الذهب كاستثمار.. ملاذ آمن أم مخاطرة غير محسوبة؟

الذهب والاستثمار.. بين الحفاظ على الثروة ومخاطر السوق

أحمد الحفيظ
الذهب عالميًا يرتفع مع ترقب المستثمرين لشهادة رئيس الفيدرالي

لطالما كان الذهب رمزًا للثروة والقوة، وما زال يعد من أهم الأصول التي يلجأ إليها المستثمرون، رغم عدم قدرته على توليد عوائد شهرية أو سنوية مثل تلك التي تمنحها البنوك والبورصات.

وفي ظل التغيرات الاقتصادية العالمية المستمرة والتقلبات في الأسواق المالية، يبرز الذهب كملاذ آمن للعديد من المستثمرين الذين يسعون لحماية أموالهم من الأزمات. لكن السؤال يبقى: هل يمكن الاعتماد على الذهب كمصدر استثماري طويل الأجل؟

لماذا يُعتبر الذهب ملاذًا آمنًا؟

يقول الخبير الاقتصادي أحمد أبو الوفا لـ”شبكة رؤية الإخبارية” إن الذهب يتمتع بخصائص تجعله متميزًا عن الأصول الأخرى، فهو ليس مجرد معدن نفيس يستخدم في صناعة الحلي، بل هو أصل مالي مستقر يُحافظ على قيمته على المدى الطويل.

ويضيف أنه في الأوقات التي تشهد فيها الأسواق المالية اضطرابات أو أزمات، يلجأ المستثمرون إلى الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا لحماية ثرواتهم من التضخم والانكماش، هذا الاتجاه يعود إلى أن الذهب ليس مرتبطًا بشكل مباشر بأداء الاقتصاد الكلي أو بسوق الأسهم، مما يجعله أداة فعالة للتحوط من المخاطر.

علاوة على ذلك، يلعب الذهب دورًا هامًا في تنويع المحافظ الاستثمارية، فإضافة الذهب إلى المحفظة يمكن أن يقلل من المخاطر الإجمالية، خاصة في أوقات الأزمات الاقتصادية، حيث يكون أداء الذهب عادةً أفضل مقارنة بالأصول الأخرى مثل الأسهم أو السندات.

التحديات المرتبطة بالاستثمار في الذهب

ويكمل أنه رغم هذه المزايا، فإن الاستثمار في الذهب ليس خاليًا من التحديات، أحد أبرز هذه التحديات هو عدم توليد الذهب لأي دخل ثابت، مثل الأرباح أو الفوائد، على عكس الأسهم أو السندات التي يمكن أن تحقق دخلًا دوريًا للمستثمر، فإن العائد على الاستثمار في الذهب يعتمد فقط على ارتفاع قيمته السوقية.

بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر الذهب من الأصول التي يمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية حادة في الأسواق العالمية، حسبما وصف أبو الوفا، فعلى الرغم من أن الذهب قد يرتفع في أوقات الأزمات، إلا أنه قد يتعرض أيضًا لانخفاضات حادة عندما تستقر الأوضاع الاقتصادية أو ترتفع أسعار الفائدة، هذا يجعل توقيت الدخول والخروج من الاستثمار في الذهب أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق الأرباح وتجنب الخسائر.

الذهب في مواجهة التضخم والركود

يشير الخبير الاقتصادي إلى أن إحدى أبرز مزايا الذهب هي قدرته على الاحتفاظ بقيمته في مواجهة التضخم، عندما ترتفع معدلات التضخم، عادةً ما يفقد النقد قيمته الشرائية، في حين يظل الذهب محتفظًا بقيمته أو حتى يزدادـ هذا يجعله خيارًا جذابًا لحماية الأموال من تآكل قيمتها في ظل التضخم.

من ناحية أخرى، في حالات الركود الاقتصادي، قد يكون الذهب أيضًا ملاذًا جيدًا، حيث يميل المستثمرون إلى التحول إلى الأصول الملموسة مثل الذهب في ظل ضعف الثقة في الأسواق المالية والنقدية.

استراتيجيات متنوعة

يؤكد أبو الوفا أنه من الممكن الاستثمار في الذهب بطرق متعددة، منها شراء الذهب الفعلي مثل السبائك والعملات الذهبية، أو الاستثمار في الصناديق المتداولة في البورصة المدعومة بالذهب، أو حتى من خلال الأسهم في شركات التعدين، لكل من هذه الطرق مزاياها وعيوبها، وهي تعتمد على تفضيلات المستثمر ومدى رغبته في تحمل المخاطر.

كما أن الاستثمار في الذهب الفعلي يمنح المستثمر ملكية مباشرة، ولكنه يتطلب تكاليف إضافية مثل التخزين والتأمين، أما الاستثمار في الصناديق المتداولة أو أسهم شركات التعدين، فيوفر سيولة أكبر ولا يتطلب التعامل مع الذهب المادي، لكنه يحمل مخاطر السوق والأسعار المتقلبة.

استراتيجية استثمارية متوازنة

بحسب أبو الوفا يمكن القول إن الذهب يمثل جزءًا هامًا من أي استراتيجية استثمارية متوازنة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية غير المستقرة، ومع ذلك، لا ينبغي الاعتماد على الذهب بشكل كامل كمصدر استثماري وحيد، بل يجب أن يكون جزءًا من محفظة متنوعة تضم أصولًا مختلفة لتحقيق التوازن بين المخاطر والعوائد.

الذهب، على الرغم من تقلباته، يظل أداة استثمارية قيمة يمكن الاعتماد عليها لحماية الثروة وتحقيق الاستقرار المالي، لكنه ليس بديلاً شاملاً عن الأصول الأخرى التي توفر فرصًا لتحقيق عوائد أعلى على المدى الطويل.

ربما يعجبك أيضا