الدبلوماسية ومناظرة بايدن وترامب.. نحو أفول أمريكي

تبادل اتهامات.. كيف تناول بايدن وترامب قضايا السياسة الخارجية؟

محمد النحاس

اعتبر ترامب أن موقف إدارة بايدن سيدفع الولايات المتحدة إلى حرب أخرى، مضيفًا: "ونحن أقرب إلى الحرب العالمية الثالثة مما يمكن لأي شخص أن يتخيل، وسيقودنا إلى هناك"، رد بايدن على هذا الرأي قائلا: "هل تريد حربا عالمية ثالثة؟ دع (ترامب) يفوز ودعه يخبر بوتين بأن يفعل ما يريده لحلف شمال الأطلسي".


في مناظرتهما الرئاسية الأولى لانتخابات 2024، عبرت أحاديث الرئيس الأمريكي جو بايدن والسابق دونالد ترامب عن عدم وضوح رؤيتهما تجاه السياسة الخارجية.

وبالنسبة لمن شاهد المناظرة فإنه لن يتمكن من الاطلاع على الفارق بين رؤية الرجلين تجاه قضايا السياسة الخارجية الأكثر إلحاحًا، وعلى حد وصف تحليل  لمجلة “ريسبنسبول ستيت كرافت” الأمريكية، فإنها كانت في هذا المجال بمثابة “خيبة أمل”، فهل نحن أمام شيخوخة دبلوماسية “العم سام”؟ وعجزها عن تبني مواقف واضحة تجاه قضايا السياسة الخارجية؟  

قضايا ملحة

انشغل الأمريكيون ووسائل الإعلام العالمية بعد مناظرة بايدن وترامب، بالحديث عن التصريحات الخاطئة، والبيانات المغلوطة، والاتهامات المتبادلة والموقف من قضايا الاقتصاد، وعمر بايدن وإدانة ترامب.. لكن هناك أخرى وهي السياسات الخارجية، والمواقف الدبلوماسية، والتي لم تتطرق إليها الكثير من المناقشات، رغم أهميتها، فكيف جاء أداء المرشحين في هذا الصدد؟ وهل يعكس اتجاه الولايات المتحدة نحو دور محدود في العالم؟

في المرتين الأخيرتين، واجه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والرئيس جو بايدن بعضهما البعض على منصة المناظرة خلال السباق الرئاسي قبل 4 سنوات، لم تحصل السياسة الخارجية على الكثير من الاهتمام.  

 لكن تأتي المواجهة الأولى لانتخابات هذا العام، على خلفية حربين كبيرتين، لواشنطن مصلحة حاسمة فيهما، فضلاً عن تصاعد المنافسة مع الصين، لذلك لم يكن من الممكن الابتعاد عن قضايا السياسة الخارجية، حسب مقال لمجلة فورين بوليسي الأمريكية منشور في 28 يونيو 2024.

ورغم القضايا العالمية الملحة مثل حربي غزة وأوكرانيا، إلا أن كلاً من بايدن ترامب تحدثا كثيرًا في نقاط جانبية، لمدة 11 دقيقة ولم يعودا إلى الموضوعات الأساسية، إلا في لحظات عابرة من التهكم والهجوم المتبادل، وفق تحليل ريسبنسبول ستيت كرافت. 

ترامب وهجوم على بايدن

شن ترامب، “هجومًا” كان محتواه سطحيًا عن كيفية -كما يتصور- أن “ضعف” بايدن ونقص في قدراته القيادية والانسحاب “المشين” من أفغانستان في سبتمبر 2021، شجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على بدء جرب أوكرانيا. 

ولم يكتفى بذلك بل اعتبر أيضا أن هذا الانسحاب شجع حماس على مهاجمة إسرائيل، وكرر هذا الإدعاء عدة عدة مرات خلال المناظرة كان مدتها 90 دقيقة واستضافتها شبكة سي إن إن.  

وقال ترامب: “كان (بايدن) سيئًا للغاية مع أفغانستان، وكان الأمر محرجًا للغاية”، مردفًا “لو كان لدينا رئيس حقيقي، رئيس يحظى باحترام بوتين، لما غزا أوكرانيا أبدًا” وفق عبارته.

حرب أوكرانيا

تعهد ترامب بتسوية الحرب بين روسيا وأوكرانيا دون توضيح لكيفية القيام بذلك، وسبق أن أعلن مرارًا وتكرارًا أن بإمكانه إنهاء الحرب في غضون 24 ساعة. 

ورد بايدن بالقول إن ترامب شجع بوتين علنًا على “الغزو” في فبراير 2022 وكرر أنه إذا لم يتم إيقافه، فإن الرئيس الروسي سوف يجتاح أوروبا لإعادة تأسيس “الإمبراطورية السوفيتية”.

حرب عالمية ثالثة

اعتبر ترامب أن موقف إدارة بايدن سيدفع الولايات المتحدة إلى حرب أخرى، مضيفًا: “ونحن أقرب إلى الحرب العالمية الثالثة مما يمكن لأي شخص أن يتخيل، وسيقودنا إلى هناك”. 

ورد بايدن على هذا الرأي قائلا: “هل تريد حربا عالمية ثالثة؟ دع (ترامب) يفوز ودعه يخبر بوتن بأن يفعل ما يريده لحلف شمال الأطلسي” في إشارة من بايدن لتصريحات سابقة لترامب أدلى في فبراير حول تشجعيه الروس على مهاجمة دول الناتو التي لا تفي باستحقاقتها المالية تجاه الحلف.

بايدن وإسرائيل

كما كان متوقعًا، أعرب كلا المرشحين تأييداً كاملاً لإسرائيل، ولكن بدرجات مختلفة وبطرق مختلفة. وتباهى بايدن بصفقة وقف إطلاق النار من البيت الأبيض التي لم ترى كلاً من حماس وإسرائيل، أنها جادة.

وقال بايدن “الجهة الوحيدة التي تريد أن تستمر الحرب هي حماس”، مضيفاً أن الجماعة الفلسطينية المسلحة “أُضعفت إلى حد كبير” و”يجب القضاء عليها”، وأكد دعم إسرائيل مع تنويه مفاده أنه يجب أن تكون “حذرة في المناطق المأهولة بالسكان”.

بالنسبة لبايدن فإن محاولته الإيحاء بأنه يحجب قنابل تزن 2000 رطل عن إسرائيل لأسباب إنسانية، قوضت بسرعة تأكيده بأن الولايات المتحدة كانت تمنح إسرائيل كل ما تريده.

ترامب وإسرائيل

أما ترامب فقد ابتعد في بداية الأمر عن أزمة الشرق الأوسط، مرددًا إدعاءه مرة أخرى بأن بوتين لم يكن ليهاجم أوكرانيا لو كان ترامب في البيت الأبيض. وعن الحرب في غزة، أكد أن حماس لم تكن لتهاجم إسرائيل لو كان ترامب رئيسًا في ذلك الوقت.

وعن مواصلة الحرب، قال ترامب: “في الواقع، إسرائيل هي التي تريد الاستمرار.. يجب أن ندعهم يذهبون ونتركهم ينهون مهمتهم”، كما وصف بايدن بأنه أصبح مثل “الفلسطيني السيء”. وعندما سألت  المذيعة دانا باش، ترامب، عما إذا كان سيدعم إقامة دولة فلسطينية، تجنب ترامب الرد، وقال فقط إنه “سيتعين عليه أن يرى” قبل أن يعود بسرعة إلى التهكم بشأن دور بايدن مع حلف شمال الأطلسي، وفق مجلة “فورين بوليسي”. 

ومناخيًا، يرى الباحث السياسي، إيلي كليفتون، من معهد كوينسي أن كلا المرشحين لم يقدما رؤية عن كيفية تفاعل الولايات المتحدة إيجابيًا مع العالم بطريقة تعزز المصالح الأمريكية وتتصدى للتهديدات الوجودية المشتركة التي يشكلها تغير المناخ وانتشار الأسلحة النووية وتزايد التوترات بين القوى الكبرى”.

ربما يعجبك أيضا