العقوبات الغربية تحوِّل «انعدام الثقة» بين موسكو وطهران إلى شراكة

هالة عبدالرحمن

الروس والإيرانيون بحاجة لبعضهم البعض الآن، كونهما يخضعان لعقوبات شديدة، ويتطلعان لكسر العزلة السياسية المفروضة عليهما عالميًا.


أظهرت رحلة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتير، إلى إيران المزيد من يأسه وعزلته، منذ اشتعال الحرب الروسية الأوكرانية، ما اضطره إلى البحث عن شركاء في الشرق الأوسط.

ووفقًا لتقرير “سي إن بي سي” الأمريكي، في 19 يوليو 2022، فإن الرئيس الروسي، أراد أن يؤكد الوجود الروسي في الشرق الأوسط من خلال زيارة إيران، رغم العلاقات المشوبة بعدم الثقة والتوترات السياسية بينهما في السنوات الأخيرة، فما أهداف زيارة بوتين لطهران؟

بوتين يريد الخروج من عزلته

بوتين التقى الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، والمرشد الأعلى، علي خامنئي، وقال الرئيس الروسي: “نحن نعزز تعاوننا في مجال الأمن الدولي ونقدم مساهمة ملموسة في تسوية الصراع السوري”، ووفقًا للخبير بمعهد السلام الأمريكي، جون درينان، فإن رحلة بوتين تظهر “المزيد من اليأس”، موضحًا أن الهدف كان إجراء مناقشة مع إيران وتركيا حول عملية السلام في سوريا.

وتابع جون درينان، خلال مقابلة مع “سي إن بي سي”: “أعتقد أن الروس سيظهرون الاجتماع كدليل على أنهم ليسوا معزولين، وفي الواقع هم لا يزالون لاعبًا رئيسًا في الشرق الأوسط، لكنهم اضطروا إلى الذهاب إلى الإيرانيين للحصول على دعم عسكري، وهذا يوضح المزيد من يأس الروس”.

الروس يطلبون المساعدة من إيران

المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، قال لـ“سي إن إن”، في 20 يوليو الحالي، إن الرحلة “تظهر درجةً ما من عزلة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين وموسكو، من جراء الحرب التي يخوضها الروس في أوكرانيا” مردفًا: “عليهم الآن اللجوء إلى إيران طلبًا للمساعدة”.

وأشارت المعلومات الاستخباراتية الأمريكية، التي نشرتها “سي إن إن”، إلى أنه متوقع أن “تزود إيران روسيا بمئات الطائرات بدون طيار”، لاستخدامها في حرب أوكرانيا، وأن طهران تستعد لبدء تدريب القوات الروسية على كيفية تشغيلها في وقت مبكر، في أواخر يوليو، وفقًا لمسؤولي البيت الأبيض.

الطائرات المسيرة كلمة السر في زيارة بوتين

أفاد كيربي، أن “لجوء روسيا إلى إيران للحصول على المساعدة يعكس كثيرًا من الشعور بالعزلة المتزايدة للدولتين من المجتمع الدولي، بسبب أفعالهما في مناطق مختلفة من العالم”، وقال البيت الأبيض إن المسؤولين الروس يرغبون في الحصول على طائرات مسيرة إيرانية الصنع لاستخدامها في أوكرانيا.

وأوضح مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وليام بيرنز، في تصريحات بمنتدى آسبن الأمني نقلتها “سي إن بي سي”، أن اهتمام روسيا بالطائرات بدون طيار الإيرانية هو انعكاس “لأوجه القصور في صناعة الدفاع الروسية اليوم، والصعوبات التي تواجهها بعد خسائر كبيرة حتى الآن في الحرب ضد أوكرانيا وتجديدها، مخزونهم أيضًا”.

إيران وروسيا..  علاقات منعدمة الثقة

أضاف مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية: “الروس والإيرانيون كل منهما في حاجة إلى الآخر الآن، أكثر من أي وقت مضى، فكلا البلدين يخضع لعقوبات شديدة، فإيران تعاني مع الغرب وأمريكا بسبب ملفها النووي، وموسكو تخضع لعقوبات غربية تتزايد يومًا بعد الآخر، إثر حربها الدائرة ضد أوكرانيا، منذ فبراير الماضي وحتى الآن، ويتطلعان إلى كسر العزلة السياسية أيضًا”.

وقال بيرنز إن الدولتين كلتيهما تريد مساعدة الأخرى في تفادي العقوبات وإظهار أن لديهما خيارات، ولكن توجد حدود لتعاونهما، منوهًا بأن البلدين طهران وموسكو، لا يثق أحدهما بالآخر، لأن علاقاتهما متوترة منذ فترة بعيدة على المستوى السياسي، فضلًا عن أنهما يتنافسان أيضًا في مجال الطاقة.

التوترات بين إيران وروسيا

صرح مسؤول برامج روسيا وأوروبا التابعة لمعهد السلام الأمريكي، درينان، في مقابلة مع “سي إن بي سي”، بأن التصارع على تصدير الطاقة الخاضعة للعقوبات هي قضية هيكلية تمنع العلاقات الروسية الإيرانية من التعمق، وأعادت واشنطن فرض العقوبات على إيران بعد انسحاب الرئيس السابق، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي لعام 2015”.

وأضاف: “فرضت دول غربية عقوبات على روسيا بعد حربها مع أوكرانيا، والتي دخلت شهرها الخامس”. وذكرت “سي إن إن”، أن الجانبين لا يزالان على وشك توقيع اتفاق تعاون استراتيجي. وفي الوقت نفسه، وقعت شركة النفط الوطنية الإيرانية وجازبروم الروسية، مذكرة تفاهم بنحو 40 مليار دولار.

العلاقات المشحونة قد تتحول إلى شراكة

وفقًا لـ“نيويورك تايمز”، فإن بوتين عمل على ترسيخ التحالف الإيراني الروسي، الذي ظهر كثقل موازن كبير للجهود التي تقودها واشنطن لاحتواء الخصوم الغربيين، متابعةً: “لقد كانت إشارة إلى العالم بأنه مع فرض أوروبا وأمريكا الآن عقوبات على روسيا مماثلة لتلك التي خنقت الاقتصاد الإيراني لسنوات، فإن العلاقة المشحونة منذ فترة طويلة بين موسكو وطهران قد تصبح شراكة حقيقية”.

وأفاد مدير برنامج إيران في مجموعة الأزمات الدولية، علي واعظ: “لا تزال روسيا وإيران لا يثق أحدهما بالآخر، لكنهما الآن يحتاج كلاهما إلى الآخر، أكثر من أي وقت مضى”، مكملًا: “لم تعد هذه شراكة اختيار، بل تحالف بدافع الضرورة، ذلك أن الدولتين أصبحتا شبه معزولتين دوليًّا”.

ربما يعجبك أيضا