العثمانيون الجدد والإخوان .. تحالف الشر يعبث بأمن ليبيا

يوسف بنده

رؤية

أعلن القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر قبول التفويض الشعبي لإدارة شؤون البلاد وإسقاط اتفاق الصخيرات السياسي الذي تمخض عنه المجلس الرئاسي برئاسة فايز السراج، والمتهم بفتح الباب أمام التدخلات الخارجية وعلى رأسها التدخل التركي في ليبيا.

ويتهم حفتر المجلس الرئاسي بقيادة فائز السراج المدعوم دوليا بالخائن لإبرامه مع تركيا مذكرتي تفاهم بشأن ترسيم الحدود البحرية والتعاون العسكري.

وبحسب صحيفة العرب اللندنية، قال مراقبون: إن إعلان حفتر سيغلق جميع المنافذ أمام مساعي النظام التركي لتنفيذ أجندته التخريبية في ليبيا وقطع الطريق على أنشطة الدوحة الداعمة لجماعات الإسلام السياسي.

يشار إلى أنه تم التوصل إلى الاتفاق السياسي في مدينة الصخيرات المغربية في عام 2015 برعاية الأمم المتحدة وشمل أطراف الصراع في ليبيا، لإنهاء الحرب الأهلية الليبية الثانية التي اندلعت 2014.

ويخوض الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر حربا شرسة ضد التنظيمات الإرهابية وميليشيات حكومة الوفاق التي تسيطر على العاصمة الليبية طرابلس.

وشكلت جماعات الإسلام السياسي قاعدة للتدخل التركي والقطري في ملف الأزمة الليبية على مرأى المجتمع الدولي.

وتعتمد الميليشيات، الموالية لحكومة طرابلس، على إمدادات النظام التركي بالمرتزقة والأموال والأسلحة، التي اشتملت على طائرات مسيرة أسقط الجيش الوطني الليبي العديد منها.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اعترف بإرسال مرتزقة وقوات إلى ليبيا، ليؤكد على دور أنقرة في دعم الإرهاب وإطالة أمد الأزمة في ليبيا.

في مواجهة مخطط التقسيم

وجد المشير خليفة حفتر نفسه في موقف يحتّم عليه المبادرة لإنقاذ وحدة الأراضي الليبية من المخططات التي يكيدها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالتحالف مع الجماعات التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين لليبيا، والتي تستهدف تقسيمها وفقاً لمصالحها، بحيث تضمن سيطرتها على طرابلس، والمواقع النفطية في البلاد، ناهيك عن تفتيت النسيج الاجتماعي، وممارسة سياسة فرّق تسد بحقّ الليبيين.

وتعزز التصريحات المتتالية لوزير الداخلية في حكومة الوفاق المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين فتحي باشاغا بشأن عدم اهتمامهم باستعادة المنطقة الشرقية (إقليم برقة) الواقعة تحت سيطرة الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر، الاتهامات التي توجه للإسلاميين منذ 2011 بالدفع نحو تقسيم البلاد أو إرساء نظام فيدرالي.

وقال باشاغا، الأربعاء: إن استراتيجية حكومة الوفاق بوجه عام هي استعادة السيطرة على غرب ليبيا. وأضاف أنه لا يوجد حل عسكري ممكن للصراع، لكن لا يمكن أيضا التفاوض مع حفتر.

ويخوض الجيش الليبي منذ أكثر من سنة معركة للسيطرة على طرابلس، وهو ما ينظر إليه على أنه حل وحيد لاستعادة ليبيا القوية الموحدة. واضطر الجيش إلى إطلاق هذه المعركة لإحباط مخطط كان يجهزه الإخوان بالتواطؤ مع داعميهم الدوليين لتمريره خلال مؤتمر غدامس الذي ألغي بسبب نشوب المعركة.

ويشكل حفتر مصدر إزعاج للإخوان حيث يرفض فكرة التقسيم أو الفيدرالية وهو ما يتضارب مع مطالب عدد كبير من سكان برقة الذين يطالبون بالفيدرالية ويشتكون من التهميش والتوزيع غير العادل للثروة منذ عهد العقيد الراحل معمر القذافي.

وعمل الإخوان منذ سيطرتهم على ليبيا في نهاية 2011 على إذكاء الصراعات القبلية والجهوية الدفينة حيث حرّضوا في البداية، من خلال سيطرتهم على المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، مدينة مصراتة على مهاجمة مدينة بني وليد وإن بدا الهجوم في الظاهر مرتبطا بوجود مؤيدين للقذافي في المدينة.

وشرعت تركيا، بالتعاون مع الإخوان منذ 2011، في ضرب النسيج الاجتماعي الليبي من خلال إثارة النعرات العرقية في مدينة مصراتة التي ظهرت فيها جمعيات تستحضر الموروث العثماني، من بينها جمعية الكراغلة التي يرأسها زكريا زوبي الذي تربطه علاقات وثيقة بأنقرة.

مرتزقة سوريا

وتحاول تركيا تحقيق الانتصارات على أرض في ليبيا عبر استخدام إرسال المرتزقة من الفصائل السورية الموالية.

وحسب المرصد السوري، فقد أبلغت الاستخبارات التركية مُقاتلي الفصائل السورية التابعة لها أنها تريد الحسم في ليبيا على حساب الجيش الوطني الليبي خلال الأسابيع القادمة من أجل مساعدة ميليشيات حكومة الوفاق وإحراز المزيد من التقدم. وفتحت تركيا جسراً جوياً آخر للمجموعات الجهادية السورية وغير السورية، والتي لا تنضوي تحت إطار الجيش الوطني السوري، للقتال في ليبيا.

وتواصل تركيا تجنيد المقاتلين السوريين وإرسالهم عبر مطاري غازي عنتاب وإسطنبول إلى ليبيا، وهناك لوائح لأكثر من 2500 مقاتل من جيش الشرقية وأحرار الشرقية والسلطان مراد يستعدون للالتحاق بأكثر من 7500 عنصر باتوا منذ أشهر في ليبيا.

وفي ظلّ تقارير إعلامية وسياسية دولية أكدت تسهيل أنقرة انتقال الدواعش ونظرائهم من الإرهابيين والمُتطرفين في سوريا نحو ليبيا، حذّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مقال نشر في مجلة “بوليتيكو” مؤخرا من أن المنظمات “الإرهابية” ستجد موطئ قدم لها في أوروبا إذا سقطت حكومة الوفاق الوطني الليبية التي يدعمها.

وهو ما يعني أن أردوغان يستغل أزمة المقاتلين الأجانب، ويلقي بهم في ليبيا على حدود أوروبا؛ لتكون ورقة ضغط على الأوروبيين.

العثمانيون الجدد

أدّى المنعطف الاستبدادي الذي سلكته تركيا في السنوات الأخيرة تحت حكم حزب العدالة والتنمية الإسلامي، والذي اتخذ من حزب الحركة القومية اليميني حليفاً له، إلى تصاعد أيديولوجيات الإسلاموية والتتريك تحت راية الهوية العثمانية البائدة.

وبعد الفشل الذريع لتيار الإسلام السياسي، التركي القطري، في أعقاب ما أطلق عليه “ثورات الربيع العربي”، يبدو أنّ تركيا ردّت عبر توسيع تواجدها العسكري في عدد من الدول العربية كسوريا وليبيا والصومال، في محاولة جديدة لاستعادة جذورها العثمانية.

وحسب تقرير أحوال تركية، فقد سبق أن صرّح أردوغان أن بلاده مطالبة بمساعدة مليون شخص في ليبيا من أصول تركية، في إشارة لعشيرة الكراغلة (أتراك كول أوغلو)، حيث يتم السعي لتشجيع الولاء للهوية التركية، وإزالة الإساءات المتعلقة بالعثمانيين من المناهج التعليمية، وافتتاح دورات لتعليم اللغة التركية، وإنشاء محطة إذاعية للأتراك الليبيين، فضلاً عن ترميم الآثار العثمانية في ليبيا، وبناء مسجد مماثل لمسجد السلطان أحمد.

ربما يعجبك أيضا