الحصار الاقتصادي يعصف بمناطق النظام في سوريا

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

ضربات عدة تلقاها النظام السوري الأسابيع الأخيرة، بدأت بتفعيل قانون سيزر الأمريكي من ناحية، وكذلك صدمة اقتصادية مصرفية قوية هزته من جهة لبنان وهي منع تمرير الحوالات المالية إلى سوريا بالقطع الأجنبي خصوصاً الدولار، ما يعني حرمانه من ملايين الدولارات شهرياً وبطريقة لا يمكن لمليشيات “حزب الله” الإرهابية أن تتدخل لمنعها رغم هيمنتها على مفاصل الدولة اللبنانية.

وبات نظام الأسد عاجزًا عن تأمين الغاز والكهرباء والماء وخاصة البنزين، وأصبح الزحام الشديد على “الكازيات” (محطات الوقود) ظاهرة طبيعية.

وما تزال أزمة المحروقات، لا سيما مادة البنزين تتفاقم في المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، حيث لم تعد المؤسسات والوزارات التابعة لحكومة الأسد قادرة على تأمين البنزين لعناصرها ووسائل النقل التي تملكها، وانحسرت حركة السيارات في شوارع العاصمة والمدن الكبيرة إلى حد كبير، وارتفع مستوى التذمر بين السكان المحليين وحتى بين مؤيديه، وبدات الأصوات تتعالى عن فشل النظام في مواجهة الأزمات حتى من أقرب مناصريه.

ويخفي النظام عن أنصاره حقيقة ما يعانيه اقتصاده الهش، خصوصا أن خزان الوقود في أكبر منشاة نفطية له فارغ منذ أشهر.

قانون “سيزر”

وقد وضعت وزارة الخزانة الأمريكية وثيقة من أجل محاصرة أي نشاط لنقل الشحنات المحمَّلة بالنفط إلى مناطق سيطرة نظام الأسد، إضافة للعجز التامّ الذي يعاني منه الأخير في توفير المشتقات النفطية بسبب سيطرة قسد المدعومة من التحالف على شرق الفرات حيث غالبية الثروة النفطية وحقول الغاز في سوريا.

وذكرت جريدة “زمان الوصل” أن المصرف المركزي اللبناني بدأ بأوامر أمريكية الامتناع عن تمرير الحوالات المالية إلى سوريا بالقطع الأجنبي خصوصاً الدولار؛ الأمر الذي يحرم النظام السوري من 90 مليون دولار شهرياً كانت تصله عبر لبنان.

وأوضحت المصادر أن نظام الأسد كان يستلم الحوالات المالية بالدولار ويسلمها لأصحابها بالليرة السورية بسعر 434 ليرة للدولار الواحد، بينما قيمته الحقيقية تتجاوز الـ500 ليرة ترتفع وتنخفض حسب الطلب.

ويعتبر هذا الإجراء من أقوى الضربات الاقتصادية التي يتلقاها نظام الأسد خاصة إذا أجبرت الولايات المتحدة بقية الدول على التحويل بهذه الطريقة؛ ما سيؤدي لعجز كبير بالقطع الأجنبي في خزينته.

يُذكر أن مجلس النواب الأمريكي أقر في كانون الثاني الماضي تشريعاً يلزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات على الأفراد والكيانات المتعاملة مع نظام الأسد في عدة مجالات أبرزها قطاعات الطاقة وإعادة الإعمار والمصرف المركزي.

شلل اقتصادي

الخبير الاستراتيجي الموالي للنظام “الدكتور كمال الجفا” تصريحاً قال فيه، إن “سوريا تتجه نحو الشلل التدريجي الاقتصادي شئنا أم أبينا وما يجري حاليا هو كارثة حقيقية في كل المجالات”.

وأضاف الجفا أن من سماهم “رجال الحرب، لايصلحون للسلم. هي قاعدة قانونية يعرفها الصغير والكبير” فيما يبدو إشارة إلى تجار الحرب الذين أوجدهم نظام أسد ومسؤوليه، مؤكداً أن “الأنظمة والقوانين وتفصيلات القوانين التي تتم صياغتها على قياس البعض هي جزء أساسي من الكارثة”.

وتداولت صفحات موالية على موقع “فيسبوك”، أنباء حول عمليات سرقة بنزين من سيارات مركونة في الطريق بمدينة اللاذقية، مطالبة أصحاب السيارات بالحذر والانتباه.

الموقف الروسي

روسيا لم تعلن موقفًا رسميا حتى الآن من عدم تغذية حليفها بالنفط، وهي الدولة الغنية بكل مشتقاته، وبرر الخبير الاقتصادي الروسي مؤلف مشروع “جميع الاقتصاديات” أنطون شابانوف تخلي بلاده عن حليفها بشار الأسد في أزمته النفطية لأسباب فنيّة واقتصادية.

وقال الخبير شابانوف، إنه لا توجد إمكانيات تقنية وتجارية لتوريد النفط الروسي إلى سوريا، حيث لا توجد بنية تحتية برية لذلك (أنابيب أو نقل بري)، أما النقل البحري فسوف يجعل تكلفة الوقود تتضاعف بحوالي 20 مرة.

وأضاف، “نعم، يمكن لروسيا أن توفر النفط والمنتجات النفطية، لكنها ستكلف 20- 30 مرة أكثر من متوسط السعر في سوريا من سيشتريها؟ والبيع بخسارة، هذا لم يعد تجارة!.

الموقف الإيراني

في حين أن حليفته الأخرى إيران، أوقفت الخط الائتماني، الذي كان يزود نظام الأسد بجزء كبير من احتياجاته النفطية، منذ 15 آذار/ مارس عام 2018، لأسباب متعلقة إلى حد كبير بالأزمة الاقتصادية التي تعاني منها إيران والعقوبات الأمريكية القاسية.

صحيفة “وول ستريت جورنال” تحدثت في الـ23 من الشهر الفائت، أن العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران تسببت بخسائر غير مسبوقة في تدفق الخام النفط إلى سوريا، مما أدى إلى قطع شريان الحياة الذي كان يغذي نظام الأسد طوال سنوات الحرب ويساعده في الاستمرار.

وبحسب مزود البيانات البحرية “TankerTrackers”، لم تتمكن إيران من إيصال النفط إلى سوريا منذ 2 يناير/كانون الثاني. وهذا يعني خسارة تقدر بحوالي 66,000 برميل يومياً خلال الثلاثة أشهر السابقة.

وقال مؤسس المزود، سمير مدني، إن إمدادات النفط الإيرانية “سقطت إلى الهاوية” وإن صهاريج التخزين فارغة في بانياس، حيث تقع أكبر مصفاة للنفط في سوريا.

المستقبل القريب

فيما قال الإعلامي السوري الميداني فراس كرم، إن هناك أحداثًا متسارعة في سوريا على مختلف الأصعدة، فهناك استعدادات لحرب بين قسد وبعض الفصائل ضد مليشيات إيران والأسد شرق سوريا، كذلك تفاقمت أزمة الوقود والمحروقات في مناطق النظام وسط سوريا، وهناك رائحة إنقلاب عسكري مرحلي في جبال العلويين بإسناد روسي.

وتابع: “الهدف الأول من العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة على النظام وقريباً على حلفائه

–  وضع جدول زمني لإنهاء فترة حكم النظام
–  إرغام الروس على العودة للقرار الأمريكي
–  إجبار الإيرانيين على الخروج من سوريا والعراق واليمن بخسائر فادحة لا يمكن للنظام الإيراني اخفاءها على شعبه وهذا ما يقلق الإيرانيين جداً لأن المصير هو السقوط” .

وأردف: “هناك خطة دولية بشأن نظام الأسد وإما أن يقبل بشروط التفاوض على التنحي عن الحكم أو أن عليه مواجهة انقلاب عسكري بموازاة الحصار الاقتصادي الذي سيتفاقم أكثر في مناطق سيطرته”.

ربما يعجبك أيضا