العربيزي.. ظاهرة استهتار وتشويه للغة الضاد في الأردن

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق

 عمّان – في بداية العام 2018، انطلقت في العاصمة الأردنية عمّان، إذاعة تتحدث باللغة العربية السليمة وتبث برامجها بلغة فصيحة، في مساع للارتقاء بالذوق العام والحفاظ على جمالية لغة الضد من تشوهات “ظاهرة العربيزي”.

واعتبرت الإذاعة التي أطلقها مجمع اللغة العربية، أول إذاعة تعمل بهذا النحو، وسط مد إذاعي ينشط في المملكة، يجمع أهل اللغة على أنها تعزز عقدة النقص في استخدامات اللغة السليمة.

وفي المجمع الذي مر على تأسيسه أكثر من 40 سنة، كانت الحاجة ملحة لتأسيس لجنة للدفاع عن اللغة العربية، أمام حالة الانكفاء العام لاستخدامات مفردات اللغة في الحياة العامة والعلمية، وانتشار ظاهرة ما يطلق عليه “العربيزي”.

ويؤكد الباحث والتربوي حسني عايش، أن “اللغة العربية ليست علمية بالمقدار أو المرونة العلمية التي تتمتع بها اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية لأن المجتمع العربي غير منتج علميا وتكنولوجيا”.

وبحسبه فإن “أي لغة في العالم تأخذ شكل أهلها من التقدم أو التراجع وتمثل مرآة تعكس حالتها”.

وبسبب حالة الانكفاء عن اللغة العربية، استحدثت الحكومة الأردنية قبل نحو عامين، امتحان الكفاية في اللغة العربية، وذلك لحماية لغة الضاد من المفردات الدخيلة.

وعُمم إجراء الامتحان على جميع المتقدمين للتعيين بوظيفة معلم في التعليم العام أو عضو هيئة تدريس في التعليم العالي أو مذيع أو معد أو محرر في أي مؤسسة إعلامية.

واشترط القرار الحكومي، قرار التعيين اجتياز امتحان الكفاية.

العربية الهجينة

وفي الأردن شأنها شأن العديد من البلدان العربية، وضعت شريحة واسعة من المجتمع نفسها في ظل لغة “هجينة” دمجت مفردات اللغة الأصيلة أو العامة بمفردات أجنبية، الأمر الذي يتهدد أصالة روح الضاد واستمراريتها.

وزاد استخدام هذه اللغة، مع التطور التكنولوجي الكبير وسرعة التواصل، فوجد العديد من الشباب أنفسهم أمام لغة تخاطب مجبولة بـ”الطغيان” على اللغة.

ويقول أنصارها إنهم وجدوا في هذه اللغة الهجينة أسلوب تخاطب منحهم قدرة أكبر في التعبير عن آرائهم، في حين يحذر مختصون من استمرار هذه الحالة.

ويرى أستاذ علم اللغة العربية هيثم سرحان، أن نشاط اللغة الهجينة على حساب اللغة الأصيلة للشباب العربي، مرده ضعف ثقة هذه الشريحة بلغتهم وغيرتهم بما حققته اللغات الأخرى سيما الإنجليزية من مكتسبات على أرض الواقع.

ويحذر سرحان من أن استمرار إهمال اللغة الفصيحة والتوسع في اللغة الهجينة سيفضي لنتائج كارثية مستقبلًا وينتج أجيال فاقدة لهويتها العربية”.

أما أستاذ علم الاجتماع محمد الجريبيع، فيرى أن لجوء فئات معينة داخل المجتمع الأردني لاستخدام اللغة الهجينة “العربيزي” يدلل على الحداثة التي قسمت فئات المجتمع إلى فئات طبقية.

ومن وجهة نظره، فإن الفئات التي تستخدم هذه اللغة، تجد فيها وسلة لإبراز أنفسهم ومنحها دلالة اجتماعية متقدمة، مشيرًا إلى أن ما وصلت إليه لغة الضاد ما هو إلا “نتاج سياسات تربوية وحكومية ممنهجة على مدى سنوات طويلة”.

الإعلان التجاري .. استهتار باللغة 

في شوراع الأردن وأسواقه التجارية، لا تخفى شواهد امتهان اللغة العربية، إذ تمتلئ الإعلانات التجارية والشواخص أمام المحلات التجارية بالأخطاء اللغوية والنحوية وحتى الإملائية البسيطة منها.

ولا تخضع هذه الإعلانات لأي معايير تدقيق قبل الموافقة على نشرها أمام المارة، فيما يحارب مجمع اللغة العربية من أجل وقف هذه الظاهرة، ويطالب بضرورة معاقبة أي شخص أو شركة تخالف قواعد اللغة العربية من قبل الجهات المختصة.

ويؤكد مختصون أن “الاستهتار” باللغة السليمة في الإعلانات التجارية، يسبب تشوهات لدى صغار السن في فهمهم لغتهم وتشكيل جيل غير قادر على التمييز بين السليم منها والهجين.

وينادي هؤلاء، بضرورة احترام اللغة العربية الفصيحة وتوثيق مصطلحات المحلات التجارية، إضافة لاستشارة أهل الاختصاص باللغة قبل منح التراخيص لنشر الإعلانات.

ربما يعجبك أيضا