الشاب فواز مشهور.. أن يعدم الفلسطيني في يوم زفاف شقيقته‎

محمود

محمد عبدالكريم

القدس المحتلة – ظهيرة الرابع من شهر أكتوبر/ تشرين أول من عام 2004، فرقة خاصة من قوات الاحتلال الإسرائيلي من وحدة المستعربين تتربص بالشاب فواز مشهور فرحان (27 عاما) من حي عين مصباح بمدينة رام الله، وهو يزين سيارته التي سيقل بها شقيقته وعريسها، في محل للورود في رام التحتا (البلدة القديمة) لمدينة رام الله.

يقترب القتلة من شقيق العروس ويعدمونه بدم بارد من مسافة الصفر، يسقط فرحان على الأرض مضرجا بدمائه يهب الشبان لمواجهة جنود الاحتلال، لحظات ويرتقي فواز شهيدا، طار الخبر سريعا في الأرجاء ليحط ثقيلا في منزل الشهيد حيث الأغاني وموسيقى الفرح، والد الشهيد والعروس كان أول من علم، على عجل سارع لإخراج العروس أمل (شقيقة الشهيد) إلى منزل زوجها قبل أن يعلم أحد بنبأ ارتقاء فواز شهيدا.

الوالد الذي فجع بنجله الأكبر فايز شهيدا في عام 1996 وهو يدافع عن الأقصى في هبة النفق خلال مواجهات في مدينة البيرة، وخرج مع والديه لاجئا من بلدة قولونيا من ضواحي مدينة القدس المحتلة عام 1948، حيث لجأت العائلة إلى مدينة رام الله، لم يكن يريد ان تتجرع ابنته الوحيدة بعد ان فقد ولديه الاثنين شهداء، مرارة الحسرة في يوم فرحها، فسارع إلى العروس والعريس، وهو يقول: “يللا يابا قومي على عرسك وما تتأخري”، نادى عائلة العريس وخلال دقائق أخرجها من البيت إلى صالة العرس، وأتمّت زفافها فعلًا دون أن تعلم أن شقيقها فايز جيء به إلى البيت بعد خروجها مباشرة مدمي الرأس والصدر بالرصاص الإسرائيلي.

لعل أمل كانت أوفر حظا من إيمان ولو إلى حين، فقد كان للعروس إيمان قصتها هي أيضا مع استشهاد الشقيق في يوم زفافها.

ففي بلدة أبوديس المتاخمة، لمدينة القدس المحتلة، وقع خبر استشهاد الشاب أحمد عريقات (27 عامًا)  كالصاعقة على صالة الأفراح، حيث عرس شقيقته إيمان، ليتحول الفرح إلى مأساة، والأهازيج أصبحت عويلًا، ودموع الفرح إلى دموع حزن وفقدان.

أحمد كان يعمل في مجال تزيين المركبات، كان عرسه في تموز المقبل، فقطع  جنود الاحتلال الفرح عليه وعلى شقيقته بعد أن أمطروه بالرصاص على حاجز “الكونتينر” الذي يفصل جنوب الضفة الغربية المحتلة عن وسطها، بزعم أنه حاول دهس أحد جنوده، وتركوه ينزف على الأرض حتى الشهادة.

أحمد وفواز، يذكران أيضًا بقصة محمد عبدالرحمن عياد (21 عاما) من بلدة سلواد شرق رام الله، الذي فجع بصديق عمره شهيدا (أنس حماد) قبل أسبوع من يوم زفافه، ليعود إلى أرض فلسطين المحتلة ليشارك في عزاء صديقه بعد أن سافر من الولايات المتحدة الأمريكية.

في الجمعة الثانية على فراق الشهيد أنس حماد، وتحديدا يوم الجمعة بتاريخ 18 كانون أول، وعلى ذات الحاجز المقام على مدخل البلدة الذي استشهد قربه أنس، عاد جنود الاحتلال ليطلقوا على محمد ليرتقي شهيدًا في ذات البقعة التي استشهد فيها أنس.

أغلقت الشقة المستأجرة للعريسين، وعلقت الأثواب التقليدية المطرزة فقد استشهد الصديقان، وما عاد للفرح مكان.

هذه الحوادث وغيرها الكثير والكثير، دفع بالمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى قول: إنّ عشرات الحواجز العسكرية التابعة للاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة لا تقسمها فقط إلى كانتونات معزولة، بل باتت بمثابة مصائد الموت للفلسطينيين لمجرد الاشتباه في ارتكابهم أي مخالفات ما يتسبب لهم في القتل الفوري.

وأكد المرصد، ومقره جنيف، أن استشهاد الشاب أحمد عريقات (27 عامًا) الثلاثاء الماضي برصاص جيش الاحتلال ليس إلا مثالًا واضحًا على عمليات الإعدام الممنهجة خارج نطاق القانون بحق الفلسطينيين على تلك الحواجز. وذكر أن عريقات قتل بزعم صدم سيارته في حاجز “الكونتينر” الإسرائيلي في بلدة أبوديس قرب القدس المحتلة، مما دفع قوات الاحتلال إلى إطلاق عدة عيارات نارية أدت إلى استشهاده على الفور.

وأشار إلى أنّ عائلة عريقات اعترضت على رواية الاحتلال، وقالت إنه إما فقد السيطرة على سيارته أو أنه تعرض لحادث عرضي، وقدمت وثائق تفيد بأن زفاف أخت عريقات كان مقررًا في نفس يوم الحادث. وأبرز المرصد أنه ما تزال أسباب حادث السيارة غير واضحة لأن سلطات الاحتلال سرعان ما خلصت إلى استنتاجاتها دون إجراء أي تحقيق رسمي في الظروف التي أدت إلى حادثة القتل أو فحص السيارة التي كان يقودها.
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال اكتفت بنشر فيديو مدته 12 ثانية يظهر سيارة عريقات تنحرف عن الشارع وتصيب جنديًا، فيما شوهد عريقات وهو يحاول الركض في الاتجاه المعاكس للجنود قبل أن يطلقوا النار عليه عدة مرات حتى سقط أرضًا.

وخلص المرصد إلى عدة نقاط تبين أن رواية الاحتلال حول سبب إطلاق النار على عريقات من المحتمل أن تكون غير دقيقة، الأمر الذي يتطلب تحقيقًا كاملًا: أولًا: شوهد عريقات في اللقطات التي تم نشرها وهو يفتح باب السيارة فور وقوع الحادث ويحاول الهرب في الاتجاه المعاكس للجنود عندما تم إطلاق النار عليه عدة مرات في الظهر، وهو ما يتناقض بوضوح مع رواية المتحدث باسم شرطة الاحتلال “ميكي روزنفيلد”، الذي أكد أن عريقات “خرج من السيارة وحاول الاقتراب من الضباط الذين ردوا بإطلاق النار”.

وأضاف المرصد أنه حتى في حال محاولة عريقات تنفيذ عملية دهس متعمدة، فإنّ ضباط الاحتلال حين أطلقوا النار عليه رغم كونه أعزل أثناء محاولته الركض في الاتجاه المعاكس انتهكوا قواعد الاشتباك الإسرائيلية التي تنص على استخدام القوة المميتة فقط عند الضرورة ولصد تهديد مباشر للحياة.

وتابع أنه كان يمكن لضباط الاحتلال بسهولة القبض على عريقات، واستجوابه بشأن ما حدث، والتصرف وفقًا لقواعد الاشتباك، ولكن بدلاً من ذلك، سارع ضباط الاحتلال إلى إطلاق النار عليه كإجراء وقائي. وأكد أن هذا يستدعي إجراء تحقيق رسمي في انتهاك قواعد الاشتباك الإسرائيلية، لافتًا إلى أنه ومع ذلك، لم تعلن شرطة الاحتلال عن أية إجراءات من هذا القبيل من شأنها محاسبة الجنود.

وقال المرصد الحقوقي الدولي: إن “إسرائيل” أعدمت 95 مدنيًّا فلسطينيًّا بينهم 36 طفلًا خارج نطاق القانون في 2016، حيث جرت جميع عمليات القتل بشكل منهجي بذريعة أن الضحية كانت ضالعة في عملية طعن أو دهس مزعومة ضد جنود إسرائيليين، على الرغم من عدم وجود وسائل موثقة لتنفيذ مثل هذه الهجمات. ودعا المرصد الأورومتوسطي إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في استشهاد عريقات، بما في ذلك فحص كامل لسيارته واستجواب الجنود المتورطين في وفاته، مع ضرورة الإفراج الفوري عن جثمانه وجثامين فلسطينيين آخرين تحتجزهم “إسرائيل”. وطالب “إسرائيل” بتفكيك نقاط التفتيش والحواجز بين المدن والقرى الفلسطينية، وضمان حرية التنقل بشكل كامل للفلسطينيين.

ربما يعجبك أيضا