مساعٍ تركية لتعميق العلاقات مع روسيا.. عنوانها «مير» و«الروبل»

ولاء عدلان

الرئيس التركي: لدينا خارطة طريق لتعزيز العلاقات الثنائية مع روسيا ستكون بمثابة مصدر قوة للبلدين من الناحية المالية.


أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يوم أمس السبت 6 أغسطس 2022، التوسع في استخدام نظام المدفوعات الروسي “مير”.

وكشف أردوغان، عقب لقاء مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، يوم الجمعة، في سوتشي، أن تركيا ستحول جزءًا من مدفوعاتها مقابل الغاز الروسي إلى الروبل، ضمن مساعيها لتعميق العلاقات مع روسيا.

5 بنوك تعتمد “مير”

قال أردوغان، في تصريحات صحفية في أثناء رحلة العودة من سوتشي، إن 5 بنوك تركية اعتمدت نظام بطاقات الدفع الروسي “مير“، في خطوة ستعزز التحويلات والتدفقات المالية بين البلدين، وتشكل مصدر ارتياح للسياح الروس والأتراك.

وأطلقت روسيا نظام “مير” رسميًّا في 2015، لتجنب العقوبات الغربية التي أعقبت ضم شبه جزيرة القرم قبل ذلك بعام تقريبًا، وحتى اللحظة لا يخضع للعقوبات الغربية، ويشكل نحو 30% من سوق البطاقات المصرفية داخل روسيا، في حين يستخدم في جميع أنحاء الاتحاد الروسي، ونحو 12 دولة أخرى، وفق “رويترز” و”روسيا اليوم”.

بداية احتضان تركيا لـ«مير»

في العام 2019، اعتمد “إيش بنك” بطاقات “مير”، ليصبح أول بنك تركي يستخدم هذا النظام الروسي في المدفوعات الإلكترونية، وفي يونيو الماضي، أعلن اتحاد السياحة الروسي أن جميع الفنادق في تركيا تقريبًا بدأت في قبول “مير” في معاملاتها المالية، وفق “روسيا اليوم” و”دوتشيه فيليه”.

ويبلغ معدل استخدام “مير” في تركيا حاليًّا نحو 15%، بحسب تصريح سابق لوزير المالية التركي، نور الدين النبطي، والعمل جارِ للتوسع في استخدامها رغم دعوات البنك المركزي الأوكراني لدول، من بينها تركيا، في يونيو لتعليق جميع معاملات “مير” التي ليس لدى الروس في الخارج خيارات دفع أخرى غيرها بسبب العقوبات الغربية.

5dde3c7885f540214b107bab 1

بطاقات مير الروسية

الروبل مقابل الغاز

أعلن الرئيس التركي أن بلاده ستحول جزءًا من مدفوعاتها مقابل الغاز الروسي بالروبل، ضمن خطتها لتعميق العلاقات مع روسيا، دون أن يذكر بالتفصيل النسبة المئوية لهذه المدفوعات. وتعارض تركيا الحرب الروسية الأوكرانية، إلا أنها لم تنضم إلى العقوبات الغربية.

وواصلت أنقرة استيراد الطاقة من موسكو، واستحوذت على 25% من وارداتها من النفط ونحو 45% من شحنات الغاز خلال 2021، وقالت الخبيرة الاقتصادية، جولدم أتاباي، لـ”دوتشيه فيليه” إن تركيا تحاول حماية نفسها فقط، فكما لا تستطيع ألمانيا حظر استيراد الغاز الروسي، الأمر نفسه بالنسبة لتركيا.

 خارطة طريق لتعزيز العلاقات

شدد البيان المشترك، الذي صدر عقب لقاء سوتشي، على رغبة متبادلة لدى روسيا وتركيا لتعزيز التعاون في قطاعات مثل النقل والطاقة والتجارة والسياحة، وأشاد بالدور الذي لعبته العلاقات بين البلدين في التوصل لاتفاق اسطنبول بشأن النقل الآمن للحبوب والمنتجات الغذائية من الموانئ الأوكرانية، وفق “نيو ترك بوست”، و”فرانس برس”.

وقال أردوغان للصحفيين: “لدينا خارطة طريق لتعزيز العلاقات الثنائية التي ستكون بمثابة مصدر قوة للبلدين من الناحية المالية”، مشيرا إلى أن بلاده تتطلع لزيادة التبادل التجاري مع روسيا إلى 100 مليار دولار سنويًا بعد أن قفز خلال الربع الأول من 2022 110% إلى 13.7 مليار دولار، وسجل خلال العام الماضي نحو 33 مليار دولار.

تركيا تسبح عكس التيار

تضع خطوات تركيا للتوسع في استخدام “مير” والروبل في مواجهة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، ولكنها في الوقت نفسه تريد الحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا، وسط تراجع الليرة بأكثر من 30% منذ بداية 2022، وتجاوز التضخم مستوى 78%.

وترغب أنقرة أيضًا في إعادة عائدات السياحة إلى مستويات ما قبل الوباء البالغة 35 مليار دولار، التي لا يمكن تحقيقها دون الروس، فخلال النصف الأول من 2022 شكل الروس ثاني أكبر عدد من الوافدين إلى تركيا، وفي العام الماضي شكلوا نحو 19% من إجمالي عدد السائحين.

العقوبات تعقد المشهد

اعتبر الخبير الاستراتيجي لإدارة الأصول في “بلوباي” بلندن، تيموثي آش، أن تركيا تخاطر بإثارة غضب حلفائها من الغرب بتعميق علاقاتها مع موسكو في هذا التوقيت، وقد تقع مؤسساتها في نهاية المطاف تحت وطأة عقوبات ثانوية.

Untitledسس

وتوقعت الخبيرة الاقتصادية، جولدم أتاباي، أن ينكمش الاقتصاد الروسي بنحو 10% هذا العام، بضغط من العقوبات الغربية التي شملت إغلاق المجال الجوي للاتحاد الأوروبي أمام الطائرات الروسية وفرض عقوبات على قطاعات النفط والغاز والشحن، واستبعاد البنوك الروسية الكبرى من نظام المدفوعات الدولي “سويفت”.

وفي الوقت الذي يمكن أن تساعد مدفوعات تركيا بالروبل روسيا على تجنب المدفوعات الدولارية الخاضعة للعقوبات، سيكون من الصعب أن تجني أنقرة المزيد من عائدات السياحة الوافدة من موسكو مع تراجع القوة الشرائية للسائح الروسي، وسط ارتفاع التضخم بنحو 11.2% منذ بداية 2022، واستمرار ضغوط العقوبات.

ربما يعجبك أيضا