العنف الجنسي والإعدامات العشوائية.. العنف العرقي يُدمي غرب الكونغو

شروق صبري
رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي

خلاف ضريبي أدى  إلى عنف عرقي يقترب من العاصمة كينشاسا. ما التفاصيل؟


في ظل انشغال العالم بالنزاع الدموي شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، يتفاقم نزاع آخر غرب البلاد بين جماعتين عرقيتين، مما أدى إلى مقتل وتشريد آلاف المدنيين قرب العاصمة كينشاسا.

في 13 يوليو 2024، قُتل 9 جنود و 70 مسلحًا في اشتباكات بقرية كينسيلي التي تبعد 80 ميلاً شرق عاصمة الكونغو كينشاسا، وفقًا للسلطات المحلية، وكانت الاشتباكات الأحدث في موجة من العنف التي بدأت منذ عام 2022، حيث قُتل آلاف المدنيين وشُرد نحو  نصف مليون شخص بحسب تقديرات وكالات الأمم المتحدة.

بداية النزاع “خلاف ضريبي”

بدأ النزاع منذ عامين بسبب خلاف ضريبي بين مجموعتين عرقيتين محليتين، التيكه والياكا. تحول الخلاف إلى نزاع على الوصول إلى الأراضي، مع سلسلة من الإعدامات العشوائية وحرق القرى والعنف الجنسي، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الامريكية يوم 19 يوليو 2024.

وتدعي الميليشيات أنها تدافع عن بعض المجتمعات في المنطقة، وجندت الأطفال وأجبرت النساء على الزواج من المقاتلين ونهبت محاصيل القرويين، مما دفع الناس إلى الفرار نحو كينشاسا، بحسب جماعات حقوق الإنسان وخبراء الأمم المتحدة.

التعايش السلمي يتحول لنزاع

عاشت المجموعتان العرقيتان الرئيسيتان في غرب الكونغو، التيكه والياكا، في سلام نسبي لعقود في مقاطعة ماي ندومبي تحت قاعدة متفق عليها، حيث يدفع الياكا ضريبة للتيكه مقابل الأرض التي يزرعونها.

ولكن عندما زاد زعماء التيكه الضريبة في عام 2022، رفض الياكا الدفع، مما أدى إلى تصاعد التوترات وتحولها إلى نزاع مسلح.

الميليشيات وتصاعد العنف

ظهرت ميليشيا تتكون في الغالب من أفراد من مجتمع الياكا، بالإضافة إلى مجموعات عرقية أخرى، في عام 2022 وأصبحت قوة شرسة. يسيطر مقاتلوها على عشرات القرى في مقاطعات مجاورة لكينشاسا.

ويشهد العنف تصاعدًا مستمرًا، حيث يسيطر مقاتلو موبوندو على مساحات كبيرة من الأراضي، مما يجعل من الصعب وصول المساعدات. كما يفعلون كمائن للتجار لمصادرة المحاصيل لتمويل حربهم.

توسع النزاع وانتشار العنف

أصبح النزاع الآن يشمل أربع مقاطعات، حيث يسيطر مقاتلو موبوندو على مساحات كبيرة من الأراضي، مما يجعل من الصعب وصول المساعدات. بالإضافة إلى ذلك، قاموا بتعذيب السكان المحليين واختطافهم مقابل فدية.

لتهدئة العنف، جندت القوات الكونغولية حوالي 1.000 من المشاركين في النزاع، بينهم مقاتلي ميليشيا موبوندو، وأرسلتهم إلى شمال كيفو شرق البلاد لمحاربة مجموعة متمردة تسعى للسيطرة على العاصمة الإقليمية. وتعمل الحكومة الكونغولية بالتعاون مع الأمم المتحدة والولايات المتحدة لوقف تمويل هذه المجموعات المسلحة ووقف النزاع المستمر.

سلام هش ومستقبل غامض

في أبريل 2024، وقع قادة مجتمعي التيكه والياكا اتفاق سلام بحضور الرئيس الكونغولي، فيليكس تشيسكيدي. لكن الاتفاق لم يُعلن عنه بعد، وهاجم مقاتلو موبوندو قرية بعد أيام قليلة من توقيعه، مما يشير إلى هشاشة هذا الاتفاق وعدم التزام الأطراف المتنازعة به.

حتى الآن، لا يشكل النزاع تهديدًا مباشرًا لكينشاسا، لكن آلاف النازحين وجدوا ملجأ في العاصمة، حيث يعيش العديد منهم في ساحات المدينة. ويعاني النازحون من نقص الغذاء والمأوى، وتعمل المنظمات الإنسانية جاهدة لتوفير الدعم اللازم لهم.

التهديد المستمر لكينشاسا

قالت رئيسة بعثة الكونغو في كاريتاس، ليليان بيتونغ أمباسا “هذه الأزمة تُظَلّلها الأزمة الأخرى في الشرق، لكن في بعض ساحات كينشاسا، تجد 100 أو 200 شخص هربوا من العنف في تلك المناطق.”

ما يزال النزاع مستمراً، وتبقى التحديات كبيرة أمام تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. تتطلب الأزمة الحالية جهودًا دولية ومحلية مشتركة لوقف العنف وتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين، والعمل على بناء الثقة بين المجتمعات العرقية المتنازعة لضمان مستقبل أفضل لجمهورية الكونغو الديمقراطية.

ربما يعجبك أيضا