الحوثي يحاصر «حمة صرار» اليمنية.. هل تنجح الوساطة من أجل التهدئة؟

إسراء عبدالمطلب

دفعت مليشيات الحوثي تعزيزات إلى المنطقة، لكن القبائل في بلدة الوثبة أغلقت الطرق واشتبكت مع الحوثيين بعنف بعد تدخل وساطة سمح للحوثيين بإنزال جثث قتلاهم إلا أنهم سرعان ما عادوا لتكثيف وجودهم العسكري ورفع سقف مطالبهم.


شددت مليشيات الحوثي حصارها على بلدة حمة صرار في بلاد قيفة بمحافظة البيضاء وسط اليمن.

وكانت البلدة، التي تقع في مديرية ولد ربيع شمال غرب البيضاء، شهدت مواجهات عنيفة بين القبائل ومليشيات الحوثي، الأربعاء 7 أغسطس 2024، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، وتدخلت وساطة محلية لتهدئة الأوضاع مؤقتًا، ولكن الحوثيين استأنفوا تعزيزاتهم العسكرية وحاصروا البلدة عسكريًا وقيّدوا حركة السكان.

وساطة محلية

حسب موقع “يمن مونيتور”، بدأت مليشيات الحوثي في منع إدخال المواد الغذائية إلى البلدة، منذ صباح يوم السبت، وقيّدت وصول السكان إلى مزارعهم والأسواق للحصول على احتياجاتهم، وذلك بعد أن كثفوا من وجودهم العسكري يوم الجمعة، بما في ذلك استخدام الطائرات المسيّرة، ويقود شيوخ القبائل وساطة محلية من أجل تهدئة الموقف، في الوقت الذي تصر فيه مليشيات الحوثي على استكمال أخذ الرهائن من سكان حمة صرار.

واقتاد الحوثيون 11 شخصًا من أبناء حمة صرار كرهائن إلى معتقلاتهم في رداع وسجون أخرى بمناطق سيطرتهم، وجاء ذلك بعد أن سلم هؤلاء أنفسهم طواعية، في محاولة لقطع الطريق أمام أي مبرر قد تلوح به المليشيات لمواصلة هجومها ورفع حصارها العسكري المستمر منذ 4 أيام.

تعزيزات عسكرية

لا يزال الحوثيين متمسكين بخططهم لاجتياح البلدة عسكريًا، بعد رفض أحد رجال القبيلة تسليم نفسه كرهينة، ويحاول شيوخ الوساطة تهدئة الوضع، بينما تستمر مليشيات الحوثي في استقدام التعزيزات العسكرية إلى أبواب ومداخل البلدة.وقدم الحوثيون قائمة بـ12 شخصًا من وجهاء ومواطني حمة صرار، واشترطوا أخذهم كرهائن مقابل رفع حصارهم واستجاب معظم المطلوبين وسلموا أنفسهم كرهائن لتجنب أي تصعيد عسكري، باستثناء شخص واحد رفض الاستجابة، مما دفع الحوثيين لتشديد حصارهم وتهديدهم باقتحام البلدة وتهجير السكان.

ومنذ انقلاب الحوثيين في أواخر 2014، سعوا لإحياء نظام “الرهائن” الذي كان يستخدم خلال فترة حكم الإمامة لشمال اليمن بين عامي 1918 و1962، كوسيلة لقمع القبائل وضمان عدم تمردها، ومع تشديد الحوثيين حصارهم للبلدة واستمرار حملتهم العسكرية رغم استيلائهم على الرهائن، تظل المخاوف قائمة من احتمال ارتكابهم لمجازر جديدة ضد القبائل. حذرت 113 منظمة من منظمات المجتمع المدني في اليمن من تداعيات الحصار واعتبرته اعتداءً صارخًا.

بداية الأزمة

حذرت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا من إمكانية ارتكاب الحوثيين مجزرة جديدة بحق المدنيين في حمة صرار، معتبرةً أن ذلك امتداد لجرائم القتل الممنهج والإرهاب المتجذر منذ انقلابهم. وقال وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، إن “التقارير الميدانية تفيد بقيام الحوثين بتسيير حملة مسلحة بمشاركة الأسلحة الثقيلة المنهوبة من مخازن الدولة من الدبابات والمدفعية والطائرات المسيرة، إيرانية الصنع، لاقتحام قرية حمة صرار، بعد أيام من مقتل اثنين من أبناء القرية على يد عناصرها أثناء مرورهم في إحدى نقاط التفتيف”.

واتهم الوزير اليمني جماعة الحوثي بـ”الاعتداء على مئات القرى والعزل في مختلف المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها، إذ صعدت من جرائمها وانتهاكاتها بحق المدنيين من قتل وتهجير وتفجير للمنازل، ومارست بحقهم الفظائع” على حد قوله.

وكان مواطن أصيب برصاص عناصر حوثية الأربعاء الماضي، أثناء قيادته دراجته النارية عند حاجز تفتيش في حمة صرار، بزعم سرعته الزائدة، وتدخل أحد أبناء المنطقة لإنقاذه ولكنه قُتل برصاص الحوثيين وأثار الحادث غضب قبيلة حمة صرار، فتدافع أبناؤها وهاجموا عناصر الحوثيين في الحاجز مما دفع الحوثيين للتحصن في مئذنة مسجد، فحاصرهم رجال القبائل وقتلوهم وأحرقوا المئذنة.

اشتباكات عنيفة

دفعت مليشيات الحوثي تعزيزات إلى المنطقة، لكن القبائل في بلدة الوثبة أغلقت الطرق واشتبكت مع الحوثيين بعنف، وبعد تدخل وساطة سمح للحوثيين بإنزال جثث قتلاهم، إلا أنهم سرعان ما عادوا لتكثيف وجودهم العسكري ورفع سقف مطالبهم.

وهذه ليست المرة الأولى التي تنكل فيها مليشيات الحوثي بسكان البيضاء، ففي مارس 2024 حصرت الحوثيون حي الحفر في رداع لأسابيع، مما أدى إلى مقتل نحو 30 شخصًا في مجزرة هزت اليمن والعالم، كما اجتاحت المليشيات عشرات القرى في البيضاء، وشنّت حملات إبادة ضد قبائل متعددة باستخدام الإعدامات وتفجير المنازل وأخذ الرهائن.

ربما يعجبك أيضا