السندات الخضراء.. لماذا تعد ركيزة لتحقيق التنمية المستدامة؟

ولاء السيد
السندات الخضراء- تعبيرية

تهدد أخطار التغيرات البيئية العالم، وللنجاة طريق واحد، عرفته الدول، واتفقت عليه، وتعاهدت على تنفيذه، من خلال توقيعها اتفاقيات دولية، وفق خطة واضحة وممنهجة، بنهاية محددة، لا يسمح لأحد بالتخلف عنها.

وفي حرب الإنسان ضد التغيرات المناخية، يبتكر البشر كل ما يمكن أن يعينهم على الفوز، وحظيت قطاعات الطاقة والصناعة بالنصيب الأكبر من هذه الابتكارات، حتى أهداف التداولات المالية كان لها حظ من هذا التحول، ليأتي أول ابتكار لـ السندات الخضراء، ناقلًا سوق الأوراق المالية إلى صورة أكثر تعبيرًا عن التحديات المعاصرة.

ما هي السندات الخضراء؟

تعد السندات الخضراء حلًا ماليَّا لتلبية الحاجة الملحة إلى استثمارات مستدامة بيئيًّا، تخصص حصيلة بيعها لتمويل النقل النظيف، والطاقة المتجددة، ومنع التلوث ومكافحته.

تشارك حصيلة بيع السندات الخضراء في الإدارة المستدامة لمياه الشرب والصرف الصحي، فضلًا عن رفع كفاءة استخدام الطاقة، وتمويل المشروعات المعنية بالحد من تداعيات تغير المناخ ودعم التنمية المستدامة عموما.

نشأتها

بدأت البلدان في التحول إلى السندات الخضراء لتمويل التنمية المستدامة بعد اعتماد كلٍ من أهدافها واتفاق باريس بشأن تغير المناخ في عام 2015.

اقرأ أيضًا| ارتفاع أصول البحرين بالعملة الصعبة 800 مليون دولار في يونيو 2023

ورأت السندات الخضراء النور عام 2007، على يد بنك الاستثمار الأوروبي، بالتعاون مع صناديق المعاشات في السويد، وحاليًّا، تتصدر الولايات المتحدة تليها ألمانيا، ثم فرنسا، قائمة أكثر الدول تصديرًا لهذه الأدوات المالية.

أول بلد في الشرق الأوسط

في سبتمبر 2020، أصبحت مصر أول بلد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يصدر سندات سيادية خضراء، ومع نشر أول تقرير لها عن أثر العملية بعد عام من الإصدار تقريبًا، تحولت البلد إلى مصد لإلهام غيرها من دول المنطقة  -ودول الأسواق الناشئة على نطاق أوسع- للتفكير في السندات الخضراء كحل مالي، بحسب تقرير نشره البنك الدولي.

وفي عام 2021، تنضم إندونيسيا إلى ركب الاستدامة، مصدرة سندًا يعتمد على دعم مزرعة سيدراب لطاقة الرياح في جنوب سولاويسي، ولم تكن كولومبيا بعيدة عن هذه الخطوة، التي قطعتها في العام نفسه، لتصدر أول سندٍ أخضر في أمريكا اللاتينية بعملتها المحلية (البيزو الكولومبي).

عوائد السندات وأنشطة الاستدامة

في مصر، خصصت عوائد بيع السندات لتنفيذ العديد من مشاريع التنمية المستدامة، متحولة نحو بيئة أكثر صحة، فكان السند الأخضر السيادي بقيمة 750 مليون دولار مخصصًا للاستثمار في النقل العام النظيف والإدارة المستدامة للمياه ومشروع مونوريل القاهرة الذي سيقلل خفض الانبعاثات الكربونية، وحركة المرور على الطرق.

على خطى مصر، استغلت إندونيسيا عوائد السندات الخضراء لمساندة مزرعة سيدراب لطاقة الرياح في جنوب سولاويسي، وهي إحدى أكبر الجزر في الأرخبيل الإندونيسي، وتستهدف تركيب 30 توربينًا تعمل بالرياح لإرسال ما يكفي من الطاقة المتجددة إلى الشبكة الوطنية لجنوب سولاويسي، بهدف تزويد أكثر من 70 ألف منزل بالكهرباء.

اقرأ أيضًا| المركزي النرويجي يرفع الفائدة لأعلى مستوى لها منذ 2008

وتساند عوائد السند الكولومبي 27 مشروعًا استثماريًّا في مجال الإدارة المستدامة للمياه، وخدمات النظم الإيكولوجية وحفظ التنوع البيولوجي، والطاقة المتجددة، والنقل النظيف والمستدام، بما في ذلك تمويل الخط الأول من مترو بوغوتا.

استثمارات السندات الخضراء

تعد استثمارات السندات الخضراء أحد أكبر عوامل الجذب للمستثمرين المهتمين بإنفاق أموالهم في المشاريع التي تحقق أهداف التنمية المستدامة.

يشي بذلك ما حدث عند إطلاق مصر لأول سند أخضر في منطقة الشرق الأوسط، بإجمالي 500 مليون دولار وسعر فائدة قدره 5.75%، حين تجاوز حجم الاكتتاب قيمة السندات 7 مرات، ما دفع الحكومة إلى زيادة إجمالي قيمتها إلى 750 مليون دولار، وخفض سعر الفائدة إلى 5.25%.

مجلس التعاون الخليجي على الخط الأخضر

سجل سوق السندات والصكوك الخضراء والمستدامة في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي رقمًا قياسيًّا جديدًا خلال العام الماضي 2022، مع زيادة عدد الإصدارات بأكثر من الضعف.

وبلغ إجمالي إصدارات السندات والصكوك الخضراء والمستدامة في دول مجلس التعاون نحو 8.5 مليار دولار من 15 صفقة خلال العام الماضي، مقارنة بنحو 605 ملايين دولار من 6 صفقات خلال عام 2021، وفق وكالة بلومبرج.

وتصدرت السعودية قائمة جهات الإصدار في المنطقة بأكثر من 50% من إجمالي الإصدارات، بينما جاءت بقية الإصدارات من دولة الإمارات التي تركزت فيها الإصدارات كافة خلال عام 2021 على مستوى منطقة الخليج.

ربما يعجبك أيضا