الصين تعين مبعوثًا خاصًا للقرن الإفريقي.. ما دوافع القرار؟

نداء كسبر

يتمثل السبب الأكبر وراء تعيين الصين مبعوث جديد لأفريقيا في حماية الاستثمارات الصينية في القرن الأفريقي بعد أن منحت الصين قروضا ضخمة للعديد من دول القارة، في محاولة لانتزاع امتيازات دبلوماسية وتجارية في هذه الدول.


في أثناء جولة بإريتريا وكينيا وجزر القمر، في يناير 2022، أعلن وزير الخارجية الصيني، وانج يي، تعيين مبعوث خاص لبكين في القرن الإفريقي.

يتوجه وزراء خارجية الصين إلى إفريقيا في أولى زياراتهم الخارجية في بداية كل عام، التي تأتي في إطار التقليد الدبلوماسي الصيني الممتد لأكثر من 32 عامًا، لتمكين بكين من لعب دور سياسي نشط للحفاظ على مصالحها الاقتصادية في القارة الإفريقية، فما دوافع القرار؟

سلام وأمن وأهمية استراتيجية

أعلن وزير الخارجية الصيني وانج يي، في مؤتمر صحفي مع وزيرة خارجية كينيا رايشيل أومامو في مومباسا، يناير 2022، أن تعيين مبعوث خاص لمنطقة القرن الإفريقي جاء لدعم الجهود المبذولة، والتغلب على التحديات الأمنية الحالية وضمان السلام والازدهار في المنطقة على المدى الطويل.

مصادر الطاقة التي تتوافر في دول منطقة القرن الإفريقي جعلت دول الاتحاد الأوروبي والدول الكبرى مثل فرنسا والصين والولايات المتحدة الأمريكية تتسابق عليها، لتنفيذ برامجها، وأصبح التنافس حول أخذ النصيب الأكبر منها وتأمين التزود بالطاقة شاغلًا لمختلف القوى الدولية التقليدية منها والصاعدة، خاصة أن هذه الثروات لا تخضع لسيطرة سلطة مركزية قوية.

وتعد منطقة القرن الإفريقي البوابة التي تشهد مرور التجارة الصينية من البر الصيني باتجاه أوروبا، وهذا ما يفسر وجود قاعدة عسكرية صينية في جيبوتي لتمثل نقطة ارتكاز للقوات البحرية الصينية لتأمين تجارتها التي تمر بالمنطقة.

الحفاظ على المصالح التجارية

السبب الأكبر وراء تعيين الصين مبعوثًا جديدًا بإفريقيا هو حماية الاستثمارات الصينية في القرن الإفريقي، فتُعد بيكين أكبر شريك تجاري لإفريقيا، فقيمة التجارة المباشرة بين الطرفين في 2019 بلغت أكثر من 200 مليار دولار، وتمنح الصين قروضًا ضخمة للعديد من دول القارة، في محاولة لانتزاع امتيازات دبلوماسية وتجارية في هذه الدول.

وإثيوبيا من كبرى الدول المتلقية للقروض والاستثمارات الصينية، التي تشمل تمويل خط سكة حديدية من أديس أبابا إلى جيبوتي، ويشهد مرور 95% من الواردات الإثيوبية، بالإضافة إلى توسيع مطار أديس أبابا، ومولت الصين المشروعات التنموية في جيبوتي بحوالي 16.6 مليون دولار، وتستثمر الصين بصورة رئيسة في قطاعي البنية التحتية والطاقة في منطقة القرن الإفريقي.

منافسة النفوذ الأمريكي بالمنطقة

جاءت جولة وزير الخارجية الصيني للمنطقة، عقب زيارة نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن في نوفمبر 2021، ما يعني أن قرار الصين بتعيين مبعوث للقرن الإفريقي، محاولة للتنافس مع نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الغربية الأخرى، التي تعثرت جهودها الدبلوماسية مؤخرًا لإنهاء الحرب الأهلية في إثيوبيا، وحماية الانتقال الديمقراطي في السودان.

لا تعتمد الصين في تقديم مساعداتها الاقتصادية للدول الإفريقية على مبدأ المشروطية السياسية، على عكس الدول الغربية التي تربط معوناتها الاقتصادية بمدى تحقيق الديمقراطية، أو الإيفاء بمطالب سياسية معينة.

وفي أثناء فرض واشنطن العقوبات على الحكومات في المنطقة لأسباب تتعلق بسياستها الداخلية، كانت الصين تسعى لتعزيز علاقاتها الاقتصادية على غرار ضم إريتريا إلى الاستراتيجية الصينية العالمية للاستثمار في نوفمبر 2021، وإعلان الرئيسين الصيني، شي جين بينج، والإريتري، أسياس أفورقي، الارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى مستوى شراكة استراتيجية.

ربما يعجبك أيضا