الصعود شمالًا.. هل تنجح إيران في نزع فتيل الحرب بين أذربيجان وأرمينيا؟

زار مساعد وزير الخارجية الإيراني، علي باقري، العاصمة الأرمينية، يريفان، الثلاثاء الماضي، في إطار المشاورات السياسية بين البلدين.

وتأتي هذه الزيارة في ظل التصعيد العسكري بين أذربيجان وأرمينيا في منطقة ناجورنو كاراباخ المتنازع عليها، وتحركات إيرانية لتفعيل سياسة الحوار مع دول الجوار في الجنوب، وتحركات إسرائيلية أضرت بعلاقات إيران بأذربيجان.

التوتر يتجدد بين أذربيجان وأرمينيا

تجدَّد التوتر بين أذربيجان وأرمينيا، يوم الثلاثاء الماضي 21 مارس، إذ أعلنت يريفان مقتل أحد جنودها في تبادل لإطلاق النار مع قوات باكو، وسط جهود لحل الصراع حول إقليم ناجورنو كاراباخ، وذلك بعد اتفاق السلام الموقع بين الطرفين برعاية روسيا في 9 نوفمبر 2020.

وحسب تقرير لموقع جهت برس، أعلنت وزارة الدفاع الأرمينية مقتل أحد جنودها في تبادل لإطلاق النار بمدينة يرسك التابعة لمقاطعة أرارات. ونشرت وزارة الدفاع الأذربيجانية، الثلاثاء الماضي، تسجيل فيديو اتهمت فيه القوات الأرمينية بتحريك قطاعات في منطقة تنتشر فيها قوات حفظ السلام الروسية، قرب معبر حدودي يربط أرمينيا بناجورنو كاراباخ وتسيطر عليه قوات أذربيجانية.

احتمال التصعيد

ما زالت التوترات مرتفعة بين أذربيجان وإيران، بسبب التقاتل بين أذربيجان وأرمينيا على إقليم ناجورنو كاراباخ. وتريد إيران الحفاظ على تأمين حدودها مع أرمينيا، التي يبلغ طولها 44 كيلومترًا، وهي معرضة للتهديد إذا استولت أذربيجان على أراضٍ جديدة من خلال الحرب. وكانت إيران أطلقت، في أكتوبر 2022، مناورات عسكرية قرب الحدود مع أذربيجان.

وتحتفظ أذربيجان بعلاقات وثيقة مع إسرائيل، ما أثار غضبًا في طهران. واشترت أذربيجان طائرات مُسيّرة إسرائيلية الصنع لصالح جيشها. وبعد الهجوم الذي تعرضت له منشآت إيرانية قبل عامين، طرحت وسائل إعلام إيرانية اتهامات لأذربيجان بالسماح لمسيرات إسرائيلية باستهداف إيران.

تأهب في القواعد الجوية الإيرانية

حسب تقرير لوكالة فارس، تناقلت قنوات تابعة للحرس الثوري الإيراني معلومات عن تأهب في القواعد الجوية الإيرانية الواقعة غرب البلاد، تحسبًا لتحركات عسكرية أذربيجانية على الحدود مع أرمينيا، حيث نقل الجيش الأذربيجاني المدفعية الثقيلة. وكان سفير أذربيجان في إيران، علي عليزاده، نشر تغريدة يوم الثلاثاء، كتب فيها: “حان وقت العمل”.

وتزامن ذلك مع اتهامات من حكومة باكو لحكومة يريفيان بتهريب الأسلحة إلى منطقة خانكندي، عاصمة إقليم ناجورنو كاراباخ المتنازع عليه بين البلدين. وفي وقت سابق من هذا الشهر، استدعت الخارجية الأذربيجانية السفير الإيراني احتجاجًا على تحليق طائرة عسكرية قرب حدود البلدين.

وحسب تقرير لوكالة دانشجو الإيرانية، أمس الخميس 23 مارس، شدد الخبير في شؤون القوقاز، مهدي تبريزي، على أن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، يستغل انشغال العالم بالحرب الروسية الأوكرانية، ويسعى لتوجيه حرب خاطفة ضد أرمينيا في منطقة ناجورنو كاراباخ.

إيران على خط الوساطة

نائب وزير الخارجية الإيراني، علي باقري كني، دعا أرمينيا وأذربيجان إلى الحوار والحكمة، لتجنب تجدد التوتر بينهما، متعهدًا بأن تستخدم طهران الإمكانات الكاملة لحل القضايا الإقليمية من خلال الحوار السلمي. وحسب وكالة إيسنا، قال باقري، بعد محادثات مع نظيره الأرميني، ارارات ميرزويان، إن تطوير العلاقات مع الجيران من أولويات السياسة الخارجية لبلاده.

ونقل موقع أرمن برس عن باقري كني قوله: “شددنا خلال اجتماعاتنا على أن إيران شريك موثوق به دائمًا في السلام والأمن” في المنطقة. وقال إن “دول المنطقة نفسها ضامنة السلام والاستقرار”، معتبرًا أن وجود القوات الأجنبية “لا يمكن أن يضمن الاستقرار والسلام، لأن هذه القوى تسعى لتحقيق أهداف أخرى”.

وردًّا على احتمال تجدد التوتر في إقليم ناجورنو كاراباخ، قال باقري كني: “لقد خُلقت الدبلوماسية لتحقيق الاستقرار من خلال الحوار السلمي، أفترض أن قادة دول المنطقة لديهم الحكمة بما يكفي لاختيار الحوار لحل القضايا، وستستخدم إيران كامل طاقتها وإمكاناتها لإيجاد حل للقضايا من خلال الحوار السلمي”.

اجتماع 3+3

خلال لقائه مع نظيره الأرميني وأمين مجلس الأمن القومي، أرمن جريجوريان، وحسب تقرير لوكالة إرنا، شدد باقري على أن العلاقات بين إيران وأرمينيا ليست ضد أي طرف في المنطقة، لن إيران تشدد دومًا على تعزيز الأمن والاستقرار الشامل في منطقة القوقاز. وشدد باقری على ضرورة احترام الحدود الدولية والسيادة الوطنية لدول المنطقة، والعمل على الحل السلمي لقضاياها.

وأضاف أن إيران مستعدة لاستضافة اجتماع وزراء خارجية إيران وأرمينيا وأذربيجان وجورجیا وترکیا و روسیا (3+3) في المستقبل القريب. وتعني هذه الاجتماعات بالتعاون في مجال الحفاظ على الأمن والاستقرار في منطقة القوقاز، التي تمتد في الحدود بين روسيا وإيران وتركيا وهي الدول الـ3: أذربيجان وأرمينيا وجورجيا.