السودان على شفا المجاعة ولا حلول قريبة في الأفق

عبدالمقصود علي
المجاعة في السودان

أصبح من الصعب التنبؤ بما يمكن أن يحدث للمدنيين العزّل في السودان شبه المنقطعين عن العالم الخارجي مع بدء موسم الجفاف واستمرار المعارك بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع، وصعوبة إيصال المساعدات والنزوح الواسع للسكان.

وبحسب ما ذكرت إذاعة مونت كارلو الدولية الخميس 2 مايو 2024، فقد بدأ الحديث في الآونة الأخيرة عن تفشي الجوع في السودان وسط أخبار عن وفاة 13 طفلًا يوميًا في معسكر زمزم في الفاشر، بمعدل وفاة طفل كل ساعتين بسبب سوء التغذية، وفقاً لمنظمة أطباء بلا حدود.

التراب أصبح طعام المضطرين

تفيد شهادات بعض النازحين بأن التراب أصبح طعام المضطرين من سكان بعض مناطق السودان بعد أن عزّ الغذاء، كما هو الحال في مخيم اللعيت في شمال دارفور، حيث “يقتات سودانيون على التراب وأوراق الشجر بعدما عزّ الطعام”.

ونقلت عن أحد النازحين إلى هذا المخيم ويدعى “قرنق أشين أكوك” (41 عامًا) أنه وزوجته وأطفالهما الخمسة تركوا منزلهم في منطقة كردفان بالجنوب في ديسمبر 2023 بعد أن اقتحمت ميليشيات عربية على ظهور الجمال قريتهم وأحرقت كوخهم.

ويضيف أكوك أنه اليوم بلا عمل ولا يستطيع إعالة أسرته. “في بعض الأحيان يمضون يومين أو ثلاثة أيام بدون طعام. في هذه الحالة ينظر بلا حول ولا قوة إلى زوجته وأطفاله وهم يحفرون حفرا في الأرض ويدخلون أيديهم فيها ويلتقطون بعض التراب ويصنعون منه كراتٍ ويضعونها في أفواههم ويبتلعونها بالماء”، مضيفًا: “أظل أقول لهم ألا يفعلوا ذلك.. لكنه الجوع.. ليس بوسعي أن أفعل أي شيء” يقول أكوك بحزن وأسى.

مجاعة من صنع الإنسان

وسط غياب أي مؤشرات على تراجع حدة الحرب، يشتدّ الجوع وتكشّر المجاعة عن أنيابها في السودان والتوقعات مؤلمة وصادمة، كما تفيد مقابلات أجرتها عدة وسائل إعلام ومنظمات إنسانية مع أشخاص يئنون تحت وطأة النقص الحاد في الغذاء.

فخلال عام واحد، أدّت الحرب في السودان إلى سقوط آلاف القتلى ودفعت البلاد البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمرت البنى التحتية المتهالكة أصلا، وتسبّبت بتشريد أكثر من 8,5 ملايين شخص، بحسب الأمم المتحدة. مع ذلك، لم يصل تمويل الاستجابة الإنسانية المقررة للسودان إلّا لنسبة 5%، وفق الخارجية الفرنسية.

وقد أضحت أجزاء من السودان على شفا مجاعة من صنع الإنسان، حيث انهار قطاع الزراعة في ظل سرقة المحاصيل الزراعية واضطرار المزارعين للفرار من أراضيهم بسبب أعمال العنف.

الجوع سبب النزوح

صار الجوع سببًا آخر للنزوح، وليس القتال وحده، إذ يهجر البعض منازلهم بحثًا عن الطعام. وتنتشر الملاريا وأمراض أخرى بين النازحين. وتتعرض مراكز المساعدات الرئيسية للنهب على يد الميليشيات.

وقالت آنيت هوفمان التي أعدت تقريرًا لمؤسسة كليجندال البحثية التي مقرها هولندا عن أزمة الغذاء في السودان “تسببت الحرب في أكبر أزمة جوع في العالم.. من المرجح أن تحدث مجاعة لم نشهدها منذ عقود”.

الأزمة الأكبر على الإطلاق

أما مديرة برنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين فحذّرت على هامش مؤتمر دولي في باريس حول السودان في أبريل 2024، من أن الأزمة الغذائية التي يمر بها السودان قد تكون “الأكبر من نوعها على الإطلاق”.

وأضافت أن الوضع في هذا البلد “شبه كارثي” وأن “هناك جوع، الكثير من الجوع”. وتابعت “حتى لو أعلنّا حالة المجاعة، سيكون قد فات الأوان”.

وتفيد الأمم المتحدة أن نحو 5 ملايين شخص مهددون “بانعدام غذائي كارثي” في الأشهر المقبلة في السودان، وهو أعلى مستوى في التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.

ربما يعجبك أيضا