“الدفع النووي” .. مؤامرة إيرانية للضغط على المجتمع الدولي

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

خلال كلمته التي ألقاها في مؤسسة “تشاتام هاوس” البريطانية، قال مساعد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقتشي، إن الاتفاق النووي غير مرتبط بأي قضية أخرى، وإن إيران لا يمكنها الاستمرار بالتزامها بالاتفاق النووي لأنها لم تنتفع منه لغاية الآن في ضوء إجراءات الولايات المتحدة الأمريكية المنتهكة له.

وأضاف “من الخطأ الكبير ربط الاتفاق النووي بسائر القضايا مثل سوريا واليمن والملف الصاروخي الإيراني والقضايا الأخرى، وفي ما لو تم الربط بينها لم يكن بالإمكان حل القضية النووية فضلاً عن أنه كان سيزيد سائر القضايا تعقيداً”، مضيفاً أن إيران لا تصنع الأسلحة النووية وأنها ملتزمة بهذا الأمر.

وأكد بأن تعهدات إيران تجاه الاتفاق النووي محددة ولكن هنالك قيود زمنية، مضيفاً “لقد قبلنا القيود في الاتفاق النووي من أجل بناء الثقة، وحينما تنتهي القيود ستصبح إيران عضوا عاديا في معاهدة أن بي تي”.

كما خاطب عراقتشي المجتمعين قائلاً: إنكم على علم بالشروط التي وضعها ترامب وتهديداته التي يطلقها والخطوط الحمراء التي يرسمها لنا فهذا النوع من التصرف سيقوض الاتفاق وتعلمون بان الاتفاق كان نجاحا كبيرا بالنسبة لكم (5 1) ونحن الذين التزمنا به وهذا ليس كلامي أنا بل هو وفق ما جاء في بيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

تصريحات عراقتشي تلوح بخطوة قد تتخذها طهران، إذا ما شعرت أن الإتفاق النووي يقيد طموحاتها الإقتصادية. لكن حتى الآن مازال الإتفاق النووي مفيدًا لإيران، على الأقل يحميها من إتخاذ ذريعة دولية لشن
 حرب ضد طهران.

تأتي تصريحات عراقتشي أيضًا ردًا على تصريحات نائب الرئيس الأمريكي، مايكل بنس الذي وصف الإتفاق النووي بالخطأ الكبير، وصرح بأن واشنطن لن تجدد الإتفاق مرة أخرى. وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وجه إنذارا للقوى الأوروبية يوم 12 يناير الماضي، قائلا إنه يتعين عليها “إصلاح العيوب المزعجة في الاتفاق النووي الإيراني”، وإلا سيرفض تجديد رفع العقوبات الأميركية عن إيران. وحدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مهلة تنتهي في أيار/مايو المقبل لسد “الثغرات” في النص، وهو ما دفع دول مثل فرنسا للضغط على طهران في محاولة لإنقاذ الإتفاق النووي.

تقرير الوكالة الدولية

وقد أظهر تقرير فصلي سري للوكالة الدولية للطاقة الذرية الخميس الماضي، بعد تصريحات عراقتشي، أن إيران لا تزال ملتزمة بالقيود الرئيسية المفروضة على أنشطتها النووية بموجب الاتفاق النووي الذي توصلت إليه مع القوى الكبرى عام 2015.

وأفاد التقرير بأن الجمهورية الإسلامية لم تتجاوز القيود على مخزوناتها من اليورانيوم المنخفض التخصيب والماء الثقيل ولم تخصب اليورانيوم لمستوى نقاء يتجاوز 3.67 في المئة مثلما ينص الاتفاق، الذي رفع أيضا العقوبات الدولية ضد طهران.

والاتفاق الذي أبرم في تموز/يوليو 2015 في ظل إدارة باراك أوباما بين إيران والقوى الكبرى (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا)، يحد من الأنشطة النووية الإيرانية بشكل يضمن طبيعتها السلمية.

ويستهدف الاتفاق تمديد الوقت الذي تحتاجه إيران لصنع قنبلة نووية، إذا قررت ذلك، من بضعة أشهر إلى عام تقريبا. وواجه الاتفاق انتقادات عنيفة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي دعا حلفاء بلاده الأوروبيين والكونجرس إلى المساعدة في إصلاح ما وصفها بأنها عيوب خطيرة تشوبه.

لكن إيران التي أكدت على الدوام أن برنامجها النووي لا ينطوي على أي بعد عسكري، رفضت التفاوض مجددا حول الاتفاق وأيدتها موسكو في ذلك.

وشنت طهران هجوما مضادا في مطلع شباط/فبراير متهمة واشنطن “بانتهاك معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية” بعد إعلان الولايات المتحدة أنها تريد امتلاك أسلحة نووية جديدة ضعيفة القوة.

الضغط على المجتمع الدولي

قالت الوكالة الدولية في تقريرها أيضا، إن إيران أبلغتها في رسالة باتخاذ قرار “لبناء وحدات دفع نووية بحرية في المستقبل”.

وطلبت الوكالة من إيران “المزيد من الإيضاحات والتفاصيل” وأضافت أن اتخاذ قرار ببناء منشآت جديدة من أجل الدفع النووي البحري يتطلب تزويدها بمعلومات عن التصميم الأولي. وأشار التقرير إلى أن إيران لم ترد بعد على طلب الوكالة.

ونشرت وسائل إعلام إيرانية على لسان المتحث باسم وكالة الطاقة الذرية في إيران، أن “وحدات الدفع” هي خيار إيران أمام أمريكا، ما يعني أن إيران لن تستسلم للضغوط الأمريكية بسهولة، وستحاول جر المجتمع الدولي للتفاوض حول ملفات جديدة.

وأثارت إيران هذا الاحتمال من قبل. وأمر الرئيس حسن روحاني في 2016 ببدء التخطيط لتطوير وحدات دفع بحرية نووية ردًا على ما وصفه بخروقات للاتفاق من جانب الولايات المتحدة.

وفي منتصف يناير الماضي، أعلن المتحدث بإسم منظمة الطاقة الذرية بهروز كمالوندي ان ايران تتابع موضوع الابحاث النووية و صناعة محركات الدفع النووي بشكل جاد و في اطار البرنامج المخطط له.

وأوضح كمالوندي آخر التطورات بشأن الأبحاث المتعلقة بمحركات الدفع النووي و بناء مفاعلات صغيرة لإنتاج الكهرباء من الطاقة النووية. وقال، إننا قدمنا تقريرا للخارجية في هذا المجال على أن يقدم الأخير أيضا تقريرا لمجلس الشورى الإسلامي.

وأوضح أنه وعلى أساس البروتوكول 3.1 فإن أي من أعضاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية عندما يقرر القيام بنشاط باستخدام المواد النووية عليه أن يبلغ الوكالة بهذا الموضوع.

وقال كمالوندي، إنه لا يمكن حصر قضية محركات الدفع النووي في فترة زمنية تمتد بين شهر واحد أو ستة أشهر بل إن إنجازها بحاجة إلى عدة سنوات ولكن المهم هو متابعة هذا الموضوع بشكل جاد وفي إطار البرنامج المخطط له.

وتصريحات كمالوندي هذه، تُظهر أن إيران تريد الضغط على المجتمع الدولي بخصوص مسألة المفاعلات النووية الصغيرة لتحريك السفن، ولكنها لم تحدد الوقت للإنتهاء من ذلك، حتى ما إذا تم التفاوض مع طهران، فيمكنها تأخير هذه الخطوة. أو ربما هي مناورة من طهران حتى الآن ولم تخرج إلى حيز التنفيذ العملي.

ربما يعجبك أيضا