الحرب الروسية الأوكرانية تدخل المرحلة الثانية.. كيف ستبدو؟ وما أهدافها؟

رنا أسامة

يتكهّن محللون عسكريون أمريكيون بأن تشهد دونباس خلال الشهرين المقبلين ما وصفه بـ "قتال سكاكين".


قالت أوكرانيا إن روسيا بدأت هجومًا واسع النطاق في منطقة دونباس، يُعتقد أنه يمثل “بداية المرحلة الثانية” من عمليتها العسكرية التي بدأتها أواخر فبراير الماضي.

وجاء ذلك في بيان للرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلنسكي، نشره يوم أول من أمس 18 إبريل 2022. ويعتقد خبراء ومحللون عسكريون أن المرحلة الثانية من الحرب الروسية الأوكرانية قد تشهد تصعيدًا أكثر دموية مع وقوع مزيد من الخسائر في صفوف المدنيين.

تحذير أوكراني وإنذار روسي

حذر مسؤولون أوكرانيون وغربيون في الأيام الماضية من هجوم روسي وشيك بمنطقة دونباس “قد يُذكّر بالحرب العالمية الثانية”، كما قال وزير الخارجية الأوكراني، ديمتري كوليبا، لأعضاء بحلف شمال الأطلسي، يوم الجمعة الماضي، بحسب وكالة بلومبرج. وقد أعلنت موسكو تركيزها على ما سمته “تحرير” دونباس الواقعة على حدود روسيا من الشمال والشرق ويمثل الروس العرقيون 39% من سكانها، وفق تعداد أوكرانيا لعام 2001.

وتعهد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، باستمرار العمليات حتى “إرساء الأمن والسلام في الشرق الأوكراني”. وفي مقابلة مع صحيفة بيلد الألمانية، نبّه زيلنسكي إلى “حرب كبيرة في دونباس لم يشهدها العالم منذ مئات السنين”. وتتصاعد احتمالات استسلام ماريوبول التي سقط فيها أكثر من 21 ألف قتيل بجنوب شرق أوكرانيا، لا سيّما بعد إنذار قائد روسي لقوات أوكرانية بـ”الاستسلام أو الموت” الأسبوع الماضي، وفق بلومبرج.

معركة دونباس.. كيف ستبدو؟

المرحلة الثانية من الحرب الروسية الأوكرانية

الأسبوع الماضي، حذر الناتو من تصعيد “معقد ودموي للغاية” بمرحلة جديدة بالحرب الروسية الأوكرانية، تُغاير أولى مراحلها، سواء شرقًا في دونباس، وجنوبًا باتجاه شبه جزيرة القرم وماريوبول، وفق تقرير نشره موقع ريبابليك وورلد بتاريخ 13 إبريل. وعسكريًّا، توقع نائب الأمين العام لحلف الناتو، ميرسيا جيوانا، أن تشهد الأيام المقبلة حربًا كلاسيكية، تختلف عن الأسابيع الـ6 الأولى.

وتوقع ميرسيا جيوانا مزيدًا من خسائر مُحتملة في صفوف المدنيين، لا سيّما مع قيادة الجنرال ألكسندر دفورنيكوف، الذي وصفه بـ”القائد سيئ السمعة” الذي قاد القوات الروسية في سوريا وله تاريخ في استهداف المدنيين، للمرحلة الثانية من الحرب، ما ينذر بمزيد من سقوط القتلى والضحايا.

معارك إبادة أم حرب استنزاف؟

يتكهّن محللون عسكريون أمريكيون أن تشهد دونباس، خلال الشهرين المقبلين، ما وصفه بـ”قتال سكاكين”، وسط توقعات بمحاولة تطويق قوات روسية لمواقع أوكرانية في منطقة سيفيرودونتسك البارزة، خصوصًا حول بلدة سلوفيانسك، مع الهجوم على مدينة دنيبرو.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز، في تقرير بتاريخ 10 إبريل الحالي، إن الروس يريدون معارك إبادة سريعة. لكن ما سيحصلون عليه هو “حرب استنزاف”. وعلاوة على ذلك، فإن الاستطلاعات والمراقبة الجوية والفضائية لحلف الناتو، إضافة إلى قدرات الاستخبارات الأوكرانية الخاصة، من شأنها ضمان عدم وقوع هجمات مفاجئة، بحسب الصحيفة.

4 أهداف مُحتملة للمرحلة الثانية

تدمير في ماريوبول

قال مسؤول أوروبي، في تصريحات صحفية يوم 19 إبريل الحالي، إن الرئيس الروسي يريد استخدام “معركة دونباس” كأداة للمساومة في أي مفاوضات مُحتملة، للاستيلاء على أراض في شرق أوكرانيا، في وقت نشرت فيه روسيا ما بين نحو 20 ألف مقاتل أجنبي من سوريا وليبيا، إضافة إلى مرتزقة من مجموعة فاجنر، يُعتقد أنهم سيقاتلون جميعًا كقوات مشاة.

ووفق المسؤول، فإنه توجد 4 أهداف مُحتملة للمرحلة الثانية من الحرب الروسية الأوكرانية. أولها الاستيلاء على دونباس بكاملها. وثانيها بناء جسر بري بين دونباس والقرم عبر ماريوبول. وثالثها السيطرة على “خيرسون” الذي رآه أمرًا حاسمًا لتأمين قنوات المياه العذبة لشبه جزيرة القرم. رابعًا الاستيلاء على أراضٍ إضافية لاستخدامها كمنطقة عازلة وورقة مساومة في مفاوضات مستقبلية مع أوكرانيا، كما أوردت مجلة بوليتيكو الأمريكية.

من “نزع النازية” إلى حرب المقاطعات الشرقية

المحلل الدفاعي في مؤسسة تشاتام هاوس، كير جايلز، أشار إلى أن الهدف الروسي من الحرب تحوّل من “غزو أوكرانيا” تحت ستار “نزع النازية “غير المنطقي إلى “هدف أكثر محدودية لغزو المقاطعات الشرقية”. وقال إن هذه الاستراتيجية الجديدة تنطوي على “هيكل قيادة موحد وهدفًا أوضح وأكثر قابلية للتحقيق، مقارنة بمحاولة غزو ثاني أكبر دولة في أوروبا من الشمال والجنوب والشرق”.

وحذر جايلز من أن هذا التحول الروسي يعني أن “خطر حصار القوات الأوكرانية والتوغل الروسي في شرق أوكرانيا بات أكبر”، وأضاف: “يُحتمل نشوب معركة حاسمة في المستقبل القريب”، تحشد فيها روسيا الوحدات التي لم تشارك في القتال حتى الآن، كذلك الوحدات التي جددتها بعد تكبدها خسائر فادحة في معاركها أقصى الشمال الأوكراني، بحسب شبكة إن بي سي الأمريكية.

سيناريو أسوأ من بوتشا

تدمير ماريوبول 1

في إطار السيناريوهات المتوقعة للمرحلة الثانية من الحرب، توقّع المسؤول الأوروبي الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، تدميرًا كاملًا لمدينة ماريوبول بحلول 9 مايو الموافق يوم النصر في روسيا، وفق تقديراته، للترويج على أنه “نصر روسي كبير في حرب بوتين”، بحسب بوليتيكو.

وتوقع المسؤول الأوروبي أيضًا سقوط عديد من الضحايا المدنيين بعد التدمير الكامل المُتوقع لماريوبول، متخوفًا من سيناريو “أسوأ” مما كان عليه في مدينة بوتشا، ضاحية كييف التي يُزعم أن قوات روسية ارتكبت جرائم حرب فيها، قتل مدنيين وهم في طريقهم للخروج وألقت جثثهم في مقابر جماعية. لكن روسيا تنفي ذلك.

ماذا عن المقاومة الأوكرانية؟

وفق تقديرات المسؤول الأوروبي، سوف تستخدم أوكرانيا تكتيكات مماثلة في المرحلة الثانية من الحرب، مُستبعدًا حدوث تغيير كبير في النهج الأوكراني المُقاوم للهجوم الروسي. وقال إن المقاومة الأوكرانية ستقرن “قوى متحركة ورشيقة بصواريخ مضادة للسفن ومضادة للطائرات لاستنزاف روسيا وإنهاكها عسكريًّا”، و”ستزيد من مضايقة قوات بوتين لمنعهم من تحقيق مكاسب إقليمية إضافية”، بحسب بوليتيكو.

وأشار إلى أن روسيا لم تتفوق جويًّا بعد في دونباس، لذلك لا يمكن لقواتها أن تتوقع الحصول على دعم جوي قريب بمجرد أن تواجه مقاومة أوكرانية شديدة، الأمر الذي عدّه المسؤول “مهمًّا حقًّا”. ولفت إلى انخفاض الروح المعنوية للقوات الروسية مقابل ارتفاعها للغاية لدى القوات الأوكرانية.

ما النهاية المُتوقعة؟

صورة مُصممة لبوتين

فيما لا تلوح نهاية قريبة في الأفق للحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت يومها الـ55، توقّع المسؤول الأوروبي أن تشهد جمودًا في غضون 4 إلى 6 أشهر، مع سيطرة القوات الروسية على لوغانسك وجزء من دونباس، إلى جانب جسر بري صغير. وقال وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويجو، إن روسيا “تنفذ منهجيًّا” خطتها في شرق أوكرانيا، بحسب وكالة رويترز.

ويقود ذلك السيناريو المُحتمل إلى استنتاج مفاده أن فلاديمير بوتين حمى السكان الروس الإقليميين. وبحلول الخريف، قد توافق كل من  روسيا وأوكرانيا على مفاوضات شاملة، أملًا في إيجاد حل دبلوماسي ينهي الحرب الدائرة بينهما، منذ 24 فبرار الماضي وحتى الآن، بحلول الشتاء، وفق توقع المسؤول الأوروبي.

ربما يعجبك أيضا