العداوان على غزة.. حرب طويلة بلا أفق مستقبلي

الانتقام الأعمى.. المحرك الأكبر للاحتلال في تعامله مع غزة

محمد النحاس
إنفوجراف| هدنة إنسانية لـ4 ساعات يوميًا في غزة

هل نحن أمام صراع بلا أفق؟


في عدوانه على غزة، يسعى جيش الاحتلال الإسرائيلي لتدمير البنية التحتية للقطاع في عمليات انتقامية، دون أفق مستقبلي أو إجابة لسؤال ماذا بعد؟ 

وحسب تحليل نشرته مجلة ريسبنسبول ستيتكرافت، فمن اللافت غياب التصور المستقبلي لدى الإسرائيليين، في ضوء حجم الهجوم العسكري والخسائر التي أحدثها، مع تجاوز تعداد الشهداء من الفلسطينيين أكثر 10 آلاف.

دعم أمريكي

حسب تحليل المجلة الأمريكية، يبدو أن إدارة بايدن أنفقت كل وقتها وصبت اهتمامها على هذه الأزمة، في محاولة إظهار الدعم لإسرائيل أولًا، لكنها لم تقل سوى القليل عن المرحلة المقبلة، بعد سفك كل تلك الدماء في غزة.

ووضعت واشنطن مجموعة معايير لغزة ما بعد الحرب، بما في ذلك عدم الحصار وعدم إعادة الاحتلال، وعدم تقليص الأراضي الفلسطينية، وعدم استخدامها كقاعدة للإرهاب.. وحسب التحليل، فإن هذه المعايير “معقولة”، لكنها تركت أسئلة أساسية دون إجابة بشأم من يحكم قطاع غزة بالضبط وكيف؟

فرق تسد

حسب التحليل، من المشكوك فيه ما إذا كانت السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس قد ترغب في تحمل مسؤولية إدارة القطاع، خصوصًا أن الفوضى والدمار، الذي أعقب الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، من شأنه أن يشكل تحديًّا هائلًا لأي هيئة حاكمة.

علاوة على ذلك، سعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لمنع أي زعيم أو هيئة من التحدث باسم الفلسطينيين في كل من غزة والضفة الغربية، وذهب نتنياهو إلى أبعد من ذلك في الماضي، حين حوّل الأموال إلى حماس، كونها منافسًا للسلطة، وحجب عائدات الضرائب عن رام الله. ويصف التحليل هذه المساعي بـ “تكتيكات فرق تسد”، التي عززت عدم إقامة دولة فلسطينية.

رغبة في الانتقام

لم يكن نتنياهو أكثر تحديدًا من بلينكن بشأن ترتيبات ما بعد الحرب في غزة، وقال إن إسرائيل قد تحتفظ بـ “المسؤولية الأمنية” عن قطاع غزة لفترة غير محددة، ورأى التحليل أن غياب خطة عملية ومحددة لمرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة أمر مستغرب، واستهجن “الهجوم المستمر” على غزة، الذي بات “مسألة غضب وانتقام”.

وأشار التقرير إلى تصريح الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوج: “لا يوجد مدنيين أبرياء في غزة”، وأن الأمة الفلسطينية بأكملها “مسؤولة” عما حدث في 7 أكتوبر، معتبرًا أن هذا يعكس مدى الغضب الهائل والكراهية التي تحرك السياسات الإسرائيلية، وهي بيئة ليست مناسبة للتخطيط الدقيق.

ويرى الباحث في الشأن الدولي، أحمد طارق حسب ما صرح به لشبكة رؤية الإخبارية، أن “المعارك لا يمكن أن تربح جوًا.. وكل ما نشاهده من مقاطع فيديو للقوات الإسرائيلية، ليست سوى ضربات على المدنيين العزل وليست بالإنجاز الحقيقي على أرض المعركة، بعكس المشاهد التي تعرضها الفصائل الفلسطينية المقاتلة بشكل شبه يومي لضربات مباشرة”. 

حقوق الفلسطينيين

يزعم الإسرائيليون أن قصفهم، الذي يصل أحيانًا إلى 300 أو 400 طلعة جوية في اليوم، موجه بعناية نحو ما يصفونه “أهدافًا إرهابية” بدلاً من المدنييين الفلسطينيين، ويشكك التحليل في هذه المزاعم، نظرًا لاتساع نطاق وحجم الدمار، وكذلك فإن تصريحات مثل حديث هرتسوغ، تكشف عن أن العملية كانت عقابًا جماعيًّا للشعب الفلسطيني.

وبدأت المناقشات في واشنطن وأماكن أخرى بشأن إمكانية وجود إدارة دولية في غزة، بعد الحرب، لكن أي ترتيبات من هذا القبيل لن تعالج إلا على المدى القصير، وستتضمن توافر خدمات محدودة، وحتى التواجد الدولي للأغراض الخاصة قد يكون من الصعب ترتيبه.

ومع إعلان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، مقتل 92 شخصًا يعملون من وكالة الأونروا من جراء الهجمات الإسرائيلية في قطاع غزة، فإن أي تردد بشأن توسيع دور الأمم المتحدة هناك سيكون مفهومًا.

ومهما حاولت إسرائيل جاهدة “تدمير حماس”، فإن الإسرائيليين لن يكونوا بمأمن من العنف المرتبط بغزة، إلى أن تقر تل أبيب بأحقية الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ورغم إدانة التحليل لهجمات 7 أكتوبر، فإنه يرى أن هذا الهجوم لم يأت من فراغ، بل كان تجليًا عنيفًا للغضب المرتبط بعقود من الاحتلال والحصار والتحكم في مصير الشعب الفلسطيني.

ربما يعجبك أيضا