الذكاء الاصطناعي وحروب إفريقيا.. هل من سبيل لتجنب الكارثة؟

كيف يمكن لحرب إفريقيا على المعلومات المضللة أن تنقذ الديمقراطيات في العالم؟

بسام عباس
الدعاية باستخدام الذكاء الاصطناعي

ناقشت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، كيف تؤجج الصور المتلاعب بها والتزييف العميق على وسائل التواصل الاجتماعي الحروب، وتؤدي إلى تطرف المزيد من الجماهير.

وأوضحت أنه على مدى السنوات القليلة الماضية، قامت شركات وسائل التواصل الاجتماعي بتصفية وحدات الثقة والسلامة التابعة لها، ما أدى إلى عكس المكاسب التي تحققت في أعقاب الإبادة الجماعية في ميانمار.

محتوى عنيف

أوضحت المجلة الأمريكية في تحليل نشرته السبت 22 يونيو 2024، أن هذه الأيام تصادف مرور 30 عامًا على الإبادة الجماعية في رواندا في عام 1994، عندما تواطأت حكومة أغلبية من الهوتو ومحطة إذاعية خاصة تتمتع بعلاقات وثيقة مع الحكومة لقتل 800 ألف شخص.

وأضافت أنه مع التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي، فلا شيء من هذا بعيد المنال، والدول الإفريقية المجاورة، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية، وإثيوبيا، والنيجر، معرضة للخطر، بسبب التقاء التوترات العرقية والدينية، وعدم الاستقرار السياسي، ووجود خصوم أجانب.

وذكرت أن إثيوبيا انزلقت إلى إحدى أكثر الحروب دموية في العالم هذا القرن، وكان الفيسبوك مليئًا بمحتوى يحرض على العنف العرقي والإبادة الجماعية، ولم تتمكن خوارزمياتها من اكتشاف خطاب الكراهية باللغات المحلية بينما استمرت أنظمة التصنيف القائمة على المشاركة في توفير منصة للمحتوى العنيف.

الذكاء الاصطناعي العدائي

قالت المجلة إن ظهور الذكاء الاصطناعي العدائي، الذي يتضمن خوارزميات تسعى إلى تفادي أدوات الإشراف على المحتوى، يمكن أن يذكي نيران الحروب القادمة في القارة، ومعظم شركات وسائل التواصل الاجتماعي غير مستعدة، فالمنشورات التي تحض على الكراهية تنتشر بوتيرة وعلى نطاق أكبر بكثير، ما سيقوض الخوارزميات المستخدمة للكشف عن المحتوى التحريضي.

وأوضحت أن الأنظمة الذكاء الاصطناعي الجديدة المتطورة يمكنها تحليل الأشكال الأكثر فعالية لرسائل المعلومات المضللة، وإنتاجها على نطاق واسع، وتخصيصها بشكل فعال وفقًا للجمهور المستهدف، وفي ظل الرقابة المحدودة، يمكن أن يؤدي ذلك بسهولة إلى دفع بعض المجتمعات نحو الصراع والانهيار.

وأشارت إلى أن شركة ميتا وجدت أن الخوارزمية الخاصة بها للكشف عن خطاب الكراهية لم تكن قادرة على الأداء بشكل مناسب في أي من اللغتين الأكثر استخدامًا في إثيوبيا، الأمهرية والأورومو، كما فشلت المنظمة في الاستثمار في عدد كافٍ من المشرفين على المحتوى.

تنافس القوى الكبرى

قالت المجلة إن إفريقيا غنية بالمعادن الحيوية والعناصر الأرضية النادرة، ولذلك فهي ضحية الحروب بالوكالة بين القوى الكبرى التي تسعى للسيطرة على سلاسل التوريد لتلك المعادن المهمة، وليس من الصعب، في ظل هذا التنافس، تصور المرتزقة الأجانب والجماعات المتمردة التي تستفيد من الذكاء الاصطناعي العدائي لزرع الفوضى والاضطراب.

وأضافت أن ظهور الذكاء الاصطناعي العدائي يكون شديد الخطورة في إفريقيا نظرًا للتوترات العرقية، والتدخل الأجنبي، والاحتياطيات المعدنية المربحة، والخطاب الاستفزازي الذي يميل إلى التحليق دون العديد من حواجز الحماية الاستراتيجية، ويمكن للفصائل المختلفة أن تنشر مواد مزيفة تحاكي ضحايا المذابح الماضية أو تعلن الحرب من مصادر تبدو رسمية.

كيفية المواجهة

في مواجهة مثل هذا الخطر، لا تستطيع إفريقيا أن تنتظر حتى تتحرك شركات التكنولوجيا الغربية، ويتعين على الحكومات الإفريقية أن تأخذ زمام المبادرة، ومع تزايد تطور أدوات التضليل، أصبحت أنظمة السلامة القديمة غير صالحة، في مواجهة مثل هذا التهديد، ولا يمكن أن يكون الحل هو الاستثمار حصريًا في الإشراف على المحتوى.

ولذلك ينبغي على إفريقيا أن تلجأ أولاً إلى الخبراء في مجال المعلومات المضللة، وينبغي للدول المهددة بالتكنولوجيا أن تطالب بتعيين مجلس مستقل من الخبراء يمكنه طلب إجراء عمليات تدقيق مستقلة لطبيعة الخوارزميات المستخدمة، والمشاركة في التوقيع على قرارات الإشراف على المحتوى في مناطق الأزمات، وقياس مدى فعالية التدخلات الجديدة.

ومن ناحية أخرى، ينبغي لشركات التكنولوجيا أن تستثمر في الخوارزميات القادرة على اكتشاف خطاب الكراهية باللغات المحلية، وبناء شبكة أكثر اتساعًا من مشرفي المحتوى وخبراء الأبحاث، وإعطاء الأولوية لمزيد من الشفافية والتعاون الذي يسمح للخبراء المستقلين بإجراء عمليات التدقيق، وتصميم التدخلات السياسية، وقياس التقدم في نهاية المطاف.

ربما يعجبك أيضا