الضاحية الجنوبية في خطر.. أين يهرب سكان بيروت من الحرب المقبلة؟

لبنان على شفا كارثة.. توجس من «عدوان إسرائيلي» محتمل

محمد النحاس

في أعقاب الغارة التي اغتالت فؤاد شكر، بدأ سكان الضاحية في البحث عن أماكن أخرى، ولكن مع زيادة الطلب، ارتفعت أسعار الإيجارات بشكل كبير، حيث وصلت إلى 1000 دولار شهريًا في بعض الأماكن، وهو مبلغ يتجاوز إمكانيات الكثيرين في ظل تردي العملة المحلية. 


عندما اندلعت الحرب في العاصمة اللبنانية بيروت قبل حوالي عقدين، تمكن المواطن بلال سهلب من حماية أسرته بنقلهم إلى بلدة جبلية هادئة، حيث استأجر شقة وانتظر انتهاء القصف.

ولكن الأمر مختلف في التصعيد الحالي مع حرب شاملة تلوح في الأفق، ويواجه سهلب تحديات أكبر؛ حيث فقد سيارته، وانتهت مدخراته، ولم يعد لديه تصور لموعد انتهاء الأعمال العسكرية، وفق تقرير لوكالة أنباء “رويترز” نشرته في 9 أغسطس 2024.

الضاحية تترقب

في خضم التصعيد؛ فإن الضاحية الجنوبية لبيروت، ذات الأغلبية الشيعية تعيش حالة من التوتر تفاقمت بعد أن أسفرت غارة جوية إسرائيلية الأسبوع الماضي عن مقتل القائد العسكري الكبير في حزب الله، فؤاد شكر، بالإضافة إلى 5 مدنيين. 

وفي الوقت نفسه، تم اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في طهران، ودفع الموقف برمته حزب الله وحلفاء إيران الآخرين إلى التهديد بالرد على إسرائيل.

ويخشى العديد من سكان الضاحية أن تكون الغارة الجوية مؤشرًا على أن الحرب داخل لبنان باتت حتمية، بعد أن ظلت محصورة في الغالب في منطقة الحدود مع إسرائيل على مدار الأشهر العشرة الماضية بالتوازي مع حرب غزة.

سياق جديد

في حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله، دمرت الغارات الإسرائيلية العديد من المباني في الضاحية، ما أجبر السكان على البحث عن مأوى في مدن وبلدات أخرى. 

أم الآن فإن الخيارات أصبحت محدودة، فقد أدت 5 سنوات من الانهيار الاقتصادي إلى انخفاض قيمة الليرة اللبنانية، ما أثر على مدخرات المواطن اللبناني بلال سهلب وراتبه الشهري، الذي تراجع من أكثر من 5 آلاف دولار إلى حوالي 500 دولار.

وأرسل سهلب عائلته إلى منطقة جبلية مرتفعة شرق بيروت، في محاولة للحفاظ على سلامتهم، بينما بقي هو في الضاحية لمواصلة عمله، وأكد: “أرسلتهم للأعلى لأنهم آمنين أكثر هناك، لكن لا أستطيع اللحاق بهم لأنني بحاجة للعمل لدعمهم”.

البحث عن مأوى

في أعقاب الغارة التي اغتالت فؤاد شكر، بدأ سكان الضاحية في البحث عن أماكن أخرى، ولكن مع زيادة الطلب، ارتفعت أسعار الإيجارات بشكل كبير، حيث وصلت إلى 1000 دولار شهريًا في بعض الأماكن، وهو مبلغ يتجاوز إمكانيات الكثيرين في ظل تردي العملة المحلية. 

أما فاطمة سيف الدين، والتي تعمل كعاملة نظافة براتب لا يتجاوز 300 دولار، لم تستطع تحمل إيجار شقة في منطقة البقاع المرتفعة، رغم أنها عثرت على وحدة سكنية بسعر 500 دولار. 

تعقيدات اجتماعية

قالت فاطمة لرويترز: “في حرب 2006، انتقلنا من مكان إلى آخر حتى استقرينا بفندق سياحي كان مفتوحًا للأهالي، لكن لا يوجد خيار كهذا الآن”، يأتي ذلك مع تفاقم المشكلات بسبب الانقسامات الطائفية في لبنان، الناتجة عن الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990، ما يزيد من تعقيد الموقف.  

وعلى عكس حرب 2006، استضافت بعض الأحياء المسيحية سكان الضاحية، فإن التوترات الحالية بين حزب الله والأحزاب المسيحية الأخرى تجعل العثور على مأوى أكثر صعوبة، وفق تقرير رويترز.

ضرورة التضامن 

في ظل هذه الأوضاع، يعبر العديد من اللبنانيين عن قلقهم من الاستغلال والتعامل غير الإنساني في ظل الحرب، وفق وكالة أنباء رويترز. 

ويقول الحاج ناصر، البالغ من العمر 70 عامًا: “لا أحد يشعر بالآخر، ولا أحد يتفهم أن هذه حالة حرب وضرورة التكاتف، بالعكس، الناس تستغل بعضها البعض”، حسب التقرير. 

مع ذلك تظل هناك مشاهد من التضامن لافتة يسطرها الشعب اللبناني، والذي عانى على مدار عقود ويلات الحروب والتدهور الاقتصادي والانقسام السياسي.

ربما يعجبك أيضا