العلاقات الإماراتية الصينية.. شراكة استراتيجية وطموحات مشتركة

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

علاقات متينة تجمع دولة الإمارات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية تعود جذورها لحقبة الثمانينات، واتسعت لتشمل تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات اتسمت فيها العلاقات بطبيعة خاصة، شكلت من زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج التاريخية للإمارات أهمية خاصة في أولى زياراته الخارجية بعد إعادة انتخابه رئيسًا للصين.

تأتي الزيارة التاريخية للرئيس الصيني لتؤكد حرص كل من الإمارات والصين على تنمية وتعزيز التعاون بما يحقق المصالح المشتركة بين البلدين، حيث تتجه العلاقات الاستثمارية والتجارية بين الإمارات والصين نحو التوسع، مع تأسيس عدد من اللجان والصناديق الاستثمارية المشتركة.

زيارة تاريخية

تعد زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج -المرتقبة يوم الخميس المٌقبل للإمارات- حدثًا تاريخيًا مُهمًا، بالنسبة للعلاقات التي بدأت منذ نحو ثلاثة عقود شهدت خلالها نموًا مُطردًا وشراكة استراتيجية ، جعلت من الإمارات الوجهة الخارجية الأولى للرئيس الصيني بعد إعادة انتخابه.

تعد تلك الزيارة، ثاني زيارة يقوم بها رئيس صيني لدولة الإمارات، فالأولى كانت عام 1989 وقام بها الرئيس الأسبق يانج شانج كون، وبعد قرابة 30 عامًا تأتي زيارة الرئيس شي جين بينج لدعم وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين.

واحتفاءً بالزيارة، أعلنت دولة الإمارات عن إطلاق الأسبوع الإماراتي الصيني خلال الفترة من 17 وحتى 24 من الشهر الجاري، ومن المُقرر أن تحتفل به الإمارات بشكل سنوي على أن تتزامن الاحتفالات في العام المقبل مع احتفالات رأس السنة الصينية.

ومن المقٌرر أن تشهد زيارة الرئيس الصيني التي تستمر لمدة ثلاثة أيام، مجموعة من اللقاءات مع وفود عالية المستوى بهدف تعزيز العلاقات وزيادة حجم التبادل التجاري، وتأسيس مرحلة واعدة بين دولتين تلعبان دورًا محوريًا في استقرار المنطقة.

صداقة مُشتركة

تعود العلاقات الإماراتية الصينية لحقبة الثمانينات وتحديدًا في الأول من نوفمبر عام 1984،ليتم بعدها افتتاح السفارة الإماراتية في بكين عام 1987.

ومنذ ذلك الحين، توالت الزياراة الرسمية بين البلدين بدأت بزيارة الرئيس الصيني -آنذاك- يانج شانج كون إلى الإمارات خلال شهر ديسمبر عام 1989، توجت بعدها العلاقات بين البلدين خلال زيارة الرئيس الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى بكين في مايو 1990، على رأس وفد رسمي وكانت الزيارة الأولى من نوعها التي يقوم بها رئيس دولة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي إلى الصين.

وخلال عام 2008، قام الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بزيارة هامة إلى الصين التقى خلالها مع كبار المسؤولين الصينيين وعقد عدة اجتماعات هامة مع الفعاليات الاقتصادية في مدينتي بكين وشنجهاي.

وفي الأعوام 2009 و2012 و2015 قام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بزيارات متتالية للصين أسفرت عن الكثير من الاتفاقيات التي انعكست على العلاقات المشتركة بين البلدين.

شراكة اقتصادية

شهدت العلاقات الاقتصادية بين دولة الإمارات وجمهورية الصين الشعبية خلال السنوات الأخيرة تناميًا سريعًا، حيث تجاوز حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين الـ50 مليار دولار ، الأمر الذي جعل من الإمارات على مدى سنوات متتالية ثاني أكبر شريك تجاري للصين في العالم.

وعلى مدى تلك السنوات، أصبحت الإمارات الشريك الأكبر للصين في المنطقة العربية، حيث تستحوذ على 23% من حجم التجارة العربية مع الصين.

كما يوجد في الإمارات أكثر من 4 ألاف شركة صينية مُسجلة و200 ألف صيني مُقيم، فضلًا عن ارتفاع عدد السياح الصينيين إلى الإمارات إلى 880 ألف شخص  بنسبة تصل لـ 26% عام 2016 .

ويضاف إلى ذلك تمركز أكثر من 4 مصارف صينية في الإمارات، إلى جانب تسيير 100 رحلة جوية أسبوعية بين الإمارات والصين.
وتقديراً للعلاقات بين البلدين، قامت جمهورية الصين الشعبية بإعفاء مواطني دولة الإمارات من حملة جوازات السفر العادية من تأشيرة السفر المسبقة، وتم تطبيقه فعليًا ابتداءً من 16 من شهر يناير الماضي.

ومن المتوقع أن تشهد العلاقات التجارية بين البلدين نموًا قد يصل إلى 80 مليار دولار خلال العاملين المقبلين، بحسب تقديرات مركز التجارة الخارجية الصيني.

وإلى جانب الشراكة الاقتصادية والتجارية، هناك تعاون مشترك في العديد من المجالات، منها نقل التكنولوجيا والفضاء والذكاء الاصطناعي والمدن الذكية، إلى جانب الطب والسياحة العلاجية، وتوقعات بعقد اتفاقات بين البلدين فيما يتعلق بالتغير المناخي والأمن الغذائي.

وفيما يتعلق بالقضايا الإقليمية، فهناك تعاون مشترك بين البلدين خاصة في مكافحة الإرهاب والقضاء على الفقر ونشر السلام، فضلًا عن المحادثات الدائمة بين قيادات البلدين لتذليل المعوقات أمام الشعوب التي تواجه الأزمات.

ومن المُقرر أن تشهد زيارة الرئيس الصيني المُرتقبة للإمارا ت، توقيع عددًا من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والمشاريع المشتركة، والتي تصب جميعها في صالح تقوية أواصر العلاقات بين الإمارات والصين التي شهدت تناميًا سريعًا بدأت بـ60 مليون دولار في الثمانينات ووصلت في 2017 إلى  50 مليار دولار، أي أكثر من 800 ضعف تقريباً.

ربما يعجبك أيضا