العالم على أعتاب أزمة في الأرز.. كيف يمكن تجنبها؟

آية سيد
العالم يشهد أزمة في الأرز.. الأسباب والحلول

مع ارتفاع الطلب العالمي، خاصة في إفريقيا وآسيا، تواجه زراعة الأرز عددًا من التهديدات.


يشهد الطلب العالمي على الأرز ارتفاعًا كبيرًا، لكن المحصول المسؤول عن تغذية 60% من سكان الأرض أصبح مصدرًا للتهديد.

ويعاني محصول الأرز العالمي من التراجع، بسبب عدد من العوامل والتهديدات، التي تؤثر في الإنتاج، كما أوضح تقرير لمجلة ذي إيكونوميست البريطانية، يوم الثلاثاء الماضي 28 مارس 2023.

تهديدات متعددة

لآلاف السنوات، كان الأرز الغذاء الأساسي لقارة آسيا، المسؤولة عن 90% من الإنتاج العالمي ومعظم استهلاكه. لكن مع ارتفاع الطلب العالمي، خاصة في إفريقيا وآسيا، تواجه زراعة الأرز عددًا من التهديدات، بسبب ندرة الأراضي والمياه والقوى العاملة.

ووفق التقرير، يُعد تغير المناخ تهديدًا أكثر خطورة، لأن ارتفاع درجات الحرارة يتسبب في ذبول المحصول، والفيضانات المتكررة تدمره. لكن زراعة الأرز ليست مجرد ضحية للاحتباس الحراري، فهي أيضًا أحد أسبابه الرئيسة، لأن حقول الأرز تُطلق الكثير من غاز الميثان، أحد الغازات الدفيئة القوية.

العالم يشهد أزمة في الأرز.. الأسباب والحلول

معدل استهلاك الأرز السنوي للشخص

ارتفاع الطلب على الأرز

تتفاقم المشكلة بسبب ارتفاع الطلب، حسب التقرير، فبحلول 2050، سيرتفع عدد سكان آسيا إلى 5.3 مليار نسمة، وسكان إفريقيا إلى 2.5 مليار نسمة. ومن المتوقع أن يقود هذا النمو ارتفاعًا في الطلب على الأرز 30%، وفق دراسة منشورة في دورية نيتشر فوود البريطانية.

إلا أن نمو إنتاجية الأرز في آسيا يتراجع. وعلى مدار العقد الماضي، زادت المحاصيل بمتوسط سنوي 0.9% فقط، منخفضة من 1.3% في العقد الذي سبقه، وفق بيانات الأمم المتحدة. ويشهد جنوب شرق آسيا التراجع الأكبر، بتراجع معدل الزيادة من 1.4% إلى 0.4%.

الثورة الخضراء

لسنوات عديدة، استطاع الإنتاج مواكبة الطلب المتزايد بفضل الآثار الدائمة للثورة الخضراء، التي بدأت في الستينات. ولمعالجة ضعف المحاصيل، استحدث العلماء في المعهد الدولي لبحوث الأرز، ومقره الفلبين، نوع ir8، وهو نوع من الأرز ازدهر باستخدام الأسمدة وأنظمة الري.

ومع انتشار ir8 في أنحاء آسيا، زادت محاصيل الأرز. وحسب التقرير، جعلت الإنتاجية المرتفعة للأرز محصولًا جذابًا، ما أدى إلى تخصيص المزيد من الموارد لزراعته. وهكذا، أدى تراجع القلق بشأن الأمن الغذائي إلى تركيز الحكومات الآسيوية على التحول الصناعي والنمو الاقتصادي.

العالم يشهد أزمة في الأرز.. الأسباب والحلول

الأرز

تحديات الزراعة

على الرغم من أن المعهد الدولي لبحوث الأرز استحدث أنواعًا جديدة يمكنها تحقيق نجاح مشابه، فإن تلبية الطلب المتنامي تبدو أصعب من السابق. ووفق التقرير، يتسبب التوسع الحضري في تراجع مساحة الأراضي الزراعية. وكذلك، فإن الجهد الشاق الذي تتطلبه زراعة الأرز يدفع العمال الآسيويين إلى الهرب.

ويُعد نقص المياه، التي تحتاجها زراعة الأرز بكميات وفيرة، أحد التحديات الأخرى. وفي أماكن كثيرة، تنضب التربة وتتسمم بسبب الاستخدام المفرط للأسمدة ومبيدات الآفات.

وذكر تقرير ذي إيكونوميست أن القيمة الغذائية للأرز تصبح مصدرًا للقلق المتنامي، لأنه يحتوي على نسبة مرتفعة من الجلوكوز، الذي يسهم في الإصابة بمرض السكري والسمنة، ويحتوي على نسبة منخفضة من الحديد والزنك، وهما من المغذيات الصغرى المهمة.

العالم يشهد أزمة في الأرز.. الأسباب والحلول

محصول الأرز

مشكلة معقدة

معالجة المشكلات المتعددة أمر مُعقد، وفق التقرير. وفي هذا الشأن، قال المدير العام للمعهد الدولي لبحوث الأرز، جين بالي، إن الثورة الخضراء التالية ينبغي أن تركز على “الأنظمة وليس الحلول، على مستوى الزراعة”. وهذا يتطلب سياسات وأنواعًا أفضل في ما يتعلق بالأرز.

ووفق تقرير ذي إيكونوميست، فإن التدخلات الحكومية السيئة أو البالية تكمن وراء معظم المشكلات المتعلقة بالإنتاج أو البيئة. وهذا لأنها تشوّه الأسواق وتُضعف الحوافز للتغيير. وضرب التقرير مثالًا بالهند وبعض الدول الآسيوية، وتقدم الحكومات حوافز للمزارعين كي يزرعوا الأرز، ثم تبيعه بأسعار مدعمة، ما يشجع على زيادة الاستهلاك.

اقرأ أيضًا| الهند تضع تجارة الأرز العالمية في خطر.. أرقام وتفاصيل

حلول جزئية

على الرغم من عدم وجود حل واحد لأزمة الأرز المتنامية، لفت التقرير إلى وجود الكثير من الحلول الجزئية. وفي مناطق آسيا، حيث الإنتاج منخفض، مثل ميانمار والفلبين، من الممكن زيادة الإنتاجية باستخدام المزيد من الأسمدة والمبيدات، دون التسبب بضرر بيئي جسيم.

وإضافة إلى هذا، استحدث العلماء في المعهد الدولي لبحوث الأرز، ومراكز بحثية أخرى، أنواعًا من الأرز مقاومة للفيضانات والجفاف والحرارة. وأنتجوا كذلك سلالات مغذية أكثر.

وهذه التغييرات، مصحوبة بابتكارات في الزراعة، مثل البذر المباشر، الذي يحتاج إلى مياه وعمالة أقل، يمكنها تقليل الأضرار البيئية وزيادة المحاصيل. ويمكن للحكومات أيضًا أن تلعب دورًا كبيرًا عبر تسليط الضوء على فوائد الأنواع والطرق الجديدة.

نهج جديد

أشار تقرير ذي إيكونوميست إلى أن النهج التصاعدي مهم أيضًا. لأن العاملين في مجال الإرشاد الزراعي يمكنهم لعب دور مهم في نقل المعرفة، لكن صناع السياسة يهملونهم في أكثر الأحيان.

وأضاف أن الحكومات تحتاج أيضًا إلى بذل المزيد من الجهد لتقليل اعتماد الناس على الأرز. وتحتاج الدول إلى إنتاج المزيد بموارد أقل، وبمزيد من الحرص على البيئة. ووفق جين بالي، يرتقي هذا إلى “ثورة خضراء حقيقية”.

ربما يعجبك أيضا