العقوبات تعيق الإغاثة.. هل يتصدع جدار «قانون قيصر» أمام زلزال سوريا؟

إسراء عبدالمطلب
مطالب رفع العقوبات عن سوريا بعد الزلزال

محلل سياسي: الزلزال أظهر كيف تلعب السياسة دوراً على حساب أرواح السوريين.


ترك الزلزال، الذي ضرب تركيا وسوريا، تأثيرات مختلفة في كلا البلدين، في ظل معوقات تعرقل استفادة مناطق الشمال السوري من جهود الإغاثة.

وترزخ حكومة دمشق تحت وطأة عقوبات غربية مستمرة من 12 عامًا، جعلت البنية التحتية أضعف في مواجهة الزلزال، وفرضت واقعًا مأساويًّا، في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة والمعارضة، على حد سواء، وتعالت معه الدعوات لرفع تلك العقوبات. 

زلزال سوريا و تركيا

قانون قيصر- زلزال سوريا و تركيا

العقوبات الدولية تعيق وصول المساعدات

منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية في العام 2011، فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة العقوبات على سوريا وحكومتها، التي أنهكت الاقتصاد المتهالك بالفعل، وشملت حظر بيع النفط وفرض القيود على الاستثمارات، وتجميد أصول البنك المركزي، وتقييد استيراد المعدات والتقنيات ومراقبة الاتصالات.

وحسب ما أورده موقع فرانس 24، لم تتوقف العقوبات عند سوريا، بل طالت أي دولة تتعاطى مع نظامها، وفي 2017، فرض الغرب حظر السفر على الخدمات المالية ضد 270 موظفًا حكوميًّا سوريًّ، وفي 2019، فرضت الولايات المتحدة قانون قيصر، الذي جاء لتشديد الخناق على النظام السوري، والمتعاونين مع في إيران وروسيا، وكان السوريون أولى ضحاياه.

قانون يعاقب السوريين

تطال عقوبات قانون قيصر، الذي دخل حيز التنفيذ في يونيو 2020، كل شخص أجنبي يتعامل مع الحكومة السورية أوحتى الكيانات الروسية والإيرانية في سوريا، ويشمل مجالات عدة من البناء إلى النفط والغاز، وينص على اتخاذ إجراءات خاصة بحق المصرف المركزي السوري.

وحذر الباحث بوحدة ذي إيكونوميست البريطانية، إدوارد دينيرت، من أنه من دون استثمارات ودعم خارجي، نتيجة لفرض هذا القانون ستعاني دمشق لإطلاق إعادة الإعمار، مشددًا على ضرورة أن توضح الولايات المتحدة أين وإلى أي حدّ سيتم تطبيق العقوبات، لأن قطاعات العقارات والإعمار والطاقة والبنى التحتية في سوريا، ستتأثر بنحو خاص.

سوريا تستغيث

طالب الهلال الأحمر السوري، الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات عن البلاد، وتقديم مساعدات في أعقاب الزلزال المدمر، وقال رئيس المنظمة، خالد حبوباتي، خلال مؤتمر صحفي عقده في دمشق، أمس الثلاثاء: “آن الآوان بعد هذا الزلزال”، مضيفًا “رجاء أوقفوا وارفعوا العقوبات الاقتصادية”. 

وأوضح حبوباتي أن عمليات الإنقاذ صعبة، ولا يوجد وقود حتى لإرسال القوافل، لافتًا إلى نقص الآليات الخاصة بالإنقاذ تحت الأنقاض، وأن العقوبات تشكل العائق الأساسي لوصول هذه الآليات، قائلًا: “نريد الحصول على المعدات وسيارات الإسعاف اللازمة لمساعدة متضرري الزلزال، والعقوبات تمنع حصولنا على هذه المعدات”، وفق ما أورده موقع سويس إنفو.

الهلال الأحمر السوري يناشد المجتمع الدولي رفع العقوبات عن سوريا

الهلال الأحمر السوري يناشد المجتمع الدولي رفع العقوبات عن سوريا

الهلال الأحمر يطالب برفع العقوبات

أضاف حبوباتي: “نتعاون بقدر الاستطاعة، ومتطوعونا تواجدوا مباشرة بعد الزلزال، لكن لا يوجد لدينا إمكانيات كافية لمساعدة المناطق المتضررة من الزلزال”، منوهًا بأن الهلال الأحمر لا دخل له بالسياسة، وأنه منظمة إنسانية وتطوعية وأنهم مستعدون للتعاون وإيصال المعونات لمستحقيها بأمان وثقة كاملة.

وشدد المسؤول السوري على أن الكارثة كبيرة والعقوبات الاقتصادية تؤثر في الوضع الإنساني، وبلاده بحاجة ماسة إلى مساعدة كل الدول في هذه المحنة، مضيفًا أن الهلال الأحمر الكويتي كان أول المتبرعين لمساعدة المتضررين من الزلزال، وتواصل مع الهلال الأحمر الإماراتي ووصلت طائرة مساعدات من الهلال الأحمر العراقي، وتصل مساعدات من الهلال الأحمر الجزائري.

تلبية النداء السوري

تأتي دعوة حبوباتي غداة مناشدة وزارة الخارجية السورية، في بيان، الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها والمنظمات الدولية “مدّ يد العون” لدعم جهود سلطات دمشق، في مواجهة تداعيات الزلزال المدمر. وأعرب الوزير فيصل المقداد عن استعداد حكومة بلاده لتقديم كل التسهيلات المطلوبة للمنظمات الأممية، في سبيل تقديم المساعدات الإنسانية.

وقال خبير العلاقات الدولية، حامد فارس، في تصريحات لشبكة رؤية الإخبارية، إن قانون قيصر لا بد ألا يطبق في ظل هذه الأوضاع المأساوية الحالية، ويجب أن ترفع هذه العقوبات، حتى ولو كان هذا الرفع جزئيًّا، نتيجة هذا الزلزال المدمر.

وتوقع فارس أن تراعي الإدارة الأمريكية البعد الإنساني في عدم تطبيق القانون على الدول التي تتعاون مع الحكومة السورية، حاليًّا، من أجل رفع المعاناة عن الشعب، مشيرًا إلى أن رفع العقوبات أو تحجيمها مؤقتًا قد يكون خطوة مهمة لرفعه نهائيًّا من على كاهل الشعب السوري.

تلاعب سياسي بأرواح السوريين

قال المحلل السياسي السوري المقيم بموسكو، بسام البني، لـ”رؤية” إن الزلزال أظهر كيف تلعب السياسة دوراً على حساب أرواح الناس، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تريد تقديم المساعدات عبر قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، لكنها ستواجه صعوبة في إيصالها إلى مناطق أخرى، لأن النظام السوري لا يسمح لها بالمرور ولا الحركة هناك.

الكاتب بسام البني

الكاتب بسام البني

وأضاف أن الدول الغربية تريد مساعدة المناطق المنكوبة في الأجزاء التابعة للمعارضة فقط، ما ترفضه حكومة دمشق وتراه انتهاكًا لسيادتها، واستغلالًا سياسيًّا للأزمة لإجبارها على فتح المعابر وإخضاعها بحجة إدخال المساعدات، مشيرًا إلى وجود مساعٍ لإقناع روسيا بالضغط على النظام السوري للسماح بمرور المساعدات، وتقاسمها مع المناطق المنكوبة الخاضعة لسيطرة الحكومة والمعارضة.

ربما يعجبك أيضا