العقوبات على روسيا.. هل أدت إلى نتيجة عكسية؟

محمد النحاس
أسلحة الغرب في الحرب الروسية الأوكرانية

دول مثل الصين والهند وتركيا زادت من تجارتها مع روسيا، ما قلل من تأثير العقوبات على الاقتصاد الروسي، ورغم النجاح النسبي، يظل التساؤل حول مدى فعالية العقوبات في تحقيق الأهداف السياسية حاضرًا.


في 26 و27 سبتمبر 2024، استضافت كلية فليتشر بجامعة تافتس بالولايات المتحدة ورشة عمل حول “التداعيات العالمية للحرب الاقتصادية بين روسيا والغرب”.

وشارك في الورشة نحو عشرين خبيرًا من الأكاديميين والممارسين، لمناقشة تأثير العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا بعد الحرب، وقد عكس النقاش كيفية فشل العقوبات الغربية في تحقيق أهدافها.. فكيف حدث ذلك؟، بحسب مجلة “ريسبنسبول ستيت كرافت” الأمريكية في 10 أكتوبر 2024، 

عدم وضوح الأهداف 

لم تتوصل الورشة إلى إجابة حاسمة حول ما إذا كانت العقوبات فعالة أم لا، ولا حول ما إذا كان يجب إنهاؤها أو استمرارها أو تصعيدها، أحد الأسباب الرئيسية هو عدم وضوح قادة الغرب في تحديد أهداف العقوبات، والتي تغيرت على مدار الوقت.  

وفي البداية، كان الهدف هو ردع روسيا عن بدء الحرب مع أوكرانيا، وهو ما لم يحدث، وبعد ذلك، تحولت الأهداف إلى دفع الاقتصاد الروسي إلى الانهيار، وإحداث اضطرابات مالية داخلية تؤدي إلى إسقاط النظام الروسي، وهو ما لم يتحقق أيضًا بسبب التدابير التي اتخذها البنك المركزي الروسي.

التكيف الروسي مع العقوبات

 أشار المسؤول سابق بوزارة الخزانة الأمريكية، إدوارد فيشمان، إلى أن الهدف كان خلق فوضى اقتصادية داخلية، لكن الغرب قلل من مهارة المسؤولين الروس في إدارة الأزمات الاقتصادية، والذين استعدوا بشكل جيد منذ فرض العقوبات بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014.

ومن ناحية أخرى، أوضح ماكسيميليان هيس، مؤلف كتاب “الحرب الاقتصادية: أوكرانيا والصراع العالمي بين روسيا والغرب”، أن روسيا كانت تستعد للحرب الاقتصادية منذ فرض قانون ماجنيتسكي (وهو قانون أقره الكونجرس الأمريكي وصادقَ عليه الرئيس السابق باراك أوباما في ديسمبر 2012، وينصُ القانون على مُعاقبة الشخصيات الروسية المسؤولة عن وفاة محاسب الضرائب سيرجي ماجغنيتسكي في سجنه في موسكو عام 2009)

تأثير العقوبات

العقوبات نجحت جزئيًا بفضل التضامن بين الأوروبيين والأمريكيين، خصوصًا في قطاع الطاقة الذي يعتمد عليه الاقتصاد الروسي بشكل كبير، وفق الورشة.

ولكن دولًا مثل الصين والهند وتركيا زادت من تجارتها مع روسيا، ما قلل من تأثير العقوبات على الاقتصاد الروسي، ورغم النجاح النسبي، يظل التساؤل حول مدى فعالية العقوبات في تحقيق الأهداف السياسية حاضرًا.

الضغوط على الغرب

ورغم أن العقوبات أثرت على روسيا، فإنها تسببت أيضًا في ضغوط كبيرة على الدول الغربية. ألمانيا، على سبيل المثال، شهدت ارتفاعًا في أسعار الغاز الطبيعي بنسبة 400% في عام 2022.

 وأشار كريج كينيدي من جامعة هارفارد إلى أن العقوبات يمكن أن تكون أحيانًا لعبة “خاسرة للجميع”.

تأثيرات غير مقصودة

من الآثار غير المتوقعة للعقوبات ظهور “أسطول الظل” من ناقلات النفط غير المُؤمن عليها، التي تنقل النفط الروسي إلى الصين والهند.

في المقابل أدت الحرب إلى “توحيد الغرب”، ودفع دولًا مثل السويد وفنلندا للانضمام إلى (حلف شمال الأطلسي) الناتو، وهو ما يعكس تحولًا استراتيجيًا كبيرًا في المنطقة.

وإجمالاً، على الرغم من التحديات والقيود، تظل العقوبات أداة فعالة في تضييق فرص النمو الاقتصادي على المدى الطويل لروسيا، خاصة في مجال استثمارات التكنولوجيا والنفط. ورغم أن العقوبات لم تؤدِ إلى انهيار الاقتصاد الروسي، إلا أن بوتين يبدو مستعدًا لدفع هذا الثمن من أجل مواصلة الحرب.

ربما يعجبك أيضا