السودان على طريق التصحيح.. حمدوك يعود لمنصبه واتفاق مع البرهان

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

بعد أسابيع من الإطاحة به في انقلاب عسكري، أعلن مكتب رئيس الوزراء السوداني المعزول عبدالله حمدوك إطلاق سراحه اليوم (الأحد)، وذلك بعد ساعات من إعلان وسطاء عن اتفاق بشأن عودة حمدوك إلى منصبه، والإفراج عن سياسيين بارزين اعتقلوا خلال الفترة الأخيرة.

وتوجه حمدوك إلى القصر الجمهوري بالعاصمة للقاء قائد القوات المسلحة عبد الفتاح البرهان، بعد أن رفعت القوات المسلحة القيود عن تحركاته.

اتفاق سياسي

ورفعت الإقامة الجبرية عن عبدالله حمدوك وفقا لاتفاق سياسي يتوقع أن يتم توقيعه، اليوم، يتكون من 13 بندا أولها الالتزام الكامل بالوثيقة الدستورية إلى حين تعديلها بالتوافق مع جميع قوى الثورة، بحسب مدير مكتبه علي بخيت.

وتشمل بنود الاتفاق السياسي إطلاق سراح جميع الوزراء والسياسيين المعتقلين منذ 25 أكتوبر، والتحقيق العادل والشفاف في جميع جرائم القتل التي وقعت منذ الخامس والعشرين من أكتوبر.

كما سيعيد الاتفاق المذكور، رئيس الحكومة إلى السلطة مجددا، ويخفف الاحتقان، بحسب وكالة «رويترز».

وبحسب المصادر، وافق حمدوك على الاتفاق لوقف إراقة الدماء بعد احتجاجات على الإجراءات الاستثنائية التي فرضت منذ أكتوبر الماضي 2021، وأدت إلى مقتل نحو 40 محتجا بحسب لجنة أطباء السودان.

رفض وتنديد

بالتزامن، ارتفعت بعض الأصوات المنددة بأي اتفاق قد يعقد مع المكون العسكري في البلاد، وأعلنت «قوى الحرية والتغيير» رفضها لأي اتفاق بين رئيس الوزراء السوداني المعزول عبدالله حمدوك والقيادات العسكرية بشأنه عودته لتشكيل الحكومة.

وقالت، في بيان: «نعمل بكل الطرق السلمية لإسقاط الإجراءات الاستثنائية العسكرية»، داعيًا لأن تكون تظاهرات اليوم جولة لتضييق الخناق على ما وصفه بـ«الانقلاب».

من جانبه، اشترط «تجمع المهنيين السودانيين»، أن تكون عودة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك مرتبطة بسلطة مدنية كاملة.

وقال المتحدث باسم «تجمع المهنيين السودانيين»، الوليد علي: «أن قوى الثورة السودانية حددت موقفا محددا يتمثل في رفض أي توجه لإعادة الحكومة المدنية في ظل استمرار الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش في الخامس والعشرين من أكتوبر».

مسيرات تعم البلاد

في مسيرات تطالب بمدنية الدولة، تدفق آلاف السودانيين إلى شوارع العاصمة الخرطوم وأكثر من 15 مدينة، اليوم الأحد، رافعة شعارات رافضة لأي اتفاق سياسي مع الجيش.

وأمس السبت، خرج مئات السودانيين في مسيرات احتجاجية منددين بحملة قمع دموية ضد المتظاهرين، ومطالبين بمحاكمة المتورطين وبالانتقال لحكم مدني.

وبحسب مصادر طبية، لقى 40 شخصا مصرعهم منذ وقوع الانقلاب الشهر الماضي، وكان الأربعاء الماضي أكثر الأيام دموية حتى الآن، حيث شهد مقتل 16 شخصا.

ويقول عاملون في قطاع الصحة: إن بعض القتلى ماتوا إثر إصابتهم برصاص حي، وتنفي الشرطة السودانية أي استخدام للذخيرة الحيرة.

إجراءات 25 أكتوبر

في 25 أكتوبر الماضي، أعلن قائد الجيش السوداني حل الحكومة والمجلس الانتقالي، وفرض حالة الطوارئ في البلاد، حتى تشكيل حكومة جديدة، تعهد في حينه بأن تتألف من المدنيين والكفاءات.

كما أطلقت القوات المسلحة حملة توقيفات شملت عدداً من السياسيين والمسؤولين الحكوميين، فضلا عن قياديين في تنسيقيات وأحزاب مدنية.

وأدت تلك الخطوات إلى إطلاق انتقادات دولية، ومساعٍ إقليمية ودولية من أجل إعادة البلاد إلى المسار الديمقراطي، والمرحلة الانتقالية التي حكمت منذ العام 2019 بمشاركة المكونين المدني والعسكري، فيما تمسك حمدوك منذ اليوم الأول لوضعه قيد الإقامة الجبرية بإطلاق سراح جميع الموقوفين السياسيين.

انقلاب عسكري

خلال الأسبوع الماضي، نصّب قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان نفسه رئيسا لمجلس سيادة جديد، وأثار الإعلان احتجاجات في الخرطوم ومناطق أخرى من البلاد.

لكن إجراءات البرهان أثارت انتقادات وإدانات واسعة، ووصفها معارضون بأنها «انقلاب عسكري»، وأعلن تجمع المهنيين السودانيين رفضه المجلس، وقال في بيان إن قرارات البرهان بشأن تشكيل مجلس جديد «لا شرعية لها»، ودعا إلى الاستمرار في الاحتشاد والاحتجاج «لحين إسقاط المجلس الانقلابي وتأسيس سلطة مدنية انتقالية».

إدانات دولية

منذ إعلان الجيش يوم 25 أكتوبر الماضي، فرض حالة الطوارئ وحل الحكومة والمجلس السيادي السابق، توالت الإدانات الدولية والإقليمية، ودعت العديد من الدول والمنظمات من أجل إعادة البلاد إلى المسار الديمقراطي، والشراكة بين المكون العسكري والمدني اللذين أدارا الحكم في البلاد منذ العام 2019.

ومن جانبها دعت الولايات المتحدة الأمريكية، العسكريين إلى إعادة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك إلى الحكومة، وحماية المتظاهرين والحق في التعبير.

كما دعت الخارجية الأمريكية والاتحاد الإفريقي إلى عدم الاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين على إجراءات الجيش الاستثنائية، وطالبوا السلطات السودانية بضبط النفس والسماح بالتظاهرات السلمية.

وبعد 25 أكتوبر، علق الاتحاد الإفريقي عضوية السودان، وحثها على إعادة النظام الدستوري والانتقال الديمقراطي، ودان موسى فكي محمد رئيس مفوضية الاتحاد ما وصفه بـالعنف الذي وقع ضد المحتجين.

ربما يعجبك أيضا