الدولار الضعيف.. حينما يخطط ترامب لتقليص العجز الأمريكي

حسام عيد – محلل اقتصادي

لا يزال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يهاجم مجلس الاحتياطي الفيدرالي بطريقة غير مسبوقة، بآمال إضعاف الدولار للمساعدة في خفض العجز التجاري للولايات المتحدة.

الأمر الذي أصبح واقعًا ملموسًا في الآونة الراهنة، فكثير من عملات الأسواق الناشئة بدأت تتعافي مقابل الدولار، بل وتخطته في تقارير المؤسسات العالمية بشأن العملات الأفضل أداء ومدى ثباتها أمام مخاطر تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي وتصاعد وتيرة النزاع التجاري بين الصين وأمريكا.

ترامب بصدد إضغاف الدولار

تحت شعار “نشر الاستقرار” في اقتصاد الولايات المتحدة، ينوي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتخاذ قرار بتعويم سعر صرف الدولار خلال الفترة المقبلة مقابل العملات الأجنبية، وهو ما يعني تخفيض قيمة العملة الأمريكية.

ميشيل مائير الخبير الاقتصادي في بنك أوف أميركا، ومحلل وضع العملات في “بنك بن راندال”، قال إنه إذا بدا أن انتقال الاحتياطي الفيدرالي “البنك المركزي” إلى خفض نسبة الفائدة، لا يكفي، فسيزداد احتمال التدخل الرسمي في الموضوع النقدي.

تقليص العجز التجاري الأمريكي

ترامب تخلى علنًا وبشكل صريح، عن سياسة “الدولار القوي”، التي تمسك بها أسلافه في الحكم.

ويعتقد الرئيس الأمريكي، أن “الدولار القوي”، يعيق تصدير البضائع والخدمات الأمريكية، ويؤدي فقط إلى تفاقم العجز التجاري، ففي عام 2018، وصل هذا المؤشر إلى رقم غير مسبوق “621 مليار دولار”.

وفي حال بات الدولار أرخص، سيفضل المستهلك الأجنبي شراء السلع الأمريكية، وسيؤدي ذلك إلى زيادة الإنتاج وتقليل العجز في التجارة الخارجية.

وفي أواخر يونيو، هاجم ترامب بشدة، رئيس المصرف المركزي الأوروبي ماريو دراجي، واتهمه بخفض سعر صرف اليورو تجاه الدولار، عمدًا.

ويؤكد ترامب باستمرار، على أن الصين تخفض عمدا قيمة عملتها – اليوان، ما يجعل صادراتها أرخص ويزيد من اختلال التوازن التجاري مع الولايات المتحدة.

وأيضا هاجم ترامب سياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، واعتبر أن تشديد الاحتياطي للسياسة النقدية يسهم في تعزيز الدولار ويضر بقدرة الولايات المتحدة على المنافسة وغالبا ما تعزز العملة الضعيفة قدرة صادرات البلد على المنافسة.

ولكن الخبراء يخشون من أن استمرار ترامب في سياسة “الدولار الضعيف”، قد تقوض نمو الاقتصاد الأمريكي.

أمريكا إلى “ركود” في 2020

في عام 2018، نما الاقتصاد الأمريكي بنسبة 2.9 في المائة، ولكن بحلول نهاية العام المذكور، تباطأ بشكل بارز.

ووفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي، فسينخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة خلال العامين المقبلين. ويرى الخبراء، احتمال حدوث ركود بحلول عام 2021، بسبب وجود دين حكومي ضخم، يتجاوز 22 تريليون دولار، وعجز في الميزانية بقيمة تريليون دولار، ناتج عن زيادة حادة في تكاليف خدمة هذا الدين، بالإضافة إلى تفاقم حاد للحرب التجارية مع الصين.

ويتوقع هؤلاء الخبراء، أن الركود قد يحدث في 2020، على الرغم من الخفض المتوقع لنسبة الفائدة.

في إضعاف الدولار مكاسب لاقتصاديات الأزمات

تناولت وكالة “بلومبيرج” في تقرير لها الجوانب الإيجابية والسلبية لخفض قيمة الدولار، وأشارت إلى أن خفض قيمة العملة الأمريكية سيسهل الوضع لكثير من أسواق المال في العالم.

وقالت الوكالة، في تقريرها تحت عنوان “ترامب لم يخطئ بشأن الدولار”، إن الرئيس الأمريكي الذي لا يزال يهاجم مجلس الاحتياطي الفيدرالي بطريقة غير مسبوقة، يريد إضعاف الدولار للمساعدة في خفض العجز التجاري.

وأضافت، أن الدولار الضعيف يخفف الضغط عن الأسواق الناشئة حول العالم، وخاصة مثل تركيا، والأرجنتين التي اقترضت بكثافة بالدولار، والآن يجب عليها سداد الديون، كما أن الدولار الضعيف يعطي حافزا للمستثمرين الأمريكيين للاستثمار في الشركات الأوروبية.

عملات الأسواق الناشئة الأفضل أداءً
في أواخر يونيو 2019، قالت صحيفة وول ستريت جورنال، إن المستثمرين يتهافتون على أدوات الدين بعملات غير مألوفة التداول مثل الجنيه المصري، والهريفنا الأوكرانية.

وأضافت، أن المستثمرين يبحثون بذلك عن الأصول ضعيفة الارتباط بالأسواق العالمية وسط تزايد المخاوف بشأن النمو والتجارة.

وذكرت الصحيفة أن العملتين المصرية والأوكرانية تعدان من أفضل العملات أداءً في سوق العملات الأجنبية التي تعرضت لضغوط من قوة الدولار، والمخاوف من تباطؤ النمو العالمي، حيث ارتفع الجنيه المصري 6% مقابل الدولار منذ نهاية يناير، كما زادت العملة الأوكرانية 5% خلال نفس الفترة.

فيما سجل الروبل الروسي أعلى مستوى له في عشرة أشهر، بعد أن أشار مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي إلى أنه مستعد لخفض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد.

وصعد الروبل 1.4% ليصل إلى 62.89 مقابل الدولار الأمريكي، وهو أقوى مستوى له منذ أول أغسطس 2018.

ربما يعجبك أيضا