تحول وتقف حجر عثرة دون تحقيق أطماعه التوسعية في المنطقة ولتناقض المصالح بين إمبراطورية العثمانيين الجدد المزعومة وبين الأمن القومي المصري والعربي في حين تلتقي مصالح جماعة الإخوان وتنظيمها الدولي مع مشروع أردوغان، وهي تخدمه وتقاتل في صفوفه ضد مصالح مصر والعرب.

وتابع الصحفي المصري، قائلًا: الموقف الرسمي المصري ردًا على تصريحات المسؤولين الأتراك يعكس وعيًا عميقًا بخلفيات هذا الملف وأبعاده وبأساليب الأتراك ومناوراتهم، ولذلك طالبت الدبلوماسية المصرية بالأفعال على الأرض وعدم اللعب بالمناورات اللفظية وبالتصريحات فقط، لأنها تدرك أن مطالب المصريين وشواغلهم خاصة في ملف جماعة الإخوان من الصعب أن يقدم فيه أردوغان التراجع والتنازلات المطلوبة بما يحقق كامل المصلحة المصرية.

وتبقى العقبات الرئيسية التي تقف في طريق التقارب المصري التركي ممثلة في مطامع أنقرة في ثروات الغاز شرق المتوسط، واحتلال تركيا لجزء من سوريا، والتواجد التركي في ليبيا ونهب النفط الليبي ما يهدد الأمن القومي المصري، حال التزمت أنقرة بذلك لن تمانع الدولة المصرية في بدء الحوار الجاد البناء بما يخدم المنطقة ودون المساس بحقوق الآخرين.

ربما يعجبك أيضا