الحرب الروسية الأوكرانية وحلفاء موسكو.. الصين في آسيا الوسطى والهند تنتقد الحرب

علاء بريك

بعد انشغالها بالحرب الأوكرانية، روسيا تفتح الباب أمام الصين في آسيا الوسطى وباب نقد الحلفاء.


أفسحت الحرب الروسية الأوكرانية المجال أمام عدة دول لتحقيق مكاسب مختلفة، بما فيها حليفة روسيا الصين، التي بات الطريق أمامها مفتوحًا إلى بحر قزوين.

بالمقابل، لم يقتصر التراجع الروسي في أوكرانيا على فتح الطريق أمام الصين في آسيا الوسطى، بل فتح باب النقد من حلفائها، لكنه لم يصل إلى حدود الإدانة أو التخلي عن الحليف الروسي.

الطريق إلى قزوين: سالك

عززت رحلة الرئيس الصيني، شي جين بينج، إلى آسيا الوسطى دور الصين في القضايا الإقليمية الحساسة، مثل إدارة الموارد المائية، وسمحت لها بإحراز تقدم في مشاريع البنية التحتية الكبرى التي تأخرت منذ فترة طويلة بسبب معارضة موسكو، بما في ذلك ممر النقل الدولي عبر بحر قزوين وخط السكك الحديدية الذي يربط منطقة شينجيانغ الصينية وقيرغيزستان وأوزبكستان.

قال الباحث المشارك في مركز الصين بجامعة أكسفورد، جورج ماجنوس، إنه على الرغم من أن موسكو شعرت بعدم الارتياح إزاء اختراق بكين مجال نفوذها، فإنه لا يوجد كثير مما يمكنها فعله الآن لأن الأولوية القصوى لبوتين كانت تأمين دعم الصين، وأضاف ماجنوس هذه الدول غنية بالنفط والموارد الطبيعية، والصين تنظر إليها باهتمام كبير.

علاقات ودعم متبادل

حرصت القيادة في الصين على تجاهل مخاوف موسكو بشأن تعميق مشاركة بكين في منطقة آسيا الوسطى، وأصرت على أنها تعترف بالمصالح الاستراتيجية لروسيا وليس لديها نية لتحدي نطاق نفوذها، بحسب ما نقلت صحيفة “ساوث تشاينا مورننج بوست” في تقرير نشرته في 16 سبتمبر 2022.

في لقائه مع بوتين أثناء قمة منظمة شنجهاي للتعاون في أوزبكستان، أشاد شي بـ”العلاقات الاستراتيجية والزخم القوي” في التعاون الثنائي، وتعهد بـ”تقديم دعم مقابل” بشأن “المصالح الجوهرية” لروسيا، وقال: “في مواجهة عالم متغير وأزمنة متقلبة تعمل الصين مع روسيا للوفاء بمسؤولياتها كدول كبرى وأداء دور رائد في تعزيز الاستقرار في عالم يسوده التغيير والاضطراب”.

لكن مصائب قوم

قال المدير المشارك لمعهد تحليل الأمن العالمي ومقره واشنطن، جال لوفت، في إشارة إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية: “مع ضعف روسيا بسبب الحرب، تتفهم دول آسيا الوسطى الحاجة إلى التحول إلى سياسة خارجية أقل اعتمادًا على روسيا وتتطلع إلى الصين لتحسين العلاقات الاقتصادية والأمنية بالإضافة إلى دور أكثر بروزًا في مبادرة الحزام والطريق”، بحسب تقرير ساوث تشاينا.

ويؤكد هذا عددٌ من المراقبين الدبلوماسيين بالقول إن توسع الصين في آسيا الوسطى يأتي إلى حد كبير نتيجة لحرب بوتين في أوكرانيا لكونها أضعفت النفوذ الإقليمي لموسكو وصرفت انتباه واشنطن. وبحسب المتخصص في شؤون روسيا وآسيا الوسطى في أكاديمية شنجهاي للعلوم الاجتماعية، لي ليفان، فإن انشغال موسكو بحرب أوكرانيا ترك فراغًا في القيادة في السياسة الإقليمية.

مصالح جوهرية وخطوط حمراء

قبل الأزمة الأوكرانية، قالت الصين وروسيا، إن علاقتهما “ليس لها حدود”، وأوضح السفير الصيني في الولايات المتحدة، تشين جانج، لاحقًا أن بكين ليست مهتمة بالمواجهة وأن الصين وروسيا “ليسا تحالفًا”، وبهذا أوصلت الصين رسالة مفادها أن التعاون لن يشمل العمليات العسكرية المشتركة، لكن العلاقات تشمل احترام المصالح الجوهرية للبلدين.

ووفقًا الزميل المشارك في معهد الدراسات الصينية بجامعة مالايا، محمود علي، “يمكن التخمين أن الدولتين ترى جوانب معينة من المصالح الوطنية الحيوية بمثابة مصالح جوهرية تحدِّد خطوطًا حمراء استراتيجية، يترتب على انتهاكها من جانب أطراف ثالثة، كالولايات المتحدة مثلًا، لن يُقبَل وسيرد عليه”، بحسب تقرير آخر لـ”ساوث تشاينا مورننج بوست“.

لا حلف ناتو شرقي

أشار مراقبون إلى أن عديدًا من السياسيين الروس، بينهم بوتين نفسه، قد أدانوا بشدة زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، إلى تايوان، وكرروا دعمهم لمبدأ الصين الواحدة، أما بكين فقد حافظت على موقف محايد بشأن أزمة أوكرانيا. لكن من غير المناسب مقارنة عدم الاستقرار في مضيق تايوان بأزمة أوكرانيا، بحسب كبير المحللين في معهد بانجوال، شو كيندو.

فتصريحات موسكو لا تتجاوز “الدعم المعنوي والتأييد السياسي والاصطفاف الدبلوماسي”. وأضاف شو أن تفهم بكين للمخاوف الروسية بشأن الناتو لا يعني تأييدًا لأعمالها العسكرية، وقال إن مناقشة أوكرانيا خلف الأبواب المغلقة أمر محتمل، لكن ليس واردًا أن تشارك الصين في تحالف على غرار حلف شمال الأطلسي يكون فيه “الهجوم على عضو واحد بمثابة هجوم على الجميع”.

الهند تنتقد الحرب الأوكرانية

في اجتماع بين الزعيمين الهندي والروسي في أوزبكستان يوم الجمعة، 16 سبتمبر 2022، أقر بوتين علنًا بـ”مخاوف” نيودلهي بشأن الصراع، وأخبر رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن الوقت الحالي “ليس وقت حرب”، في أوضح إشارة إلى الحرب الروسية الأوكرانية من الجانب الهندي، على حد وصف فايننشال تايمز.

دعت الهند في السابق إلى إنهاء الأعمال العدائية في أوكرانيا، لكنها ظلت متحفظة في تعليقاتها العلنية على الحرب، وعلق الرئيس التنفيذي لمركز أنانتا أسبن سنتر، إندراني باجشي، على تصريحات مودي: “بالتأكيد، إنه تغيير في اللهجة، فلا تقتصر على كونها انتقادية علنًا، بل حملت فعليًا نقدًا ضمنيًا بقولها إن الوقت ليس وقت شن حروب”.

اللوم على أوكرانيا

كان مودي قد أعرب في عدة مناسبات عن قلقه من الحرب لبوتين وأضاف رئيس الوزراء الهندي أن الديمقراطية والدبلوماسية والحوار أبقت العالم متماسكًا، ورد بوتين بحسب بيان الكرملين: “أعرف موقفك من النزاع في أوكرانيا، ومخاوفك التي تعبر عنها باستمرار. سنبذل قصارى جهدنا لوقف هذا في أقرب وقت ممكن”.

لكن بوتين سعى إلى إلقاء اللوم على كييف في استمرار الصراع، قائلاً: “للأسف، لقد أعلن الطرف المقابل، القيادة الأوكرانية، تخليه من جانب واحد عن العملية التفاوضية، وأعلن أنه يريد تحقيق أهدافه بالوسائل العسكرية، أو كما يقولون ‘في ساحة المعركة'”. بحسب ما نقل تقرير الفايننشال تايمز.

ربما يعجبك أيضا