الحرس الثوري والمخابرات الإيرانية.. حرب خفية بين الإصلاحيين والمتشددين

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

يبدو أن اختراق إيران «أمنيا» قد أشعل أزمة ثقة بين مخابرات الحرس الثوري من جهة ووزارة المخابرات الإيرانية من جهة أخرة ، فالأولى تخضع للمرشد بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، والثانية تتبع السلطة التنفيذية . مؤخرا حادثة استهداف منشأة نطنز النووية وقبلها اغتيال علماء نوويين أهمهم محسن فخري زاده وعملية سرقة وثائق نووية إيرانية سرية من قبل إسرائيل، أحداث أشعلت خلافا حادا بين أهم جهازين استخباريين في إيران وأربكت صفوف المؤسسة الأمنية لدولة الملالي، بعدما تبادل الطرفان الاتهامات بالتقصير الأمني حتى وصل للتهديد باعتقال عناصر من كلتا المؤسستين. هذه الاتهامات كشفت عن ضعف المؤسسة الأمنية والاستخباراتية الإيرانية ووجود فجوة كبيرة في التنسيق بين مؤسساتها .

تقرير «لوموند».. تفاصيل هامة

تقرير نشرته صحيفة «لوموند» الفرنسية الجمعة، قال «التخريب الذي تعرضت له محطة الطاقة النووية في نطنز، والذي ألقت طهران باللوم فيه على إسرائيل، أحدث موجات من الصدمة في المشهد السياسي الإيراني، فمنذ الهجوم الذي دمر العديد من أجهزة الطرد المركزي في محطة تخصيب اليورانيوم في 11 نيسان أبريل الجاري تعرضت وزارة الاستخبارات المسؤولة عن حماية المنشآت النووية لانتقادات، وتواجه الوزارة للرئيس حسن روحاني اتهامات من قبل خصومها – ولا سيما الحرس الثوري، الجيش الأيديولوجي للبلاد – بـ «عدم الكفاءة» و«سوء الإدارة».

ووفق التقرير، «وصف محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري والمرشح الرئاسي المعلن في 18 حزيران يونيو، حادثة نطنز بأنها هجوم على «شرف» البلاد، داعياً إلى «تطهير أمن»“ داخل الأجهزة التي يفترض أن تحمي البرنامج النووي. ولإثبات وجود ثغرات داخل وزارة الاستخبارات، ذهب محسن رضائي إلى حد تأكيد سرقة الأرشيف النووي الذي تطالب به تل أبيب، وهو ما نفته السلطات الإيرانية حتى الآن.

وذكّر التقرير بأنه «في نيسان أبريل 2018 قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للصحافة هذه الوثائق «السرية» التي سُرقت قبل أسابيع قليلة من مستودع بالقرب من طهران كدليل على رغبة إيران في «امتلاك» السلاح النووي».

وأضاف أن «الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب استشهد بعد شهر من ذلك، بـ «الدليل“»عندما أعلن انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015″.

الإصلاحيين والمتشددين.. حرب خفية

ذكر مسؤولون ومحللون إيرانيون أن الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لإيران، هو أن الهجمات كشفت أن لدى إسرائيل شبكة فعالة من المتعاونين داخل إيران، وأن أجهزة المخابرات الإيرانية فشلت في العثور على هؤلاء العملاء.إذ من المعروف أن المخابرات مقربة من إصلاحيي إيران مقابل الحرس المتشدد لارتباطه المباشر بالمرشد علي خامنئي.

تأسس الحرس الثوري في أعقاب ثورة الخميني عام 1979 بهدف حماية النظام وخلق نوع من التوازن مع القوات المسلحة النظامية، قائده الحالي، اللواء حسين سلامي، ويبلغ عدد أفراده نحو 125 ألفا له أفرعا عسكرية برية وبحرية وجوية . تتمثل مهام الحرس في الإشراف على الأسلحة الاستراتيجية. بعد الحرب العراقية الإيرانية توجه الحرس نحو الاقتصاد والسياسة حتى أصبح يشكل القوة الحقيقية للدولة العميقة التي تعاني من تدخلات الدولة الرسمية.

في المقابل، تتألف الاستخبارات الإيرانية من 16 وكالة أو وحدة للأمن والاستخبارات تتوزع في وزارة الاستخبارات التابعة للحكومة استخبارات الحرس الثوري استخبارات الجيش واستخبارات الشرطة .

تعمل الأجهزة بإشراف مجلس تنسيق المعلومات وهو أعلى هيئة استخباراتية في إيران ويتكون من 9 أعضاء، ويتولى قيادته منذ عام 2013 وزير الأمن والاستخبارات محمود علوي .

ميليشيا

الملف العراقي.. لمن الغلبة؟

ينظر الحرس الثوري الذي يملك القول الفصل في الملف العراقي، بريبة إلى كل طرف عراقي يتعامل مع سواه من الأجهزة الإيرانية، لا سيما تلك المقربة من الرئيس حسن روحاني، يبرز هذا التنافس المتصاعد بوضوح على الحصص في قوائم الانتخابات بين هادي العامري وقيس الخزعلي .

تمثل هذا الصراع مؤخرا بعدما ذكرت قيادات في تحالف الفتح الذي يرأسه هادي العامري رئيس منظمة بدر، أن غضبا يسود أوساط الحرس من تنسيق بين قيس الخزعلي زعيم ميلشيا عصائب أهل الحق و«إطلاعات» الذي عبّر عن غضبه الشديد من العامري الذي يعكف حاليا على ضبط القوائم الانتخابية تمهيدا لتسليمها إلى مفوضية الانتخابات، متهما إياه بالتقليل من أهميته.

إذ يبدو صعود الخزعلي وعصائبه في وقت قياسي لافتا للنظر بما قد يدفع إيران إلى كبح جماحه وإعادته إلى حجمه الحقيقي لا عن طريق التدخل المباشر بل من خلال ما يجده رجلها الأثير هادي العامري من أسلوب مناسب لتذكير الخزعلي بضرورة أن يخفض من سقف طموحاته ولا ينافس الأحزاب الكبيرة في ما تنوي القيام به في الانتخابات المقبلة.

الصراع الحقيقي الكبير داخل إيران هو بين إطلاعات «المخابرات الإيرانية» و«الحرس الثوري الإرهابي»، إطلاعات تسيطر على المرجعيات وساسة متلونين يلبسون قناع الثورة وهم في العملية السياسية، أما الحرس فيسيطر على كافة الأحزاب التأسلمية الإخوانجية والصفوية المسلحة.

ربما يعجبك أيضا