الصين وفيتنام تتفقان على استمرار التواصل الاستراتيجي.. ما دلالة ذلك؟

رنا أسامة

اتفق الجانبان على معالجة الخلافات المتعلقة ببحر الصين الجنوبي بطريقة صحيحة فضلًا عن تعزيز التعاون البحري.


تعهد دبلوماسيون كبار من الصين وفيتنام بإجراء مزيد من المحادثات رفيعة المستوى، وإعادة النظر في علاقاتهما الثنائية كأولوية دبلوماسية.

يأتي هذا في وقت تواجه فيه بكين جهودًا أمريكية مكثفة لتعزيز العلاقات مع تحالفها الإقليمي. وقد التقى وزير الخارجية الصيني وانج يي، نظيره الفيتنامي بوي ثانة سون، على هامش اجتماع على نهر الميكونج في ميانمار يوم 4 يوليو الحالي 2022.

الصين وفيتنام.. مصالح استراتيجية مُشتركة

قال وانج إنه يتعين على الصين وفيتنام الحفاظ على التواصل وتعميق التنسيق الاستراتيجي، وبذل جهود بناء مجتمع مترابط ومصير مشترك، يتشاطر خلاله البلدان مصالح استراتيجية مشتركة، انطلاقًا من كونهما دولتين اشتراكيتين متجاورتين صديقتين، وقوتين مهمتين بين اقتصادات الأسواق الناشئة والدول النامية، حسب ما أفادت وكالة الأنباء الصينية الرسمية “شينخوا“.

ودعا الوزير الصيني، بكين وهانوي إلى التكاتف للمضي قدمًا في تطوير الاشتراكية، بما يتماشى مع الظروف الوطنية لكل منهما، وتقديم إسهامات أكبر للسلام والازدهار على المستويين الإقليمي والعالمي. وأطلع سون على المؤتمر الوطني المقبل للحزب الشيوعي الصيني، وسط توقعات بإجراء تعديل وزاري كبير.

ثقة سياسية متبادلة

خلال الاجتماع، قال الوزير الفيتنامي إن فيتنام والصين تتمتعان بثقة سياسية متبادلة رفيعة المستوى، بالإضافة إلى تقدم سلس في التعاون العملي، مُشيرًا إلى استعداد بلاده للحفاظ على التبادلات رفيعة المستوى والتواصل الاستراتيجي مع بكين، والدفع لتحقيق اختراقات جديدة في شتى المجالات.

وقال وانج، وفق شينخوا، إن الصين تعمل حاليًّا على تحقيق نمط تنمية جديد وانفتاح عالي الجودة، الأمر الذي من شأنه أن يجلب مزيدًا من الفوائد لفيتنام ويخلق ظروفًا أكثر ملاءمة للتعاون الثنائي، داعيًا إلى تقاسم الفرص والسعي المشترك للتنمية وحماية الاستقرار وتحقيق الازدهار.

معالجة خلافات بحر الصين الجنوبي

اتفق الجانبان على تنسيق الجهود لدفع التعاون إلى الأمام في مختلف المجالات، وذلك خلال الاجتماع 14 للجنة تسيير التعاون الصينية الفيتنامية الذي سوف تحتضنه الصين. وتعهّدا أيضًا ببذل جهود لتسريع تنفيذ المشروعات المتعلقة بسبل العيش ذات الفوائد الاجتماعية، لتقريب كلا الشعبين من بعض، بحسب شينخوا.

وقد اتفق الوزيران على اغتنام فرصة الذكرى 20 لتوقيع إعلان سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي هذا العام، من أجل دفع عملية مدونة قواعد السلوك بتلك المنطقة، والالتزام بالتوافق الذي توصلت إليه قيادتا البلدين، لمعالجة الخلافات المتعلقة بهذا الشأن بطريقة صحيحة، فضلًا عن تعزيز التعاون البحري.

ضغوط أمريكية على بكين.. وتحذير صيني للناتو

تأتي المحادثات الصينية الفيتنامية وسط ضغوط أمريكية متزايدة على بكين، لا سيّما بعد أن صنّف قادة الناتو، لأول مرة، الصين على أنها تحدٍّ منهجي للأمن الأوروبي الأطلسي في المفهوم الاستراتيجي لحلف شمال الأطلنطي، وذلك في ختام قمة الحلف بمدريد، التي شاركت فيها اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزلندا، في سابقة من نوعها.

وفي المقابل، حذرت بكين كلًّا من الناتو من التوسع بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، ودول المنطقة من الانضمام إلى الحلف، مُدعية أن مثل هذه التحركات لن تقود إلا إلى فوضى وصراع، في حين تعهّدت الولايات المتحدة بالعمل مع حلفائها الإقليميين لمكافحة الصيد غير المشروع وتعزيز الدفاع عن تلك الدول في مواجهة الصين، بحسب صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست.

فرصة لفيتنام

قال مراقبون، وفق ساوث تشاينا مورنينج بوست، إن التنافس الصيني الأمريكي يُمثل فرصة لفيتنام. بالنسبة إلى الصين، فإن الحفاظ على العلاقات مع جارتها ذات الإرث الشيوعي قد يُساعدها في تعويض النفوذ الأمريكي، على الأقل أيديولوجيًّا، في وقت تخاطر فيه دول جنوب شرق آسيوية أخرى، مثل الفلبين، بالانضمام إلى الولايات المتحدة أو عدم التأثير في المنطقة.

ويُمكن لفيتنام أن تسير على خط رفيع بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، لا سيّما مع تحسن العلاقات بين هانوي وواشنطن، في حين تشارك الأولى في الإطار الاقتصادي الهندي والمحيط الهادئ الذي تقوده الثانية. ومع ذلك، قال رئيس الوزراء الفيتنامي فام مينه تشينه، إن بلاده لن تنضم إلى تحالف لمواجهة بكين.

نهج متوازن

قال خبير شؤون جنوب شرق آسيا بجامعة جينان، تشانج مينج ليانج، للصحيفة الصينية إن “التصورات الغربية تجاه الصين وروسيا سوف تساعد فيتنام على توسيع مساحتها الاستراتيجية وإثراء خياراتها الاستراتيجية”، مُشيرًا إلى أن السياسات الأمريكية تجاه الصين ستصب في صالح فيتنام.

وفي ضوء استفادة فيتنام من سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الصين، جرى منحها أيضًا دعمًا إضافيًّا لمواجهة مطالبات الصين في بحر الصين الجنوبي. وأضاف: “يتعين على فيتنام أن تختار نهجًا متوازنًا على أساس تجنب استفزاز الصين وتحقيق الاستقرار في العلاقات معها”.

ربما يعجبك أيضا