«العقل المدبر» لهجوم أوكرانيا على كورسك الروسية.. من هو؟

محمد النحاس
قائد الجيش الأوكراني، أوليكساندر سيرسكي

الجنرال أوليكساندر سيرسكي، قائد أركان الجيش الأوكراني، هو العقل المدبر وراء أبرز العمليات العسكرية التي واجهت القوات الروسية، حيث قاد بمهارة هجومًا استراتيجيًا على كورسك، ما أظهر قدرة القيادة الأوكرانية على تنفيذ عمليات معقدة وسط ظروف غاية في الصعوبة.. فماذ نعرف عن القائد الأوكراني الذي يحاول تغيير قواعد الاشتباك؟


في عملية مفاجئة أذهلت الجميع، بما في ذلك قواته، أعدّ الجنرال أولكسندر سيرسكي، قائد الجيش الأوكراني، خطة جريئة لتغيير مسار الحرب مع روسيا.

 في أواخر يوليو، اجتمع سيرسكي مع كبار الضباط في اجتماع سري، وكشف عن خطة لاختراق الحدود الروسية وشن أول توغل كبير على الأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية.

الهجوم على كورسك

انطلقت العملية في 6 أغسطس 2024، حيث اجتاحت القوات الأوكرانية دفاعات الحدود الروسية الضعيفة في منطقة كورسك، وسيطرت بسرعة على حوالي 100 بلدة وقرية. 

هذا التوغل، أحرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورفع معنويات الأوكرانيين، وأثبت للولايات المتحدة وحلفائها أن أوكرانيا ما زالت قادرة على القتال، بحسب تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، السبت 31 أغسطس 2024. 

العقل المدبر وتحديات معقدة

الجنرال أوليكساندر سيرسكي هو قائد عسكري أوكراني بارز، شغل سابقاً منصب قائد القوات البرية الأوكرانية. ومنذ توليه القيادة في فبراير الماضي، واجه الجنرال، البالغ من العمر 59 عامًا، ذو التاريخ العسكري الحافل، تحديات كبيرة، مثل الصعوبات الميدانية والتعقيدات اللوجيستية وعدم شعبيته داخل الجيش الأوكراني.

كقائدً لأركان الجيش الأوكراني فهذا يعني أنه المسؤول الأعلى عن التخطيط العسكري والإشراف على العمليات العسكرية الرئيسية في أوكرانيا. ومما زاد من الصعوبات، أنه تولى المسؤولية بعد الجنرال فاليري زالوجني، الذي كان يحظى بشعبية كبيرة. ورغم الانتقادات التي وُجهت إليه بسبب الخسائر الفادحة في الدفاع عن مدينة باخموت، إلا أن عملية كورسك  أعادت له الثناء والتقدير.

محطات رئيسية

ولد سيرسكي في 1966، وقد انخرط في الخدمة العسكرية منذ أوائل التسعينات. وتخرج من أكاديمية الدفاع الأوكرانية، ومن ثم ارتقى في المناصب العسكرية بفضل خبرته الواسعة وتفوقه في التخطيط الاستراتيجي.

قبل توليه قيادة القوات البرية، كان سيرسكي قائد العمليات العسكرية في منطقة دونباس الشرقية، حيث قاد قواته بفعالية ضد الانفصاليين المدعومين من روسيا. وهو معروف بقدرته على توجيه العمليات العسكرية المعقدة والتخطيط الاستراتيجي الفعال.  واليوم، يُعتبر سيرسكي شخصية محورية في الجيش الأوكراني، وله تأثير كبير على مسار الصراع مع روسيا وتطوير استراتيجيات الدفاع الوطنية.

عملية كورسك ودور محوري 

أظهرت عملية كورسك قدرة سيرسكي على اتخاذ خطوات غير تقليدية ومباغتة للروس، مستخدمًا وحدات مختارة بعناية وذات خبرة قتالية. وفي عملية كورسك، اخترقت القوات الأوكرانية الدفاعات الروسية، مستغلةً نقاط الضعف، وقامت بقطع خطوط الإمداد الروسية، مما أدى إلى محاصرة الآلاف من الجنود الروس. 

ولكن النجاح النهائي لهذه العملية سيتحدد بما إذا كانت ستحقق مكاسب دائمة على الأرض أو إذا كانت ستؤدي إلى خسائر أكبر. كما أن هذا النجاح يمكن أن يحقق لأوكرانيا مكاسب سياسية ودبلوماسية، مما قد يؤدي إلى دعم عسكري أكبر من الولايات المتحدة وحلفائها.

ما الهدف؟

رغم أن البعض انتقد قرار سيرسكي بتخصيص موارد إضافية لجبهة جديدة بينما تتعرض الدفاعات الأوكرانية في الشرق لضغوط، إلا أن آخرين يرون أن أوكرانيا كانت بحاجة إلى هذه الخطوة الجريئة لتغيير ديناميكية الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.

وهذه العملية ليست مجرد مقامرة عسكرية، بل هي جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز موقف أوكرانيا في ساحة المعركة وعلى طاولة المفاوضات. كما أن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي يخطط لزيارة الولايات المتحدة في سبتمبر 2024، لعرض خطة سلام، مستفيدًا من الزخم الإيجابي الذي حققته هذه العملية.

ورغم التحديات التي تواجهها أوكرانيا، إلا أن الجنرال سيرسكي أظهر أنه قادرًا على تحويل مجرى الحرب، كما يلفت تقرير وول ستريت جورنال؛ وذلك بفضل تكتيكاته المبتكرة وقدرته على اتخاذ القرارات الجريئة في أوقات الأزمات.

ربما يعجبك أيضا