الدين للديان والوطن للجميع.. 10 سنوات على إنشاء بيت العائلة المصرية

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة – قبل أكثر من 10 سنوات من الآن، وتحديدا في يناير عام 2011 في أعقاب الحادثة الإرهابية التي استهدفت كنيسة القديسين في محافظة الإسكندرية، خرجت النبتة الأولى لإنشاء بيت العائلة المصرية، من أجل الحفاظ على النسيج المصري، والتصدى لمحاولات نزع الفتنة والتفرقة بين أبناء الوطن الواحد، ليبدأ الأزهر والكنيسة في القيام بدورهما للحفاظ على المجتمع المصري.

بيت العائلة المصرية كان في بدايته يهدف إلى الحفاظ‎ ‎على‎ ‎الشخصية‎ ‎المصرية‎ ‎وصيانة‎ ‎‎هويتها،‎ ‎واستعادة‎ ‎القيم‎ ‎العليا‎ ‎الإسلامية ‎والقيم‎ ‎العليا‎ ‎المسيحيَّة،‎ ‎والتركيز‎ ‎على‎ ‎القواسم المشتركة الجامعة، والعمل على ‏تفعيلها، ‎وتحديد‎ ‎التنوع‎ ‎والاحترام‎ ‎المتبادل‎ ‎لحق‎ ‎الاختلاف ‎التكاملي،‎ ‎واستنهاض‎ ‎قيم‎ ‎المواطنة‎ ‎والتقاليد الأصيلة،‎ ‎وتقوية‎ ‎‎الخصوصيات‎ ‎الثقافية‎ ‎المصرية‎.

“رمزا الوسطية والوطنية”

وزير العدل المصري المستشار عمر مروان، في كلمته التي ألقاها نيابة عن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، خلال احتفالية بيت العائلة المصرية بمناسبة مرور ١٠ سنوات على إنشائه، اليوم الإثنين: أهنئ كل بيت وكل أسرة مصرية بمناسبة مرور  عشر سنوات على تأسيس بيت العائلة المصرية، هذا الكيان الذي يؤكِّد أن مصر كانت وستظل بوعد من ربها وطنًا آمنًا للجميع، وشعبًا مباركًا.

وأضاف وزير العدل أن مصر كانت دائمًا وطنًا يتسع للجميع، يقبل التعدديَّة، ويلتزم بالوسطيَّة، ويتمسك بالإنسانيَّة، ولم تفلح محاولات القلة في بث الفتنة والعزلة بين أبناء هذا الوطن المحصنين دائمًا بوعي حقيقي، ودرع فولاذي من الجيش والشرطة في مواجهة الإرهاب بالروح والدم، وأيضًا بالفكر والعدل، تحت قيادة الرئيس المخلص عبد الفتاح السيسي، حتى تمكَّن أبناء الشعب الواحد من التكاتف في مواجهة التَّحديات وتخطي العقبات؛ التي أثمرت عن قرارٍ تاريخيٍّ  بإنهاء حالة الطوارئ؛ لتبقى مصر دائمًا بلد الأمن والأمان.

وأشار وزير العدل إلى أن بيت العائلة المصرية محور مهمٌّ من محاور مكافحة الإرهاب من خلال الجهود الحثيثة التي يقوم بها في الحفاظ على النسيج الوطني الواحد، هذا البيت الذي وَضَعَ لَبِنتَه الأولى الأزهر الشريف رمز الوسطية والكنيسة المصرية رمز الوطنية، ليمضي قُدمًا في مهمته المقدسة، ينشر روح التآخي والمحبة، وهو ما شدَّد عليه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، بأنَّ وحدة الشعب هي الضرورة القصوى لحفظ أمن وسلامة هذا الوطن.

“ثمرة التفاهم”

شيخ الأزهر أحمد الطيب، شدد على أن بيت العائلة المصرية كان ثمرة لتفاهمٍ عميق مدروس بين الأزهر والكنيسة، التَقَيا فيه من أجل تحصين مصرَ والمصريين من فتنٍ أحدقت بالبلاد، ودمَّرت مِن حولنا أوطانًا ومجتمعاتٍ، بل وحضاراتٍ ضاربةً بجذورها في قديم الأزمان والآباد، وراح ضحيَّتَها الملايينُ من الأرواح، والآلافُ من المشوَّهين والأرامل واليتامى، والفارِّين والنازحين عن دِيارهم وأوطانهم.

وأوضح الطيب، أن فكرة الكيان من رَحِمِ تحدِّياتٍ بالغة الحزن والأسى؛ مبينا أن الأزهر والكنائس المصرية، استشعروا يومَها، ما على المؤسسات الدينيَّة من واجب المشاركة في الجهود الوطنيَّة والأمنيَّة والسياسيَّة التي تبذلُها الدولة لدحرِ هذا المخطط اللَّعين، وحمايةِ الوطن، والمواطنين من تداعياته التي تُغذيها، وترعاها، قوًى خارجيةٌ بالتنسيق مع قوًى داخليَّةٍ.

وشدد شيخ الأزهر في كلمته خلال الاحتفالية التي شهدت حضور رئيس مصر السابق المستشار عدلي منصور، على أنه بعدَ ما بات من الواضح أنَّ الهدف حينها كان سقوطُ مصرَ فيما سقطت فيه دولٌ عربية كبرى وصغرى من صراعاتٍ أهلية مُسلَّحة، لا تزال أخبارها البالغةُ السُّوء تَتصدَّر الأنباء المحلية والدولية حتى هذه اللحظة.

“الدين الإبراهيمي”

وقطع شيخ الأزهر في كلمته الشكوك التي تثار للخلط بين تآخي الإسلام والمسيحية في الدفاع عن حق المواطن المصري في أن يعيشَ في أمنٍ وسلامٍ واستقرارٍ، وبين امتزاج هذين الدِّينين، وذوبان الفروق والقسمات الخاصة بكلٍّ منهما.. وبخاصة في ظل التوجُّهات التي تدعي أنه يمكن أن يكون هناك دين واحد يسمى  -بـ«الإبراهيمية»- أو الدين الإبراهيمي وما تطمحُ إليه هذه الدعوات –فيما يبدو– من مزج اليهوديَّة والمسيحيَّة والإسلام في رسالةٍ واحدة أو دِينٍ واحد يجتمعُ عليه الناس، ويُخلصهم من بوائق النزاعات والصراعات التي تُؤدي إلى إزهاق الأرواح وإراقة الدماء والحروب المسلحة بين الناس، بل بين أبناء الدِّين الواحد، والمؤمنين بعقيدةٍ واحدة.

وقال شيخ الأزهر إن هذه الدعوى، مِثلُها مثل دعوى العولمة، ونهاية التاريخ، و«الأخلاق العالمية» وغيرها – وإن كانت تبدو في ظاهر أمرها كأنها دعوى إلى الاجتماع الإنساني وتوحيده والقضاء على أسباب نزاعاته وصراعاته.. إلَّا أنها، هي نفسها، دعوةٌ إلى مُصادرة أغلى ما يمتلكُه بنو الإنسانِ وهو: «حرية الاعتقاد» وحرية الإيمان، وحرية الاختيار، وكلُّ ذلك مِمَّا ضمنته الأديان، وأكَّدت عليه في نصوص صريحة واضحة، ثم هي دعوةٌ فيها من أضغاث الأحلام أضعافَ أضعافِ ما فيها من الإدراك الصحيح لحقائق الأمور وطبائعها.

وأضاف: “من منطلق إيماننا برسالاتنا السماوية– نُؤمن بأنَّ اجتماع الخلق على دِينٍ واحدٍ أو رسالةٍ سماوية واحدة أمرٌ مستحيل في العادة التي فطر الله الناس عليها، منوها بأنَّ انفتاحَ الأزهر وعلمائه على كنائس مصر ورجالها وقادتها، وفي مقدمتها: الكنيسةُ الأرثوذكسية، وكذلك انفتاح الكنائس المصرية على الأزهر، ليس كما يُصوِّرُه البعض محاولةً لإذابة الفوارق بين العقائد والملل والأديان، منوها بأن البعض يَصعُب عليه فهمُ الفرق بين احترام عقيدة الآخَر وبين الإيمان بها، وأنَّ احترامَ عقيدة الآخَر شيءٌ والاعترافَ بها شيءٌ آخَرُ مختلفٌ تمامَ الاختلاف.

“الدين للديان”

بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية البابا تواضروس الثاني، أكد في كلمته، أن مصطلح “بيت العائلة” محبوب لدى المصريين حيث يعنى الأصالة والأمان والأخلاق الطيبة، مضيفا: “الدين للديان والوطن للجميع، فالأديان السماوية أوجدها الله للتقارب والتفاهم، وأن حياة الإنسان مهما امتدت لابد لها أن تنتهى فالإنسان سيقف أمام الديان العادل.

وشدد على أن بيت العائلة المصرية يهدف إلى تأكيد المواطنة والتعاون معًا من أجل وطن أفضل، مشيدا بالدور الهام الذي يقوم به الرئيس عبدالفتاح السيسي والحكومة وما يبذلونه من جهود إلى جانب المشروعات الكبري الموجودة في بلادنا حاليًا، وهو ما يؤكد على أن الجمهورية الجديدة ستكون متسعة للجميع، يشهد لها العالم كله بمدى تقدمها ورقيها بفضل جهود كل أبنائها.

ونبه إلى أن العالم يواجه الآن تحديات صعبة من جراء فيروس  كورونا الذي أدى إلى جفاف المشاعر بسبب إجراءات التباعد الاجتماعي، إلى جانب وجود تحديات أخرى بسبب ثورات الطبيعة وتغيرات المناخ، وكذلك دخول أفكار أخلاقية غريبة عن مجتمعنا وفي ظل كل هذه التحديات لابد من تعزيز التعاون للتصدى لكل هذه الأمور، مقترحا تبني منهج أصيل خلال العقد المقبل يهدف إلى التوعية وبناء الإنسان.

ربما يعجبك أيضا