الصفقة النووية.. مقترح أمريكي جديد للتفاوض مع إيران

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

مقترح أمريكي جديد هذه المرة يهدف لإعادة إيران إلى طاولة المفاوضات وكسر الجمود السائد منذ أشهر فيما يخص الاتفاق النووي. بحسب موقع «بوليتيكو» تخطط الإدارة الأمريكية لطرح مقترح جديد في أقرب وقت هذا الأسبوع لبدء المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران، لافتا إلى أن العرض الأمريكي يشمل إيقاف إيران لبعض أنشطتها النووية مثل استخدام أجهزة الطرد المركزي المتطورة، مقابل تخفيف واشنطن لبعض العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران.

مسؤول كبير بإدارة بايدن أكد لـ«بوليتيكو» استعداده للسعي لعودة متبادلة للاتفاق النووي مع وجود خيار آخر، وهو إجراء محادثات غير مباشرة من خلال وسطاء أوروبيون.

يذكر أن طهران رفضت في وقت سابق من هذا العام مقترحا أمريكيا وصفته بـ«غير المقبول» وكان يشمل وصول طهران لمبالغ صغيرة من أصول مجمدة تقدر بمليارات الدولارات مقابل وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 % ، غير أن طهران اقترحت في المقابل وقف تخصيب اليورانيوم لمدة شهر مقابل رفع كل العقوبات المفروضة عليها، وهو ما رفضه فريق بايدن على اعتبار أنه سيجهض فكرة بدء المحادثات.

حساسية التوقيت

بالعودة إلى المقترح الأمريكي الجديد، فإن إدارة بايدن ليست في عجلة من أمرها للعودة للاتفاق النووي، وإنما لإعادة إيران لطاولة المفاوضات، ضمن لعبة التجاذبات التي لا تنتهي بين الطرفين. فمنذ وصول بايدن للبيت الأبيض، والاتفاق النووي على طاولة التصريحات السياسية لكلا الجانبين لا يراوح مكانه، فيما بقى مصير الاتفاق مجهولا، في انتظار من يخطو الخطوة الأولى نحو الطاولة.

توقيت هذا المقترح يأتي في وقت حساس مع قرب موسم الانتخابات في إيران رغم استبعاد أن يكون الرئيس الإيراني المقبل من المحافظين الذين يكرهون إبرام الصفقات مع الولايات المتحدة على حد وصف مسؤولين أمريكيين. لكن منذ متى والرئيس الإيرامي صاحب قرار في هذا الملف، فالمرشد الأعلى، علي خامنئي، هو من يرسم سياسة بلاده النووية في نهاية المطاف، وأدلى بدلوه في وقت سابق عندما أعلنها « رفع العقوبات مقابل العودة للمفاوضات».

كما أن حساسية التوقيت تتعلق بقرب انتهاء الاتفاق المؤقت بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران الذي يسمح بوصول مفتشي الوكالة إلى منشآت إيران النووية. أما النقطة الأهم بالنسبة للمسؤولين الأمريكيين فهي عدم السماح للمسؤولين الإيرانيين بوضعهم بموقف ضعيف حسب الموقع.

وأورد “بوليتيكو” أن المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين يدركون أنه في حال عدم حدوث اختراق خلال الأسابيع القليلة المقبلة، فمن غير المرجح أن يتحقق أي تقدم حتى سبتمبر على أقرب تقدير.

ورفض مسؤول كبير في إدارة بايدن​، التعليق على هذا الاقتراح، موضحا أن بلاده منفتحة أيضا على الحديث مع الشركاء الدوليين حول أفضل طريقة لهذه العودة، بما في ذلك اتخاذ سلسلة من الخطوات الأولية والمتبادلة.

مراوغة طهران

في المقابل، ترد إيران على المقترح الأمريكي الجديد، على لسان ممثلها لدى الأمم المتحدة، مجيد تخت روانجي، بالقول إن عودة واشنطن للاتفاق النووي تحتاج قرارا سياسيا واضحا لا مقترحات جديدة، مؤكدا أنه على واشنطن أن تلتزم ببنود الاتفاق وتنفذ التزاماتها، وهذا أفضل مقترح، كما قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي إن الخيار الوحيد الذي تملكه واشنطن هو العودة للاتفاق النووي ورفع العقوبات.

رمزية أية خطوة من الجانبين، تبدو أكبر من تأثيرها على الأرض، هذا ما تدركه الإدارة الأمريكية التي تسعى لتحريك المياه الراكدة ودفع طهران نحو طاولة المفاوضات حتى وإن كان العرض الأمريكي «ضعيفا» والمؤكد رفضه من قبل طهران على غرار المقترح السابق. فإيران لا تريد التفاوض مجددا حول الاتفاق النووي وذلك حتى لا تفتح المجال لبحث برنامجها الصاروخي وتدخلاتها الإقليمية.

لكن لا يمكن الحديث عن الاتفاق النووي الإيراني وإمكانية عودة الإيرانيين لطاولة التفاوض، دون الإشارة إلى تصريحات وانغ يي وزير خارجية الصين بعد زيارته للشرق الأوسط، بالقول إن الصين ستلعب دورا نشطا في حل قضية ايران النووية وأن المسؤولين الصينيين توجهوا إلى موسكو لمناقشة خارطة الطريق، والذي تأتي بعد اتفاق ميركل وبوتين وماكرون على العمل معا لإعادة إيران إلى التزاماتها في الاتفاق النووي في محاولة على ما يبدو لخلط الأوراق.

إذ إن اتفاق إيران والصين المعروف إعلاميا بـ«اتفاق الـ 25 عاما» قد يغير قواعد اللعبة ويحمل إمكانات قوية لتغيير المشهد الاستراتيجي الإقليمي، ويعزز من قدرة طهران على المناورة في أية مفاوضات مع بايدن تتناول العودة إلى الاتفاق الأصلي.

ربما يعجبك أيضا