السعودية وروسيا على أعتاب نقلة نوعية في مجال الطاقة

حسام عيد – محلل اقتصادي

من المتوقع أن تشكل استثمارات الطاقة نقطة رئيسية في زيارة خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز إلى روسيا، غدًا الخميس، وذلك نظرا لما يمثله البلدان من ثقل استراتيجي في أسواق النفط العالمية.

ويشكل التحالف السعودي – الروسي تطورًا مهمًا في الصناعة النفطية العالمية، فهو يأخذ أبعادًا دولية تتمثل بالمشاركة في اتفاق أوبك لخفض الإنتاج، من أجل زيادة السحب من المخزون النفطي القياسي الضاغط على الأسعار، كما يرمي إلى تمتين أواصر التعاون بين الصناعتين النفطيتين الروسية والسعودية. وستشهد الزيارة توقيع اتفاقات للتعاون النفطي بين البلدين بقيمة 3 مليارات دولار.

مدى التأثير في أسواق النفط

يصل إنتاج المملكة العربية السعودية من النفط إلى 10 ملايين برميل يوميًا بحسب آخر الإحصاءات الرسمية الصادرة عن شهر أغسطس، ويعادل 10.4% من الإنتاج العالمي للنفط.

بالمقابل، يقارب إنتاج روسيا النفطي من 10.9 ملايين برميل يوميا، بما يعادل 11.3% من إنتاج النفط على مستوى العالم ككل.

وكانت مستويات الإنتاج النفطي في السعودية وروسيا أكبر مما هي عليها الآن، لكن نظرا لامتثالهم لاتفاق أوبك لخفض الإنتاج، تراجع إنتاج النفط لديهما إلى هذه المستويات.

وعلى الرغم من ذلك التراجع، لم يزل الإنتاج النفطي للسعودية وروسيا حتى الآن يشكل ما يقارب 22% من الإنتاج العالمي.

دعم متواصل لاتفاق أوبك

لعبت السعودية وروسيا دورًا كبيرًا في اتفاق أوبك، ففي داخل المنظمة ساهمت السعودية بشكل رئيسي في التأثير على الدول الأعضاء، في حين لعبت روسيا دورا في التأثير على المنتجين المستقلين.

وبالتالي حافظ اتفاق أوبك على نجاحه إلى حد ما حتى الوقت الراهن.

ويستهدف اتفاق أوبك خفض مستويات الإنتاج النفطي إلى ما يقارب 1.8 مليون برميل يوميا داخل المنظمة، وما يقارب 600 ألف برميل يوميا من قبل المنتجين المستقلين من خارج أوبك.

كانت حصة الخفض المطلوبة من السعودية 486 ألف برميل يوميا، لكنها خفضت إنتاجها النفطي حتى أغسطس بحسب بيانات أوبك إلى ما يقارب 522 ألف برميل يوميا.

فيما بلغت حصة روسيا من خفض الإنتاج النفطي 300 ألف برميل يوميا، واليوم حققت خفضًا في الإنتاج بما يقارب 319 ألف برميل يوميا.

وبذلك تكون السعودية وروسيا خفضتا إنتاجهما النفطي بنسبة امتثال تجاوزت 100%، وبما يعادل 50% من اتفاق أوبك.

انعكاسات أسعار النفط

على الرغم من الخلافات المستمرة بين أوبك والمنتجين المستقلين على مدى عقود طويلة، إلا أن التراجعات الكبيرة في أسعار النفط منذ يونيو 2014 دفعت إلى تنحية الخلافات بين الطرفين والدخول في محادثات لمعالجة التداعيات السلبية والتي جاءت في مقدمتها تراجع الإيرادات النفطية بشكل كبير، والتوصل إلى اتفاق لخفض مستويات الإنتاج النفطي في الدول الأعضاء داخل أوبك وكذلك في المنتجين المستقلين خارجها.

وترك انخفاض أسعار النفط تداعيات على الاقتصاد الروسي والسعودي، حيث تراجع النمو الاقتصادي إلى 1.7% في السعودية في عام 2016، بينما دخلت روسيا مرحلة الانكماش في 2015 لتسجل نموا سلبيا بـ2% في 2016.

فيما ساهمت التراجعات في أسعار النفط إلى تطبيق إصلاحات اقتصادية في السعودية بغرض تنويع مصادر الدخل وتسريع عجلة نمو الاقتصاد.

تعافي أسعار النفط مصلحة مشتركة

التوجه السعودي الروسي المشترك في مجال الطاقة يهدف إلى تحقيق عدة مكتسبات:

أسعار النفط؛ في حال ارتفاعها ستوفر إيرادات نفطية يمكن توجيهها إلى دعم خطة التنويع الاقتصادي واستحداث مصادر بديلة للدخل في السعودية.

إنجاح اكتتاب أرامكو؛ تعافي أسعار النفط سيساهم في رفع قيمة طرح أرامكو، ولا سيما أن السعودية تشير إلى أن قيمة أرامكو تبلغ ما يقارب تريليوني دولار.

دعم إيرادات الميزانية؛ تسعى موسكو إلى رفع أسعار النفط لتحقيق وفورات في إيراداتها بالإضافة إلى إخراج اقتصادها من الانكماش، وهذا سيتحقق مع تعزيز التعاون مع السعودية.

تعزيز التعاون في مجال الطاقة

على هامش زيارة العاهل السعودي إلى روسيا، هنالك حديث عن عدة خطوات لتعزيز التعاون في مجال الطاقة بين البلدين:

صندوق استثمار مشترك؛ يعتزم الطرفان إنشاء صندوق بقيمة مليار دولار لتعزيز الاستثمارات في مجال الطاقة.

اتفاقيات طاقة؛ ستشهد الزيارة توقيع العديد من الاتفاقيات بين الشركات السعودية والروسية، ولا سيما شركة أرامكو مع بعض الشركات الروسية، ولن تقتصر هذه الاتفاقيات على مجال النفط فقط، بل ستشمل مجال الغاز، وأيضا في العديد من القطاعات المرتبطة بكلا المجالين بداية من إنتاج المعدات النفطية وصولا إلى البتروكيماويات وحتى الطاقة المتجددة.

ربما يعجبك أيضا