الصين تطور ترسانتها النووية لتردع الولايات المتحدة.. ما القصة؟

أحمد ليثي

المسؤولون العسكريون والمحللون الأمنيون الأمريكيون يشعرون بالقلق من أن تسريع الصين لتوسيع ترسانتها النووية قد يعني أنها ستكون على استعداد لتوجيه ضربة نووية مفاجئة


سارعت الصين في توسيع ترسانتها النووية، لأنها غيّرت تقييمها للتهديد الذي تمثله الولايات المتحدة الأمريكية، ما يلقي ضوءًا جديدًا على التوترات التي تزيد بين البلدين.

وفق مراسل “وول ستريت جورنال” للشؤون الآسيوية، آلاستير جيل، في تقريره المنشور أمس 9 إبريل، فإن الجهود النووية الصينية تسبق الحرب الروسية الأوكرانية، منذ فترة طويلة، لكن حذر الولايات المتحدة من التورط المباشر في الحرب عزّز قرار بكين بالتركيز أكثر على تطوير الأسلحة النووية كرادع.

كيف تردع الصين الولايات المتحدة؟

يقول آلاستير جيل، إن القادة الصينيين يرون أن وجود ترسانة نووية أقوى، هو وسيلة لردع الولايات المتحدة الأمريكية عن التورط المباشر في نزاع محتمل على تايوان، لذلك تسارع في العمل هذا العام، على أكثر من 100 صومعة صواريخ مشتبه بها في المنطقة الغربية النائية في الصين، والتي يمكن استخدامها لإيواء صواريخ ذات رؤوس نووية قادرة على الوصول إلى الولايات المتحدة.

وفقًا للمحللين الذين يدرسون صور الأقمار الصناعية للمنطقة، فإن تفكير الصين في توسيع ترسانتها النووية غير واضح، في حين أن محللين أمنيين مستقلين يدرسون الانتشار النووي، يقولون إنهم لا يعرفون الدوافع التي تحرك بكين، بعد أن جفت التبادلات بين المسؤولين والمحللين الصينيين في الغالب في السنوات القليلة الماضية.

قلق أمريكي

نوه جيل بأن المسؤولين العسكريين والمحللين الأمنيين الأمريكيين، يشعرون بالقلق من إسراع الصين في توسيع ترسانتها النووية، ما يعني أنها ستكون على استعداد لتوجيه ضربة نووية مفاجئة، في حين أن المقربين من القيادة الصينية قالوا إن بكين ملتزمة بعدم استخدام الأسلحة النووية أولًا.

وقالت مصادر مقربة من القيادة الصينية لـ”وول ستريت جورنال”، إن تركيز الصين المتزايد على الأسلحة النووية مدفوع أيضًا بالمخاوف من أن واشنطن قد تسعى للإطاحة بالحكومة الشيوعية في بكين، بعد تحول أكثر تشددًا في السياسة الأمريكية تجاه الصين، في ظل إدارتي ترامب وبايدن. وأوضحت المصادر أن الصين تخطط لتطوير ترسانتها النووية، بالقدر الذي يحفظ لها مصالحها الأمنية فقط.

هل قدَّمت الحرب الروسية الأوكرانية درسًا للصين؟

أوضح ضابط عسكري صيني متقاعد، له علاقة بالبرنامج النووي للبلاد، لـ”وول ستريت جورنال”، أن أوكرانيا دخلت في هذا الوضع نظرًا لفقدانها الردع النووي، في حين أن الأشخاص المطلعين على تفكير القيادة الصينية قالوا إن بكين لم تجرِ أي تعديلات على السياسة النووية للبلاد، نتيجة للتطورات في أوكرانيا، لكن وزارة الدفاع الصينية لم ترد على طلب للتعليق.

ويوضح جيل، في تقريره، أن تفكير بكين قد يكون له عواقب بعيدة المدى على المستوى العالمي، فيمكن أن يؤدي تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين بشأن الأسلحة النووية، إلى إعادة العالم إلى مواجهة نووية شبيهة بالحرب الباردة مماثلة لتلك التي شهدتها العقود التي أعقبت الحرب العالمية الثانية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي.

كم رأسًا نوويًّا تمتلكه الصين؟

أشار التقرير إلى أن تقديرات الحكومة الأمريكية تفيد أن ترسانة الصين النووية، تمتلك المئات من الرؤوس النووية، وهو رقم أقل بكثير من نحو 4 آلاف رأس حربي تمتلكها كل من روسيا والولايات المتحدة. وتقول وزارة الدفاع الأمريكية إنها تتوقع أن تمتلك الصين ألف رأس حربي، بحلول نهاية هذا العقد.

وقال أحد كبار الباحثين في الشأن النووي، الأمريكي مات كوردا، إن صور الأقمار الصناعية التي جرى التقاطها، خلال شهر يناير الماضي، تُظهر آخر 45 غطاءً مؤقتًا لكل من 120 صومعة للصواريخ المشتبه بها، ما يشير إلى اكتمال العمل الأكثر حساسية في جميع الصوامع.

61d3722a87e64b0018e13104

الصين تنفي توسيع ترسانتها النووية

قال المدير العام لإدارة مراقبة الأسلحة بوزارة الخارجية الصينية، فو كونج، في وقت سابق من هذا العام: “في ما يتعلق بالتأكيدات التي أدلى بها المسؤولون الأمريكيون من أن الصين توسع قدراتها النووية على نحو كبير، فإن هذا غير صحيح”. وقال إن الصين تعمل على ضمان أن يلبي ردعها النووي الحد الأدنى الضروري للدفاع الوطني.

وقال بعض القادة الصينيين لـ”وول ستريت جورنال”، إن الانتقادات الشديدة للحزب الشيوعي من كبار المسؤولين الأمريكيين في إدارة ترامب، حفزت القادة الصينيين على تقرير أن واشنطن مستعدة لتحمل مخاطر أكبر لوقف صعود الصين، في حين أن القادة الصينيين يرون أن الأسلحة النووية ذات قيمة محدودة حتى الآن، لأنها لا تقدم خيارات واقعية لخوض معظم الحروب.

china military nuclear weapon us relations 1

الصين لا تطمئن إلى أمريكا أبدًا

وفقًا للتقرير، قال القادة الصينيون، إن الخطاب الذي ألقاه نائب مستشار الأمن القومي السابق، مات بوتينجر، في مايو 2020 بلغة الماندرين كان مقلقًا للغاية، فقد قال، في حديثه في الذكرى السنوية لاحتجاج الطلاب عام 1919 في الصين: “ألم يكن الهدف هو انتخاب حكومة تتمحور حول المواطن في الصين، وليس استبدال نموذج يركز على النظام بآخر؟ سينتظر العالم من الشعب الصيني تقديم الإجابات”.

وقال شخص مطلع على تفكير القيادة الصينية: “من الواضح أن الخطاب كان يدعو الصينيين إلى إسقاط الحزب الشيوعي”، في حين أن السيد بوتينجر نفسه، قال إن مثل هذا التفسير يعد “اعترافًا عميقًا بأن الحزب الشيوعي يعلم أنه فشل في تقديم حكم يأخذ المواطن بعين الاعتبار، وهو يوضح ما يشتبه به الجميع فعليًّا، فما تخشاه بكين قبل كل شيء هو شعبها”.

ربما يعجبك أيضا