«السودان».. الحرب التي نسيها العالم

إبادة جماعية ومجاعة.. لماذا يتجاهل العالم الحرب في السودان؟

بسام عباس
الحرب في السودان

في حين تركز أنظار العالم على الحرب الروسية على أوكرانيا، والحرب في غزة، والاستفزازات البحرية الصينية في بحر الصين الجنوبي، فإن اهتمامًا قليل يوجه إلى الحرب والمجاعة في ثالث أكبر دولة في إفريقيا.

وعصفت الانقلابات والحروب الأهلية بالسودان منذ استقلاله في عام 1956، وبدأ الصراع الأخير في العام الماضي، إذ اندلع بفضل الصراع على السلطة بين القوات المسلحة السودانية الرسمية وقوات الدعم السريع.

نهب واغتصاب وقتل

سلطت صحيفة “الإيكونوميست” البريطانية، في تقرير نشرته الجمعة 24 مايو 2024، الضوء على الحرب المستعرة في السودان، لافتة إلى أن الفصيلين يتقاتلان من أجل السيطرة على البلاد، ويواجه الجانبان اتهامات بالنهب والاغتصاب وقتل المدنيين وتقييد المساعدات الإنسانية.

وأضافت أنه في بعض المناطق المعزولة تمامًا عن الإمدادات الأساسية، وفي المناطق الأكثر تضررًا، يقال إن السكان يأكلون أوراق الشجر والبذور من أجل البقاء، فيما تواجه قوات الدعم السريع مزاعم بشأن التطهير العرقي ضد الأفارقة السود في دارفور، وهي منطقة تقع في الغرب.

أحداث السودان

المجاعة في السودان

 خليط فوضوي

ذكرت الصحيفة أن السودان انقسم إلى خليط فوضوي من الميليشيات المتنافسة وحركات التمرد، وتسيطر قوات الدعم السريع على العاصمة الخرطوم، وتسيطر القوات المسلحة السودانية على معظم الأراضي الزراعية في الشرق وميناء النفط في بورتسودان على البحر الأحمر، مع تدفق الأسلحة والمرتزقة إلى السودان عبر حدوده المختلفة.

وأضافت أن بعض المدن تقع تحت الحصار، ففي الفاشر، عاصمة شمال دارفور وآخر معقل للقوات المسلحة السودانية في الغرب، يتولى الجيش الوطني المسؤولية نظريًّا، لكن المتمردين من الجماعات الأخرى يوفرون معظم الأمن، في حين أن المناطق المحيطة تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع والميليشيات التابعة لها.

وتابعت أن العبور من أحد أطراف المدينة إلى الجانب الآخر يعني المرور عبر عدة نقاط تفتيش، كل منها تديرها مجموعة مسلحة مختلفة، وقالت المستشارة الخاصة للأمم المتحدة، “أليس وايريمو نديريتو”، في تصريجات لشبكة “BBC”، إن المدنيين في الفاشر مستهدفون بسبب انتمائهم العرقي، ما أثار المخاوف بشأن احتمال وقوع إبادة جماعية.

مدينة الفاشر السودانية

مدينة الفاشر السودانية

تحذير من مجاعة

أوضحت الصحيفة أن الاحتفاظ بإحصاء دقيق للقتلى يكاد يكون مستحيلاً، إذ تستشهد معظم التقارير ببيانات من مشروع بيانات الأحداث والنزاعات المسلحة (ACLED)، وهي مجموعة بحثية، وبحسب تقديراتهم المتحفظة، قُتل أكثر من 17 ألف شخص في الصراع منذ أبريل 2023.

وأضافت أن الرقم الحقيقي أعلى من ذلك بكثير، فمن الممكن أن يكون أكثر من 10 آلاف شخص قد لقوا حتفهم في مدينة الجنينة، غربي دارفور، وحدها، وبينما أبلغ المراقبون عن الوفيات الناجمة عن المعارك وأعمال العنف الأخرى فقط، فإن عددًا كبيرًا من السودانيين يموتون بسبب نقص الغذاء والإمدادات الأساسية.

وأفادت بأن أجزاء كبيرة من السودان تواجه الآن حالة غذائية “طارئة”، ثاني أسوأ تصنيف تستخدمه الوكالات الإنسانية، ومن المتوقع حدوث مجاعة بحلول شهر يونيو، كما قد يؤدي إلى مقتل أكثر من مليوني شخص بحلول نهاية سبتمبر، وفي بعض المناطق، بدأ الأطفال يموتون بسبب سوء التغذية أو الأمراض ذات الصلة.

تجاهل إعلامي

انتقلت الصحيفة إلى انهيار النشاط الاقتصادي بسبب هذه الحرب، إذ أُغلقت المتاجر والمصانع، وأصبحت الأراضي الزراعية بورًا بعد فرار المزارعين، فيما يتوقع تقرير للأمم المتحدة أن الانكماش الاقتصادي في السودان سيكون ضعف ما حدث في سوريا واليمن خلال العقد الماضي.

وأضافت أن الكابوس الذي يعيشه السودان لا يحظى إلا بالقليل من الاهتمام في وسائل الإعلام، وأظهرت بيانات شركة التحليلات Chartbeat أن التغطية الإخبارية للسودان من العام الماضي بلغت ذروتها في أبريل 2023، في بداية الحرب، مع نشر حوالي 7 آلاف مقال جديد من قبل حوالي 3 آلاف شركة إعلامية في 70 دولة.

ولفتت إلى أنه منذ بداية عام 2024، بلغ متوسط التغطية الإخبارية 600 مقال شهريًا فقط، وبالمقارنة، لم تنخفض تغطية الصراعات في غزة وأوكرانيا إلى أقل من 100 ألف قصة شهريًّا في كل من الصراعين.

ربما يعجبك أيضا