الصراع يشتد على العراق .. “روحاني” يستعد لزيارة بغداد

يوسف بنده

رؤية
 
قبل ثلاثة أيام، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني: إن العراق بلد لم يتمكن من استعادة سيادته الكاملة، وذلك خلال زيارته لمحافظ كلستان في شمال إيران، حيث قال: “الشعب العراقي وبعد 15 عامًا تحت الاحتلال لم يستعد سيادته ولن يستطيع إخراج الأمريكيين”.
 
وأضاف، “إلى اليوم فإن العراق قابع تحت وصاية الأمم المتحدة، أما إيران فهي خارج البند السابع، ومعلوم أن أي دولة تدخل بهذا البند ينهار نظامها، إلا أن النظام في إيران هو الوحيد وبقوة الذي تمكن من الخروج”.
 
كان روحاني يريد توجيه رسالة إلى الداخل الإيراني، بأن السعي إلى إسقاط النظام في إيران لن يحل مشاكل الشعب الإيراني. وأن العراقيين أسقطوا نظام صدام حسين لكنهم ما زالوا تحت الوصاية الأمريكية.
 
أيضًا، كشف تصريح روحاني، عن استمرار خطط إيران في الاعتماد على العراق لإظهار نفوذها الإقليمي، وكذلك خططها للتخفيف من وطأة العقوبات الأمريكية؛ حيث تناكف إيران القوات الأمريكية في العراق عبر مليشياتها الشيعية المسلحة، وكذلك تستغل العراق كسوق لتجارتها ومنفذ عبور للعملة الصعبة.
 
وقد ذكرت وكالة أنباء “مهر” الإيرانية، أن روحاني سيزور العراق في الأسابيع المقبلة.
 
وقال وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف: إن المباحثات مع المسئولين العراقيين تطرقت “إلى مختلف القضايا وأصدر رئيس الوزراء توجيهات لحل المشاكل الاقتصادية من أجل تسهيل العلاقات الثنائية”. حيث يزور وزير الخارجية الإيراني العراق لمدة خمسة أيام؛ للتمهيد لزيارة روحاني، وللبحث عن كيفية تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.
 
ظريف في العراق

 
وقد انتقد ظريف السياسات الأمريكية في المنطقة، وحذر وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، بأنه ليس من حقه التدخل في شؤون إيران والعراق.
 
وقال ظريف للصحفيين: “يجب أن لا نسمح لمن ليس لهم مصلحة في تحسن أوضاعنا بأن  يضعوا العقبات أمام العلاقات الإيرانية-العراقية.. لقد جاء الآخرون إلى المنطقة، ذات يوم، وسوف یغادرونها ذات يوم، ومن سيبقى هم نحن؛ شعوب المنطقة”.
 
يذكر أن تصريحات ظريف جاءت ردًّا على تصريحات نظيره الأمريكي، مايك بومبيو، الأسبوع الماضي، والتي وصف فيها إيران بأنها “التهديد الرئيسي للسلام في المنطقة”.
 
وأشار وزير الخارجية الإيراني إلى مجالات التعاون القائمة بين البلدين، مؤكدًا استعداد إيران لتحسين العلاقات والتعاون الثنائي من خلال إلغاء التأشيرات، وتخفيض أو إلغاء التعريفات الجمركية، وإنشاء المدن الصناعية في المناطق الحدودية.
 
الصراع على العراق
 
وتكشف تصريحات ظريف، أن الصراع على العراق بما ينطوي عليه موقعه من أهمية استراتيجية سياسيا وأمنيا، وما يمكن أن يقدّمه خلال مرحلة الاستقرار التي يبدو متجها نحوها بعد إلحاقه الهزيمة العسكرية بتنظيم داعش، من فرص اقتصادية، بات على أشدّه خصوصا بين واشنطن وطهران اللتين تبدوان مقبلتين على “معركة” مصيرية تقطع مع لعبة التوافق غير المعلن على تقاسم  الحصص وتكامل الأدوار في العراق التي مارستاها بحذر وإتقان طيلة ما يقارب العقدين من الزمن.
 
وجاء كلام ظريف في وقت تعمل فيه الولايات المتحدة على تحصين الشأن السياسي العراقي، أملا في إخراج بغداد من دائرة النفوذ الإيراني، وسط توقعات بأن تتحول الساحة العراقية إلى ملعب لصراع دولي بشأن عدد من الملفات الشائكة في المنطقة.
 
وحسب صحيفة العرب، يقول السياسي العراقي -الذي ينحدر من محافظة نينوى- أثيل النجيفي: إن “تزاحم الوفود على العراق يشير إلى أنه سيكون ساحة الصراع”، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة “ستعمل كي لا يبقى العراق ورقة تفاوض بيد إيران”.
 
ومنذ مطلع العام الجاري استقبلت بغداد شخصيات عربية وإقليمية ودولية رفيعة، فيما تتوقع المصادر استمرار هذا الزخم الدولي نحو العراق خلال الشهور القليلة القادمة.
 
وحتى الآن، زار بغداد كل من وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا وإيران، فضلا عن العاهل الأردني، وقائد قوات حلف شمال الأطلسي.
 
وكشف مصدر مقرب من رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، أن “الحكومة العراقية تحاول انتهاج مبدأ الحياد في تعاملها مع تطورات الأزمة الأمريكية الإيرانية، لكنها تتعرض لضغط كبير من الطرفين الأمريكي والإيراني”.
 
وتدرك واشنطن أن ليس بمقدورها دفع عبدالمهدي إلى مواجهة الإيرانيين علنا، بسبب النفوذ الهائل الذي تملكه طهران، على مستوى المؤسسات الرسمية أو الأذرع المسلحة التي تدين لها بالولاء.
 
ولكن طهران تعرف، أيضا، أن العلاقة الاستراتيجية الوثيقة بين بغداد وواشنطن في مجالات الأمن والدفاع والاقتصاد، لا يمكن زعزعتها بسهولة.
 
واقعيا، فإن الصراع الذي بدأ بين الغرب وإيران على جبهة الإعمار وبالأخص في قطاع الكهرباء قد يتحول إلى جبهات أشد سخونة، فيما لو قررت إيران أن تقف في وجه التحرك الأمريكي لفك ارتباط الاقتصاد العراقي بها. ولقد سبق لإيران أن أخلّت بالتزاماتها في ذلك المجال حين قطعت الكهرباء عن أجزاء من العراق بسبب تراكم الديون العراقية. الأمر الذي تجد فيه الحكومة العراقية عنصر تشجيع لعقد اتفاقيات مع شركات أمريكية لوضع حلول دائمة لتلك المشكلة.
 
وتترجم سياسة رئيس الوزراء العراقي، المرتكزة على تجنب استفزاز كل من طهران وواشنطن حتى الآن، الظروف الغامضة التي أحاطت بصعوده إلى منصبه، فهو ليس حليفا علنيا للولايات المتحدة، وليس خصما للإيرانيين.
 
وتقول مصادر: إن “وزير الخارجية الإيراني حمل لدى زيارته إلى بغداد وعودا كبيرة، لجهة مساعدة العراق على حل مشاكله المعقدة، التي يواجهها في قطاع الطاقة”. ويستورد العراق الغاز والكهرباء من إيران لتعزيز شبكته الوطنية، العاجزة عن توفير الطاقة للسكان.
 
وترهن طهران مساعدتها للعراق في مجال الطاقة بموقف بغداد من العقوبات الأمريكية على إيران، وتحثها على التمرد عليها.
 
ويبدو أن الولايات المتحدة تدرك دقة الموقف العراقي وحراجته، لذلك دفعت بشركة جنرال إلكتريك إلى تقديم عرض مغر للعراق، يقوم على تقديم معدات وخبرات غير محدودة لحل أزمة الكهرباء، مع تسهيلات كبيرة في السداد المالي.
 
وتؤكد المصادر أن “الولايات المتحدة تتفاوض مع شركات أمنية أمريكية وأوروبية لتقديم خدماتها لبعض منشآت الطاقة، التي يُخطط لتشييدها في العراق”.
 
ومع أن المراقبين يستبعدون أن تتسع دائرة هذا الصراع، وتخرج إلى نطاقات عراقية أوسع، إلا أنهم يحذرون من المزيد من الضغط الأمريكي على المصالح الإيرانية في العراق بما يمكن أن يشكل تهديدا وجوديا لحكومة عبدالمهدي.

ربما يعجبك أيضا