الذكاء الاصطناعي والجغرافيا السياسية: من سيقود العالم؟

علي عبدالعزيز

مع تسارع التقدم التكنولوجي، تبرز مسألة الذكاء الاصطناعي كعامل حاسم في تحديد ملامح القوى العالمية المستقبلية، فكما ساهمت الثورة الصناعية البريطانية في تعزيز نفوذ الإمبراطورية، وأصبح وادي السيليكون مركزًا لنهضة التكنولوجيا الرقمية في الولايات المتحدة، فإن الثورة القادمة في مجال الذكاء الاصطناعي قد تتسم بطابعها العالمي منذ البداية.

في ظل تزايد التوترات الدولية، ستشكل البنية التحتية اللازمة لدعم هذه الثورة اختبارًا جيوسياسيًا بارزًا للدول والشركات الكبرى، بحسب تقرير لمجلة “فورين بوليسي”‏ الأمريكية، نُشر أمس الاثنين 28 أكتوبر 2024.

ثورة الذكاء الاصطناعي في عالم مترابط

الذكاء الاصطناعي هو تكنولوجيا متعددة الأغراض تزداد انتشارًا بسرعة كبيرة، إذ باتت أدواتها متاحة في مختلف القطاعات بشكل غير مسبوق.

ومن المثير للاهتمام أن هذا الانتشار يشمل برامج محادثة ذكية، مولدات للصور، بل وحتى مساعدي طيار افتراضيين.

تعتمد هذه التقنية على شبكة عالمية من الشراكات التجارية تشمل تقنيات من الصين والولايات المتحدة، إلى جانب مصانع تصنيع أشباه الموصلات في تايوان، وتكنولوجيا الطباعة فوق البنفسجية الشديدة من هولندا، وغيرها من المكونات الحاسمة لسلسلة التوريد.

الاستثمار في مراكز البيانات

تعتبر مراكز البيانات بمثابة مصانع للذكاء الاصطناعي، إذ تحوّل الطاقة والبيانات إلى ذكاء وإمكانيات حوسبية ضخمة.

ومن المتوقع أن تستثمر بعض كبرى شركات التكنولوجيا الأمريكية وحدها ما يتجاوز 600 مليار دولار في هذه البنية بين عامي 2023 و2026.

واستضافة هذه المراكز تمنح الدول مزايا اقتصادية وتكنولوجية، إضافة إلى نفوذ سياسي يعزز موقعها العالمي.

دور الشراكات التجارية

تستند صناعة الذكاء الاصطناعي على شراكات تجارية عالمية واسعة النطاق، مما يجعلها صناعة متعددة الجوانب من الناحية الجغرافية والسياسية.

رغم أن الولايات المتحدة تتفوق في تطوير البرمجيات وتصميم الرقاقات، إلا أنها تواجه تحديات تتعلق بتطوير مراكز بيانات قادرة على مواكبة أحمال العمل المكثفة للذكاء الاصطناعي.

وتمثل الشراكات في مجال تصنيع أشباه الموصلات وتكنولوجيا الطباعة فوق البنفسجية نقاط اتصال حيوية للشبكة العالمية التي تقوم عليها هذه الصناعة.

أمن البيانات والتحديات الجغرافية

تمثل مراكز البيانات قضايا حساسة على المستوى الأمني؛ فإلى جانب استضافة رقاقات عالية الجودة تخضع لقيود التصدير، تحمل هذه المراكز معلومات حساسة للحكومات والشركات والأفراد.

ونظرًا للتحديات التي تواجهها الولايات المتحدة مع الصين في هذا المجال، تصبح عملية تحديد مواقع هذه المراكز وتصميمها تحديًا سياسيًا وأمنيًا بامتياز.

ربما يعجبك أيضا