الصحة العالمية لـ«رؤية»: حلم انتهاء الجائحة «بعيد المنال».. ومُتوقع ظهور تحوّرات جديدة

رنا أسامة

هل تحوّل كورونا إلى فيروس متوطن؟ ما المتحورات المرصودة في الشرق الأوسط حتى الآن؟ كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على الاستجابة العالمية لكوفيد؟


أظهرت أحدث بيانات موقع جامعة جونز هوبكنز الأمريكية، أن إصابات فيروس كورونا عالميًا تجاوز 509 ملايين حالة، وأن الوفيات تعدت 6 ملايين ، وبلغ عدد جرعات اللقاحات الممنوحة 11 مليارًا و233 مليون جرعة.

وحذر استشاري الأوبئة بمنظمة الصحة العالمية، الدكتور أمجد الخولي، في حوار عبر تطبيق واتساب لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، من التراخي في تطبيق الإجراءات الاحترازية لمواجهة جائحة فيروس كورونا المُستمرة منذ 3 أعوام، مُشددًا على أن حلم انتهاء الجائحة لا يزال بعيد المنال.

كورونا الآن عالميًا وشرق أوسطيًا

عالميًا، استمر عدد الإصابات والوفيات الجديدة بكوفيد 19 في الانخفاض منذ نهاية مارس 2022. وقال الخولي: “في الفترة من 11 إلى 17 إبريل 2022، أُبلِغ عن أكثر من 5 ملايين حالة و18 ألف وفاة عبر أقاليم المنظمة الست بانخفاض 24% و12% تواليًا، مقارنة بالأسبوع السابق.

وشرق أوسطيًا، أُبلغ حتى 16 إبريل عن نحو 21,7 مليون إصابة منذ بداية الجائحة وقُرابة 342 ألف وفاة. مقارنةً بالأسبوع الماضي، انخفض هذا الأسبوع عدد الإصابات 21% وكذلك الوفيات 24%. لكن الخولي حذّر من أنه “رغم أن هذه الاتجاهات قد تبدو مُشجعة، إلا أننا شهدنا زيادة بالإصابات الجديدة في بلديْنِ، وزيادة بالوفيات في 6 بلدان”.

استجابة كورونا في شرق المتوسط .. جهود حثيثة وجديّة

يحل إقليم شرق المتوسط رابعًا من ناحية معدلات انتشار الجائحة. وقال الخولي: “بلدان الإقليم عمومًا بذلت جهودًا حثيثة للاستجابة للجائحة وأبدت روح التعاون والرغبة في العمل المشترك على الصعيد الإقليمي”، مُشيرًا أيضّا إلى تفاوت “جودة الاستجابة وقوتها بين بلد وآخر ومنطقة وأخرى داخل الإقليم” بسبب “درجة التأهب والاستعداد، وتوفر الإمكانات أو نقصها، واستقرار الوضع السياسي والأمني في البلدان.

وأشاد استشاري الأوبئة بمنظمة الصحة العالمية باستجابة دول الإقليم خلال أول عامين للجائحة، قائلًا إنها “أبدت قدرًا ملحوظًا من الجديّة في فرض إجراءات وتدابير وقائية وإجراءات صحة عامة. وتركز حاليًا على التوسع في تقديم اللقاح”، مضيفًا: “في كل الأحوال نعمل مع البلدان على مواصلة ما بدأته لحين انتهاء الجائحة”.

تجربة تعليمية

وصف الخولي الاستجابة العالمية والإقليمية والوطنية للجائحة بأنها “تجربة تعليمية” لكافة الأطراف، في وقت أبرزت فيه أهمية التأهب والتخطيط، واستكمال الأدوات والتجهيزات، ورفع القدرات، واستكمال البنية الأساسية، والعمل متعدد القطاعات التعاوني والتضامني، وإشراك المجتمعات، والاعتماد على الأفراد وتوعيتهم وإشراكهم، داعيًا لمواصلة البناء للاستفادة من الخبرات المُكتسبة من الجائحة.

الحرب الروسية الأوكرانية والاستجابة العالمية للجائحة

في حين أن كل الحروب لها آثار سلبية خاصة على أطرافها المباشرين، قال استشاري الأوبئة بالصحة العالمية إن الحرب الروسية الأوكرانية “لم تؤثر على الاستجابة العالمية للجائحة أو تدفقات اللقاح، خصوصًا أن اللقاح الروسي خارج قائمة المنظمة الأممية للقاحات ذات الاستخدام الطارئ”، مبينًا أنها “ربما تؤثر على الاستجابة للجائحة في المناطق الأكثر تأثرًا بالعمليات العسكرية”.

وأضاف: “نأمل أن تتوقف الحرب ويُتوصل لحلول سلمية لحماية الأرواح وتجنب الدمار والخراب”. وكانت الصحة العالمية أفادت بوقوع أكثر من 100 هجوم استهدف خدمات صحية في أوكرانيا، مطالبةً بوصول مساعدات إنسانية إلى مدينة ماريوبول المُحاصرة.

تحذير من تراخٍ مجتمعي: مازلنا في خضم الجائحة

نوّه الخولي بأن الصحة العالمية رصدت استمرارًا لتخفيف تدابير الصحة العامة والتدابير الاجتماعية على نطاق واسع، و”تراخي مجتمعي” في كثير من الحالات، وسط مخاوف من أن يؤدي التراخي إلى “استمرار سريان المرض وانتقاله ويُزيد من خطر ظهور تحورات جديدة، خصوصًا أننا في خضم الجائحة”.

أوضح: “منذ بداية الجائحة مر العالم بموجات متلاحقة من الانتشار، يحركها عادة التراخي في اتباع الإجراءات الاحترازية، أو الرفع المفاجئ للقيود والحظر دون تقييم دقيق للوضع، أو إقامة فعاليات حاشدة دون اتخاذ التدابير اللازمة”، كما يحدث في إقليم شنجهاي الصيني الآن. مشددًا على أن الصحة العالمية أوصت باستمررار التدابير الوقائية، لأننا “لا زلنا بعيدين عن نهاية الجائحة”.

تحورات كورونا إقليميًا وعالميًا: دلتا وأوميكرون الأكثر انتشارًا

رصدت الصحة العالمية جميع تحوّرات كورونا المقلقة في إقليم شرق المتوسط، “ألفا” و”بيتا” و”ميجا” و”دلتا” و”أوميكرون”. لكن دلتا وأوميكرون هما الأكثر انتشارًا، بحسب الخولي. حتى تاريخه، أبلغ 20 بلدًا من بلدان الإقليم عن وجود “دلتا”، و17 بلدًا عن وجود “أوميكرون” أيضًا.

وأضاف: “لا يزال أوميكرون المتحوُّر السائد المُنتشر إقليميًّا وعالميًّا. وتواصل منظمة الصحة العالمية رصد عديد من السلالات الفرعية المُنحدرة من هذا التحوُّر، التي أبلغت عنها عدة بلدان، منها الولايات المتحدة الأمريكية وجنوب إفريقيا وبعض البلدان في أنحاء أوروبا”.

التحوّرات طبيعية ومتوقعة

قال استشاري الأوبئة بالصحة العالمية إن ظهور تحوّرات جديدة من فيروس كورونا “أمر طبيعي ومُتوقع”. وهو ما حدث بالفعل مع دلتا وأوميكرون، وكذلك التحورات الفرعية والمركبة مثل دلتا-أميكرون. الأمر الذي يضع الصحة العالمية في حالة ترقب وترصد دائمة.

وفي حين حذّرت الصحة العالمية مطلع الشهر الجاري من متحور جديد يُدعى “إكس إي” قد يكون أكثر انتشارًا وعدوى من متحورات كورونا الأخرى، أوصى الخولي النظم الصحية في كل بلد “بالبقاء على أهبة الاستعداد لمواجهة كافة الاحتمالات”.

تحول كوفيد لفيروس متوطن “وارد”

ذكر الخولي أن تحول كورونا إلى فيروس متوطن أمر وارد، في حالة تحقيق نسب التغطية بالتطعيمات المُستهدفة. هذا يعني أن يصبح كوفيد مرضًا موسميًا مثل الإنفلونزا الموسمية، يتطلب تطعيمًا موسميًا. لكن “من السابق لأوانه تأكيد هذا الاحتمال”، بحسب الخولي.

وبصفة عامة، أشار الخولي إلى أن “الفيروسات لا تختفي فهي موجودة في البشر. هذا ما نعمل على احتوائه، لكنها أيضًا موجودة في الحيوانات وهذا أمر طبيعي ومستمر”.

التلقيح ضد كورونا شرق أوسطيًا

بحسب استشاري الأوبئة بالصحة العالمية، حقق عدد من بلدان إقليم شرق المتوسط نسب التغطية المستهدفة من التلقيح ضد كوفيد بل وتجاوزتها. لكن ثمة بلدان لم تصل بعد إلى تطعيم 10% من سكانها، مكملًا: “في المتوسط، حصل 42% على جرعتي لقاح كوفيد، و8% على تطعيم جزئي، و9% على جرعة معززة”.

وفيما يتعلق بالجرعات المُعززة من لقاحات كورونا، أشار الخولي إلى أنها “أثبتت أنها ذات فائدة بالنسبة لفئات محددة من ذوي المناعة الضعيفة أو من يعانون من أمراض مناعية والفئات الأكثر عرضة للخطر. لذلك فإن الأولوية في تقديم الجرعات المعززة يجب أن تعطى لهذه الفئات في كل بلد”. متابعًا: “نأمل بانتصاف هذا العام أن يتمكن عدد أكبر من البلدان من تحقيق نسبة التطعيم المستهدفة”.

تكنولوجيا نقل اللقاحات

أثنى استشاري الأوبئة على تجربة نقل تكنولوجيا إنتاج اللقاحات إلى عدد من بلدان إقليم شرق المتوسط، خصوصًا التي تملك بنية تصنيعية جيدة، قائلًا إنها “أثبتت نجاحها إلى حد بعيد”، مضيفًا: “لدينا الآن عدة بلدان مثل مصر والسعودية والإمارات وتونس تنتج لقاحات وفق اتفاقات مع بلدان المنشأ أو الشركات المنتجة للقاحات، وساهم ذلك في توفير كميات كبيرة من اللقاحات لاستخدامها محيًا أو إقليميًا”.

وأشار إلى أن الصحة العالمية تغلّبت على تحدي نقص اللقاحات في الإقليم، بفضل جهود “كوفاكس”، وتوسع الشركات في الإنتاج، إلى جانب نقل تكنولوجيا تصنيع اللقاحات لبلدان جديدة غير المنتجة تقليديًا للقاحات. مردفًا: “نتعامل حاليًا مع تحديات أخرى مثل تقوية قدرات البلدان على تخزين اللقاحات، ونقلها في مساحات  جغرافية شاسعة، ودخول مناطق الصراع وغيرها من المشكلات التقنية والأمنية”.

عقاقير كورونا.. نتائج إيجابية

فيما يتعلق بعقاقير كورونا، قال الخولي إن الصحة العالمية لديها “عقاقير تخضع للبحث والتجارب وأثبتت نتائج مبدئية إيجابية”، مُشيرًا إلى أن الصحة العالمية حدّثت في 3 مارس 2022 المبادئ التوجيهية الحية الخاصة بعلاجات كوفيد، لتشمل عقار مولنوبيرافير المضاد للفيروسات، مع تحديث التوصية بشأن عقار كسييرفماب/ إمدفماب.

وبحسب الخولي، تقترح الصحة العالمية استخدام عقار مولنوبيرافير لبعض الأشخاص فقط، بمن في ذلك المرضى البالغون المصابون بكوفيد المؤكد غير الوخيم، الأكثر عرضة لخطر الاستشفاء “المكوث في المستشفى”. لكن لا ينبغي استخدامه لفئات معينة من المرضى، كالأطفال والمراهقين دون 18 عامًا والحوامل والمُرضعات.

وتوصي المنظمة بالرصد النشط لسلامة الأدوية، من خلال برامج اليقظة الدوائية المحلية وغيرها من الاستراتيجيات لرصد الآثار الجانبية والأضرار المحتملة التي لم تكتشفها التجارب السريرية.

ربما يعجبك أيضا