الشيخ البنا.. «الطفل المعجزة» الذي سجل المصحف بناءَ على طلب عبدالناصر

محمود طلعت

الوعي الكبير للشيخ البنا بالمقامات الموسيقية كان سببًا رئيسًا في طريقة أدائه، التي تتميز بالفخامة والأناقة، وتجمع بين دقة أحكام التلاوة وتنوع المقامات.


يظل القارئ المصري، الشيخ محمود علي البنا، واحدًا من أشهر سفراء وقرّاء القرآن الكريم في مصر والعالمين العربي والإسلامي، جعلته يطوف الأرض شرقًا وغربًا لتلاوة كتاب الله.

سجّل البنا المصحف المرتل للإذاعة المصرية بناءً على طلب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقرأ القرآن في الحرمين الشريفين والحرم القدسي والمسجد الأموي ومعظم الدول العربية، فضلًا عن زيارته عديد الدول الأوروبية على مدار نحو 40 عامًا.

المولد والنشــأة.. وحفظ القرآن

ولد الشيخ محمود علي البنا في قرية شبراباص مركز شبين الكوم في محافظة المنوفية، في 17 ديسمبر 1926، وحفظ القرآن الكريم في كُتّاب القرية على يد الشيخ موسى المنطاش، وأتم حفظه وعمره 11 عامًا، وانتقل بعدها إلى مدينة طنطا لدراسة العلوم الشرعية بالجامع الأحمدي، وتلقى فيه علوم القرآن والقراءات العشر على يد الإمام إبراهيم بن سلام المالكي.

لُقب البنا بـ”الطفل المعجزة”، لتمكنه من تقليد كبار المشايخ وخصوصًا الشيخ محمد رفعت، مما أكسب صوته حلاوة وعذوبة مميزة، كما كان متميزًا في تقليد أصحاب القراءات المختلفة مثل الشيخ الشعشاعي ومحمد سلامة والسعودي.

الانتقال إلى القاهرة.. ودراسة المقامات

انتقل الشيخ البنا إلى القاهرة عام 1945، وذاع صيته، ودرس علوم المقامات والموسيقى على يد الشيخ درويش الحريرى، واختير قارئًا لجمعية الشبان المسلمين عام 1947، وكان يفتتح كل الاحتفالات التي تقيمها الجمعية.

في عام 1948 ميلاديًا استمع إليه عدد من كبار الأعيان الحاضرين في حفل الجمعية، وطلبوا منه الالتحاق بالإذاعة المصرية، وبالفعل التحق الشيخ البنا بالإذاعة عام 1948، وكانت أول قراءة له على الهواء في ديسمبر 1948 من سورة «هود»، وخلال سنوات قليلة أصبح أحد أشهر القراء في مصر.

إحياء مأتم والد الرئيس جمال عبدالناصر

سطع نجم الشيخ البنا وجعل كبار رجال الدولة يوجهون له الدعوة للمشاركة في إحياء مأتم والد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عام 1965، فاتصل به رئيس الإذاعة في ذلك الوقت ليطلب منه السفر إلى الإسكندرية مع الشيخ عبد الباسط عبد الصمد للقراءة بالسرادق المقام بميدان ” تريانونو”.

وبعد انتهاء العزاء، قال له الرئيس جمال عبد الناصر والذي أصبح بعد ذلك من أصدقائه المقربين: “ممكن اسمعك فى المرتل ففعل، وبعدها أصبح للشيخ محمود البنا مصحفًا مرتلًا عام 1968”.

الإذاعة المصرية.. ثروة من التسجيلات

ترك الشيخ محمود على البنا للإذاعة ثروة هائلة من التسجيلات، إلى جانب المصحف المرتل الذي سجله عام 1967، والمصحف المجوّد في الإذاعة المصرية والمصاحف المرتلة التي سجلها لإذاعات السعودية والإمارات.

دُعي الشيخ البنا لتسجيل المصحف مرتلًا ومجودًا في معظم البلاد العربية والإسلامية، وكلفته وزارة الأوقاف المصرية عدة مرات بتمثيل مصر في مؤتمرات ولجان القرآن الكريم بالدول الأجنبية.

تأسيس نقابة القراء.. ورحلته مع الشيخ شعيشع

عرف عنه رحمه الله بأنه قارئ المساجد الكبرى، ففي الخمسينات كان يقرأ يوم الجمعة لمدة 5 سنوات بمسجد الملك بحدائق القبة بالقاهرة بعدها انتقل للقراءة بمسجد الإمام أحمد الرافعي بحي القلعة ومسجد الإمام الرافعي، وبعدها في مسجد السيد أحمد البدوي بطنطا.

كان البنا كتفًا إلى كتف مع الشيخ أبوالعينين شعيشع في رحلة تأسيس نقابة القراء، واختير نائبًا للنقيب عند إنشاء النقابة عام 1984، واختاره الأزهر الشريف لحضور كثير من المؤتمرات الإسلامية العالمية ممثلًا لأهل القرآن وقرائه.

شهادات التقدير والتكريم والأوسمة

حصل الشيخ البنا على العديد من الأوسمة وشهادات التقدير، وتسلم من الرئيس عبدالناصر هدية تذكارية عام 1967، وحصل على ميدالية تذكارية من القوات الجوية في عيدها الخمسين عام 1982، وحصل على درع الإذاعة في الاحتفال بعيدها الذهبي عام 1984.

رحل الشيخ البنا إلى جوار ربه في 20 يوليو 1985م، ودفن في ضريحه الملحق بمسجده بقريته شبراباص، وبعد وفاته كرمته محافظة سوهاج بإطلاق اسمه على الشارع الرئيس بجوار المسجد الأحمدي في مدينة طنطا بمحافظة الغربية.

ربما يعجبك أيضا