الصين وروسيا.. التأييد ليس مطلقاً

علاء بريك

في الحرب الروسية الأوكرانية، هل تظل بكين تمسك بالعصا من المنتصف للموازنة بين دعم حليفتها موسكو والحفاظ على مصالحها؟


تواصل بكين العمل تطوير علاقتها الاستراتيجية وشراكتها مع روسيا لصياغة حقبة جديدة، بحسب ما نقلت وكالة شينخوا الصينية عن وزير الخارجية الصيني وانج يي.

وقد يٰتوقع أنَّ هذه العلاقة المتينة بين الصين وروسيا تعني تأييدًا صينيًّا مطلقًا لشريكها الاستراتيجي، لكن الواقع مغاير لهذا. فكيف تنظر الصين إلى الحرب الروسية الأوكرانية، مع العلم بأنها لم تشجب الحرب ولم تؤيدها؟

الاستجابة الصينية

بحسب نقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية، تسبب الاجتياح الروسي لأوكرانيا في وضع الصين في موقف حرج، فمن جهة ترتبط الصين مع روسيا بعلاقات وثيقة، ومن جهة أخرى تلتزم الصين بمبدأ عدم الاعتداء على، أو التدخل، في شؤون الدول المستقلة على مستوى سياسة الصين الخارجية.

وفي جلسة خاصة لمجلس الأمن بشأن الوضع في أوكرانيا، امتنعت الصين عن تأييد قرار يدعو لعقد جلسة استثنائية للجمعية العامة بشأن أوكرانيا. وفي الجلسة العامة كررت الصين امتناعها عن التصويت، وهذا أفضل الممكن للصين، فلا هي أيدت الاجتياح ولا هي أدانته. وفي الآن ذاته، لا تزال على موقفها من أنَّ العقوبات الاقتصادية ليست الحل للنزاعات الدولية، وأنَّ للغرب يدًا في ما يجري بأوكرانيا.

ميزان المصالح الصيني

تمثل الشراكة الصينية الروسية شراكةً تكاملية، فالصين تملك المصانع وتفتقر إلى الموارد الطاقية، أما روسيا فتملك الموارد الطاقية وتفتقر إلى الاستثمارات وتحتاج إلى توسيع قاعدتها الاقتصادية، ومن جهةٍ أخرى تشتري الصين من روسيا أسلحة متقدمة، بحسب التقرير.

في المقابل، تعلم الصين أنَّ دعمها للاجتياح الروسي سوف يلحق ضررًا بعلاقتها مع الدول الثرية في الغرب التي تعد شريكًا تجاريًّا أساسيًّا لها، كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان، مع العلم بأنَّ هذه العلاقة تمر بمرحلة سيئة منذ السبعينات، وضاعفتها قضيتا تايوان ومسلمي الإيجور.

لكن الصين لا ترى في ضعف روسيا أي فائدة استراتيجية، فبحسب ما نشره موقع وورلد بوليتيكس ريفيو تمثّل روسيا عند الصين أهمية استراتيجية لأنَّ الأولى ستبعد أنظار الغرب عنها وبالتالي لا تكون على سلم أولوياته، وفي الآن ذاته يجمع بين الصين وروسيا وجود عدو واحد يهددهما في المحيط الهادي وشرق أوروبا وهو الولايات المتحدة، وإضعاف روسيا سينعكس على الصين.

الصين والعقوبات ضد روسيا

يرجح تقرير مجلس العلاقات الخارجية أنَّ الصين لن تسارع على الفور إلى تقديم المساعدة لروسيا، لكنها قد تعمل على شراء الغاز والموارد الروسثية الأخرى في الأجل الطويل حال لم تتمكن روسيا من بيعها للغرب. وكانت الصين رفعت بعض القيود عن استيراد الحبوب الروسية، لكن هذا الإجراء لا علاقة مباشرة له مع الحرب الحالية فقد صدر قبل شن الحرب كما يقول موقع بلومبرج.

وفقاً للتقرير، سيأخذ تغيير اتجاه تصدير الموارد من الغرب إلى الشرق وقتًا ليس بالقليل. فخطوط نقل الغاز الروسي إلى الصين تحتاج إلى سنوات عدة من البناء وبدء التشغيل، لذا قد يتعذر على الصين التخفيف من أثر العقوبات الاقتصاديةالآني ضد روسيا، أما على المدى الطويل فالمسألة مختلفة

الصين وتايوان

تمثل تايوان بحسب وزارة الخارجية الصينية حالة مختلفة عن الحالة الأوكرانية، فتايوان جزء من الصين، وليست بلدًا مستقلًا كأوكرانيا، وفي وقت سابق كانت الناطقة باسم الخارجية الصينية هوا تشونينج قد شجبت محاولة تايوان المماهاة بين حالتها وحالة أوكرانيا. بيد أنَّ تقرير مجلس العلاقات الخارجي يرى المنطق في الحالتين متماثل.

ويحاجج تقرير مجلس العلاقات الخارجية بأنَّ الدوافع القومية والتاريخية الروسية ستجد أصداء لدى القوميين الصينيين، وعليه يمكن لهؤلاء القول إن كانت روسيا تستطيع اقتطاع جزء من أوكرانيا وتعيين حكومة تابعة لها وتقاوم العقوبات الاقتصادية، لم إذًا لا نقوم بالمثل مع تايوان؟

الصين والولايات المتحدة: ما الحل؟

يرى التقرير بأنَّ الصين والولايات المتحدة بوسعهما فتح حوار على أعلى المستويات، ما قد يذكِّر الصين بأنَّ مستقبلها كلاعب دولي كبير يكون بالتعاون والتباحث مع الدول المتقدمة لا الإحراج مع دولة أوتوقراطية تعوم على بحر من الطاقة.

لكنَّ مُعدَّي التقرير لا يتفاءلان بهذه الرؤية، لأنَّ الروابط بين الصين والولايات المتحدة هشة بسبب التطورات الأخيرة، ويخلُصَان إلى ترجيح استمرار الوضع الحالي، فتتلقى الصين بعض الانتقادات من هنا وهناك، في حين تحاول دول أخرى العمل على إنقاذ استقلال أوكرانيا.

ربما يعجبك أيضا